IMLebanon

مع جعجع في وقفة وطنية وانتخاب رئيس: مؤتمر تأسيسي نتفق على النظام والرئيس وصلاحياته ومواصفاته

 

لنتفق أولًا أن لبنان تركيبة فرنسية لمصلحة فرنسية، خطّ حدوده الجنرال الفرنسي دو تبول 1862؛ وبالتالي فما قاله الكاردينال الراحل صفير «نحن من أنشأنا لبنان» إدّعاء لا يؤخذ بالاعتبار.

ولنتفق ثانياً على أن مجد لبنان  إنما يكون لمن حرّروه و/ أو طوّروه، وليس لأحد سواهم.

 

ولنتفق ثالثاً أن من حق الجميع طرح رؤيتهم للبنان، من وعلى خلفية  وطنية، لإقامة الدولة العصرية العادلة الحرّة السيدة المستقلة التي تحمي شعبها و تؤمّن له عيش حياة حرّة كريمة، فلا حرية بلا كرامة، ولا كرامة بلا حرية.

 

ولنتفق رابعاً في مؤتمر تأسيسي (فور دحر العدوان الصهيوني) على النظام الجديد ومؤسساته وصلاحيات المسؤولين ومواصفاتهم لا انتمائتهم المذهبية، ننتخب بعدها رئيس عتيد بمواصفات (لا تحديد لمذهبه) وصلاحيات نتفق عليها  لتنفيذها. ووضع عقيدة قتالية للجيش وسياسة دفاعية عن لبنان.

وفيه تكون مراجعة مقدمة  الدستور فمعظم موادها تصلح عناوين لثوابت:

ح -: إلغاء الطائفية السياسية.

ط- لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين…

التأكيد على المواد السابعة و12 ومراجعة العاشرة وتذكير بالمادة 22 (مجلس الشيوخ ) وفي المادة 49 حول صلاحيات فخامته:

«رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور. يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو  القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء».

 

وبالمادة الخمسين وفيها: يمين الإخلاص للأمة ومنه ينطلق، وما فيه المواصفات التي حدّدها جعجع:

 

وتوضيح صلاحية كل من رئيسي الجمهورية (لا صلاحية له في تشكيل الحكومة) ورئيس الوزراء الذي يشكّلها. الرقم 2 من المادة 64 والتأكيد على تنفيذ المادة 95  بإلغاء الطائفية السياسية وإلغاء قاعدة  التمثيل المذهبي…

وتعديل الدستور وفق المواد 76 – و77 – 78 – 79، حول صلاحيات  الرئيس ومجلس النواب.

*****

مُلْحّ أن تتقدم الوحدة الوطنية الشعبية على أي وحدة، فهي وحدها تلزم اللبنانيين جميعاً، وأي دعوة لوحدة أخرى عامل تفرقة بصرف النظر عن أهميتها. وملحّ أن يكون لبنان أولًا، وقد تُرك يواجه التفجير والتدمير والمجازر الصهيونية وحده، وقد بلغت ذروتها بالمس بالمحرّمات وبالمقدسّات ورموز يراها أنصارها وناسها فوق الحكام بما أعطت وقدّمت وضحّت.

وعادي أن يختلف اللبنانيون في الأمور السياسية الداخلية، ولكن ما ليس عادياً هو الانقسام حول الهوية والانتماء والتحالفات والارتباطات والعداوات.

ولئن خرج فريق من اللبنانيين عن هذه المسلمات فليس ذلك مبرراً للخروج عليها، وتبنّي إملاءات العدو الصهيوني، فذلك يعني أن المزايدين هم في أزمة هوية وانتماء، إذ أن مساعدتهم للعدو بما يريد  فرضه علينا تعني أنهم عملاء للعدو  الصهيوني بامتياز.

*****

«دفاعاً عن لبنان»، تحت هذا العنوان التضليلي الْتَمَّ  (في معجم المعاني الجامع: اللَّمَّةُ: الناسُ المجتمعون) في معراب ظهر السبت 12/10/2024 لِمَّة تبنّت طروحات  العدو الصهيوني وروّجت إملاءاته مغلّفة بإدّعاء الحرص على لبنان، وكأن الحرص على لبنان يكون بغير الحرص على شعبه وحريته وسيادته والدفاع عنها، فعلت أصواتهم بـ«كلمات حق أريد بها باطل».

ما كان متوقعاً – بحسن نيّة – منهم غير ما شاهدنا وسمعنا، وإن كان الأجدى أن يبرهنوا ولو لمرة واحدة أنهم شريحة من هذا الشعب – وإن قلّ عديدها – يتألمون لألمه ويشعرون بمعاناته، بدل تلك  الشماتة والأستذة المتعالية .

