IMLebanon

السنيورة: النظام الديمقراطي تمّ تخريبه ودور رئيس الجمهوريّة لم يعد جامعاً

 

يرفض إزاحة البيطار ويُطالب باستقالة قرداحي مدخلاً للحلّ

 

ينتقد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة عدم التزام المحقق العدلي في تحقيقات المرفأ مبدأ العدالة في تحقيقاته ويغالطه في اجتهاداته القانونية، وهو ما جعله يضع نفسه في موقع المستهدف ومع ذلك يرفض مبدأ المطالبة بإزاحته. يقارب الأزمة مع المملكة من باب ألّا تزر وازرة وزر اخرى، ويؤكد ان استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي هي المدخل للحل مع السعودية بدون ان يفوته القول ان اصل المشكلة ناتج عن خلل في السياسات الخارجية للبنان وتراكم مزمن.

 

يمكن تصنيف رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة انه من ضمن قلة قليلة تقول في السر ما تقوله في العلن. يسمي الاشياء بأسمائها واضعاً الاصبع على الجرح. رغم الحدة في مواقفه وصراحته الا انه من خارج الداعين الى المواجهة بالسلاح او من خلال الاصطفافات المذهبية. يقارب الحاضر بروايات من الماضي، فيستعين بقول الحجاج بن يوسف ” والله لاجعلنّ لكل واحد منكم شغلاً في جسده” للتدليل على المرحلة الصعبة التي وصل اليها المواطن اللبناني بحيث بات يكتفي بتدبر اموره بعيداً عن متابعة ما هو حاصل من حوله. ورغم مرور الزمن لكن واقعنا لم يتغير بعد وهذا ما تؤكده المؤتمرات الاقتصادية التي عقدت في السابق والمطابقة لواقع اليوم، فالاصلاحات لم تحصل وما زلنا نبحث عن الحلول خارج المكان المفترض، ولا نستفيد من المخارج الممكنة. اما الوجع الاكبر فيكمن في المبالغ التي حصل عليها لبنان كمساعدات ولم يستفد من معظمها نتيجة الاخفاق في تحقيق الاصلاحات اللازمة فيما الاوضاع لا تزال على حالها”.

 

يعارض منتقدي النظام “سائق السيارة الذي يخالف قانون السير فيتسبب بحادث لمن خلفه لا يعني ان العلة في القانون وانما في المخالفة وكذلك الامر بالنسبة للنظام” يشدد على ان” المشكلة ليست في النظام بل في من لا يلتزمون بأسس هذا النظام القانونية. حتى وصلنا الى تخريب النظام البرلماني والى تخريب دور رئيس الجمهورية”. يقول: “يقوم النظام البرلماني على اربع قواعد تم تخريبها وهي وجود اكثرية تحكم، وأقلية غير مهمشة تعارض، وقضاء مستقل، وادارة حكومية غير مستتبعة. فأين اصبحنا اليوم، كنا في توزيعات ادارية فصرنا في حصص حكومية، والادارة والوزراء مستتبعون للاحزاب”. الحكومة برأيه هي “مكان للقرار وليس للمساجلات”، وقد “تحولت الحكومة الى برلمان مصغر ومكان للمساجلات والفيتوات، واذا لم نتفق تقوم بالمقايضة. اذاً النظام الديموقراطي تم تخريبه. ورئيس الجمهورية الذي يفترض ان يكون حامياً للدستور ورمز الوحدة الوطنية لم يعد بمقدوره القيام بدوره الجامع”.

 

من هنا يدخل السنيورة الى صلب الموضوع لمقاربة مسألتين في غاية الاهمية ويشكّلان موضوع الساعة راهناً وهما ملف المرفأ والقضاء وتصريح وزير الاعلام جورج قرداحي ضمن برنامج “برلمان الشعب” وتداعياته على مستوى الازمة مع المملكة السعودية.

 

قضائياً يتحدث رئيس الحكومة السابق عن “قلة تبصّر على مستوى التحقيقات القضائية” اجتهد القاضي بطلبه جلب رئيس الحكومة والوزراء والنواب بطريقة معينة للتحقيق معهم بينما لهؤلاء محكمة خاصة بمحاكمتهم، وميز بين الناس بينما كان يفترض به ان يرفع الحصانة مسبقاً عن الجميع”. يقول ان “الثمن لعدم التزام وحدة المعايير أوصل الى مرحلة لم نعد نفهم فيها ما يحصل الى ان انتهينا بصراع بين القضاة”. ما يعني “ان القاضي وضع نفسه في موقع جعله مستهدفاً، وبعمله بدا كمن يبحث عن القشور ويترك الفحوى المفيد اي من اتى بالنيترات ومن اين اتى بها”. ورغم ذلك يرفض ازاحة قاضي التحقيق طارق البيطار لكنه مع اعادة الاعتبار والاحترام الكامل للدستور اي محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب في محكمة خاصة، والعودة الى اساس القضية وليس الدخول في متاهات تحرف التحقيق عن مساره الدستوري والقانوني. رافضاً بالمطلق الطرح الذي يتحدث عن امكانية المقايضة بين التحقيق في جريمة المرفأ واستقالة الوزير قرداحي.

