حين شكَّل الرئيس الشهيد رفيق الحريري حكومته الأولى عام 1992، ورد اسم فؤاد السنيورة كوزير دولة للشؤون المالية، فيما الحريري كان في التشكيلة رئيس حكومة ووزيراً للمالية، هذا يعني أن الرئيس الحريري أراد تسليم ملف المالية، من أول الطريق، لصديقه و»رفيقه» الأقرب فؤاد السنيورة.
«إكتشف» الحريري فؤاد السنيورة «سياسياً» قبل أن يكتشفه مالياً، الرجلان كانا في «حركة القوميين العرب» في بدايات النضال في صيدا، آنذاك لم يكن الحريري قد سافر إلى السعودية بعد.
بداية عودة الرئيس رفيق في أوائل الثمانينات، ونهاية العودة في أواخر التسعينيات، كان السنيورة دائماً في ذهن الحريري، سواء كمستشار أم كوزير.
اليوم، السنيورة هو «آخر حبّات العنقود» من «الحرس القديم» للحريرية السياسية، الذي ما زال في قلب المعمعة. فنادي رؤساء الحكومات السابقين ليس كياناً تنظيميّاً بل هو «حالة معنوية» لم تَرقَ إلى مستوى التجمع أو اللقاء، وهو ليس مقنِعاً لأحد ولاسيما للسنيورة.
تأسيساً على ما تقدَّم، أين يتموضع الرئيس السنيورة اليوم؟
«نادي رؤساء الحكومات» ليس قوة ضغط.
تيار المستقبل كلمتُه فيه غير مسموعة خصوصاً داخل بيت الوسط.
يَنظر إلى «لوحة قيادات وأركان الحريرية السياسية» فيجد أسماء ثابتة وأسماء ابتعدت أو أُبعدت»: أين بهيج طبارة وفريد مكاري ونهاد المشنوق وأشرف ريفي وخالد ضاهر وآخرون؟
فؤاد السنيورة لا يهدأ ولا يستكين ولا يتراجع.
استعملوا معه القوة في مطلع التسعينيات بسبب إشكال بينه وبين المؤسسة العسكرية، اعترفت القيادة يومها بأنها استعملت القسوة بحقه وأنها أخطأت لكنها اعتبرته «خطأ» مدروساً، وهو التعبير الذي استخدمه أحد المسؤولين الأمنيين آنذاك.
أين الرئيس السنيورة اليوم؟
نادي رؤساء الحكومات السابقين «مُقفَل»: الرئيس ميقاتي في السراي، الرئيس الحريري في الإمارات، الرئيس تمام سلام أعلن عزوفه عن الترشح، وهو عملياً في حال عزوف سياسي، فهل يجتمع الرئيس السنيورة مع نفسه؟
موحشٌ المشهد، لكن الرئيس السنيورة لا يستكين، فمَن حوصِر في السراي لأحد عشر شهراً، لا يجد صعوبة في مواصلة المواجهة.
هو اليوم أقرب إلى «الهندسات الإنتخابية»، يعترف الجميع بقدراته «الحسابية» لكنهم لا يلتزمونها ولا يعتبرونها ملزِمة لهم، يسعى لإدارة «الاوركسترا الإنتخابية»، لكن كيف سينجح إذا كان قائداً للأوركسترا وعازفاً في آن واحد؟
«أبناء البيت» له بالمرصاد، قبل خصومه، لكنه على ما يبدو، لا يهابهم، فهو حتى اليوم يعمل عند رب عمل واحد اسمه رفيق الحريري، ولا يُقدِّم «جردة حساب» إلا له!
ماذا يمكن أن يطلب الرئيس الشهيد منه؟ جمع الشمل؟ هل ينجح في هذه المهمة شبه المستحيلة؟
أيًا كان توصيف المهمة، فإن الرئيس السنيورة سيبقى يحاول.