*****

سعى السيد جعجع لتسجيل انتصار – ولو افتراضي – يتيم في مسيرته، بعد امتلاكه أكبر كتلة نيابية؛ امتلكها بفضل قانون ظالم سوقه حلفاء عدوه جبران باسيل خدمة لباسيل، فكانت فيه هزيمته السياسية لصالح جعجع.

رسم جعجع مشهدية فضولي [يشفق على المصابين ويتعاطف معهم تعاطف من لا يمتّ إليهم  بصلة] لفت نظره على ما قال في بيانه الختامي «ما يعاني اللبنانيون من قتل وتهجير ودمار، وبعد مراعاة الظروف الإنسانية في الفترة السابقة [ما الذي راعاه هو ومريدوهَ؟!] ، لا بد اليوم من وقفة وطنية لإيقاف مآسي اللبنانيين وقلب الظروف التراكمية التي أدّت إليها…».

*****

ولم بغب عن باله هذه المرة أن «معراب» ليست روما القرن الواحد والعشرين وأنها ليست واشنطن، فاكتفى بعدة عناوين داخلية، أبرزها: العودة إلى الدولة، تطبيق القرارت الدولية، [كان العدو الصهيوني هو المعرقل: هدنة 1948 – 425- 426 – 1701…، أو الدافع للتعطيل 1559 – 1680]، وإنجاز الاستحقاقات الدستورية من انتخاب رئيس [كان جعجع وحلفائه من المعرقلين] إلى تشكيل حكومة.

«… واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة [نذكر بهيمنة  المارونية السياسية وملحقاتها] والسلاح والفساد وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان، وتدخّلها المباشر، المرفوض، عبر إدارة مباشرة للأعمال العسكرية استخدمت جزءاً من الشعب اللبناني في حروبها، إما كأدوات قتالية أو كدروع بشرية». ونسي جعجع الاحتلال الأميركي سنتي 1958 و1982 بذرائع و مسميات، والفرنسي و الصهيوني طوال الحرب الأهلية المدولة 1975 -1990، وبالمناسبة، الإشارة إلى عداوة الصهاينة لشعبنا، في المداولات والبيانات وتحليلات خبراء «المتفهمين» وأبواقهم ومحطاتهم ومطبوعاتهم، الإشارة جاءت خجولة…

ومما جاء في البيان الختامي: «لا استقرار من دون بناء دولة تجمع جميع مواطنيها بعدالة ومساواة، ومؤسسات تحمي حقوقهم جميعاً من دون تفرقة أو تمييز. في هذه المرحلة، لا بد من استعادة هذه الدولة [باستثناء العهد الشهابي لم تكن تلك الدولة العتيدة موجودة حتى يستعيدها] بعد تفكك الكيان وانهيار الهيكل على رؤوس الجميع، واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة (نذكر باستئثار المارونية السياسية وملحقاتها) والسلاح والفساد وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان، وتدخّلها المباشر، المرفوض، عبر إدارة مباشرة للأعمال العسكرية استخدمت جزءاً من الشعب اللبناني في حروبها إما كأدوات قتالية أو كدروع بشرية» [منذ أكثر من ألف عام ارتبط الموارنة بفرنسا؛ فقد  نظر الملك الفرنسي لويس التاسع (قائد الحملة الإفرنجية الرابعة لتحرير القدس) إلى المسيحيين في لبنان كجزء من «فرنسا»، فساعدهم وعاونهم وأرسل إليهم الهدايا، والأهم، أنه تعهّد بحمايتهم في رسالة واضحة وصريحة مؤرّخة في24 أيار من العام 1250 فيها: «نحن مقتنعون بأن هذه الأمة التي تُعرف باسم القديس مارون، هي جزء من الأمة الفرنسية».

وعيّن الملك لويس الرابع عشر لبنانيين مسيحيين موارنة من أسرة آل الخازن، قناصل له لدى لبنان، وبعده كتب المطران الماروني  نقولا مراد إلى الامبراطور الفرنسي نابليون الثالث «نحن عبيد  جلالتكم»، وفي العام 1845 رفع الموارنة العلم الفرنسي على قمم جبال لبنان. وفي العصر الحديث قال النائب الماروني سامي الجميل في نيسان 2023: «أتمنى ألا يتم تسليم لبنان إلى سوريا وإيران وحزب لله، ونحن نعتبر أن لبنان بحاجة إلى فرنسا كي تكون داعمةً لقراره الحر، ورافضةً لأي إملاءات على اللبنانيين، وهم لا يستطيعون أن يفرضوا علينا مرشحين». والموارنة لا يتحمّلون مسؤولية طروحات من عددنا.

لبنان لم يستسلم، وإملاءات العدو الصهيوني لن تفرض على شعبه.

وما دويلة سعد حداد وإسقاط 17 أيار وإخراج القوات المتعددة الجنسيات و… إلّا عبرة…

فاعتبروا!!!!

* مؤرخ وكاتب سياسي