 

السعودية وقرداحي

 

اما لناحية موقف قرداحي فاستنتاجه ان مقابلة قرداحي كانت من الاساس أشبه ما يكون بطلب فيزا للوصول الى الوزارة. ولكن هل يستأهل ما قيل كل هذا الضجيج؟ يقول “اذا نظرنا الى ما حصل كجزء في سياق فقد كانت هناك ممارسة تعود لفترة زمنية بدأت مع حديث لوزير في مقابلة تلفزيونية ثم كلام آخر لوزير عن المخدرات الى ان وصلنا الى تصريح قرداحي والذي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. القشة لا تقطعه وانما التراكم، وهكذا هو وضع العلاقة مع المملكة حيث كشفت الممارسات عن اختلال في السياسة الخارجية للبنان. ورغم ذلك لم يحرجه الاعلان عن قناعته بألا تزر وازرة وزر اخرى وتحميل الجميع مسؤولية ما حصل.

 

صحيح ان ما نراه من اجراءات خليجية بحق لبنان ليس الا رد فعل ولكن الاصعب اننا وحتى هذه اللحظة اشبه بمريض لديه امراض متراكمة تسببت له باشتراكات فلا هو مقتنع بمرضه ولا بالناتج عنها او البدء بتلقي العلاج اللازم. والمقصود بالعلاج كبداية للحل هو استقالة القرداحي اما استقالة رئيس الحكومة فهي حق له ان يلجأ اليه عندما تقتضي الظروف لكن لا مصلحة الآن في استقالة الحكومة، في الوقت نفسه لا يعني أنه لا يمكنها أن تستقيل”.

 

لا يفوته التذكير بان هناك دولة لبنانية مخطوفة من قبل “حزب الله” الذي بدأ بحسبه يشعر بالضيق بدليل تكرار الحضور والخطابات المتتالية” متابعاً “في 7 ايار لم يتكل على سلاحه فقط بل على حلفائه وعلى ما يبدو فان الوضع قد تغير وقد سحبت السجادة هذه من تحته”.

 

يؤكد حضور ودور نادي رؤساء الحكومات قائلاً “لا شك أن هناك منزعجين من نادي رؤساء الحكومات، لكني اطمئنهم بأن النادي مستمر وسيبقى “الخرزة الزرقا” بدون ان يفوته التأكيد على الفكرة الاساس التي يطمح لتحقيقها وهي المنصة الوطنية الشاملة التي يحتاجها البلد، كإطار اوسع من نادي رؤساء الحكومات.

 

لا يرى مبرراً للتشكيك في حصول الانتخابات النيابية، لكنه ليس مرشحاً “تركت موضوع المراكز وأهتم بالدور”. يعتبر ان الاخبار التي تتحدث عن عدم خوض الرئيس سعد الحريري للانتخابات “غير صحيحة وليست حلاً”.

 

ليس لديه حلول سحرية لامراضنا المتراكمة وما نتج عنها لكن يؤكد ان العدالة يجب الا تكون انتقائية مع وجوب العودة الى الاصول. عندما ابتعدت الدولة عن منطق النأي بالنفس اي تحييد لبنان عن الصراعات كانت التراكمات الى ان وصلنا الى ما وصلنا اليه”. لكن علاج كل ذلك “لا يكون بالتصادم او المواجهة العسكرية بل بالحكمة والاحتضان والموقف الواضح والعودة الى الدولة واستقلال القضاء”.

 

يتوقف عند ما تشهده المنطقة والدور الاميركي الذي لم يستقر على رأي بعد ليقول ان حالة الضياع موجودة في كل العالم العربي حيث هناك ضبابية في الموقف للمستقبل. وهذا ليس مدعاة لليأس وثمة امل لان نقف مجدداً في لبنان. لينهي مقتبسا عن امرؤ القيس:

 

بَكى صاحِبي لَمّا رَأى الدَربَ دونَنا وَأَيــقَــنَ أَنّــا لاحِـقـان بِـقَـيـصَـرا

 

فَــقُــلتُ لَهُ لا تَـبـكِ عَـيـنَـكَ إِنَّمـا نُـحـاوِلُ مُـلكـاً أَو نَـمـوتُ فَـنُـعذَرا