يُنتظر أن يكون الأمن في أسبوع نهاية السنة موضعَ عناية فائقة لدى القوى العسكرية والأمنية التي ستخوض تحدِّياً جديداً في منع حصول ما يُعكّر صفوَ احتفالِ اللبنانيين بإستقبال السنة الجديدة، وإثبات قدرتها أكثر فأكثر على ضبط الأمن، خصوصاً أنّ البلاد تُقبل على استحقاقات كبرى في السنة الجديدة يشكل الاستقرارُ الأمني عاملاً أساسياً في إنجازها.
يدور في بعض الأوساط السياسية حديث عن معطيات أمنية توافرت لجهات تقف على طرفَي نقيض في النزاع السياسي بالمعنى الأمني تحذر من ارتفاع منسوب الخطر على أمن لبنان عشية الأعياد، وهذا الخطر قد يتجسّد في منطقة الجرود على الحدود اللبنانية ـ السورية، خصوصاً في ظلّ سعي تنظيم «داعش» الحثيث الى أخذ البيعات من قوى «الجيش السوري الحرّ» وألويته الموجودة في منطقة القلمون بغية حشر «جبهة النصرة» و«أبو مالك» التلّة ووضعهما أمام أحد خيارَين: إما مبايعة «داعش»، وإما الاضطرار الى خوض مواجهة لا يريدها «أبو مالك» التلّة، خصوصاً أنه من أقل الراغبين على مستوى قيادات «النصرة» في سوريا بمواجهة «داعش»، والأقرب ميلاً الى مهادنتها.
وفي هذا السياق إستقدمت «داعش» أخيراً من منطقة الرقّة الى منطقة القلمون قيادات جديدة لمساعدة أميرها في القلمون أبو عبد السلام على توطيد أركانها في تلك المنطقة، وفي حال نجاح هذا التحدي الداعشي في هذا الأمر فإنه سيضع لبنان أمام مجموعة من التحدّيات الجديدة:
– التحدي الاول، يتعلق بقضية العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و»جبهة النصرة» في جرود عرسال والقلمون، فهذه القضية تشكّل جرحاً قد يصبح أكثر تعقيداً مما هو عليه الآن.
– التحدي الثاني، يتصل ببلدة عرسال التي تتبع «الإمارة الاسلامية» الداعشية، وما إذا ستعمد الى مبايعة «داعش»، خصوصاً اذا تمّ تحييد «ابو مالك» التلّة و»جبهة النصرة».
– التحدي الثالث، هو أمام الجيش اللبناني المعني بالعنوانَين السابقين والمعني ايضاً بمنع حدوث أيّ اختراق نوعي داعشي عبر الحدود، سواء في مناطق انتشاره أو في منطقة العمليات المعني بها مباشرة.
– التحدي الرابع، أن يعمد الإرهاب الى محاولة ضرب الأمن الوطني عموماً خارج جغرافيا منطقة البقاع كمشهد مشابه لما جرى عشية حصول حادثة انتحاريّي أوتيل «دي روي» في محلة الروشة في بيروت قبل بضعة أشهر.
ويقول المصدر إنّ كلّ هذه المعطيات وغيرها من عشرات التقارير الأمنية السرّية تثقل طاولات المعنيين في أجهزة الأمن اللبنانية على تنوّعها التي تتعاطى مع هذه المخاطر المحدقة بمستوى عالٍ من الجدّية، خصوصاً أنّ البلاد عشية أسبوع أعياد يشكل عاملَ إغراء إضافي من حيث التوقيت لهذا النوع من الاستهداف الأمني الجاذب للضوضاء الإعلامية».
وفي هذا السياق يكتسب الحوار الذي انطلق بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» أهميةً قصوى لأنّ أحد أبرز الأهداف الكبيرة لهذا الحوار هو توحيد الرؤية لمواجهة هذا الإرهاب الذي يستهدف الطرفَين المتحاورَين، فيما أهدافه الصغيرة لا تقلّ أهمية عن أهدافه الكبيرة وهي تتمثل بتبريد المناخ المذهبي بما يؤدي في شكل غير مباشر الى تخفيف البيئات الحاضنة التي قد يحتاج إليها هذا الإرهاب لتوجيه ضرباته. ولذا فإنّ هذا الحوار معنيٌّ مباشرة بمواجهة المخاطر الأمنية، وهذه المواجهة قد تكون إحدى أهم غايات الحوار في ظلّ الإقفال السائد في المشهد السياسي الكبير.
ويعتقد المصدر أنّ الوضع السائد في المخيمات الفلسطينية، ولا سيما منها مخيم عين الحلوة، لا يثير قلقاً كبيراً من احتمال أن تتوسله المجموعات الإرهابية في ما يمكن أن تخطط له من هجمات، لأنّ صيرورة العلاقة السائدة بين الدولة والمخيمات، وفي ظلّ نموذج حرب مخيم نهر البارد عام 2007 الذي ما زال جاثماً على صدور الجميع، تمنع حصول أيّ إستغلال لساحة المخيمات، وقد تمّ تجاوز قطوعات صعبة كثيرة في مراحل عدة من السنة الجارية وفي السنوات التي سبقتها.
ويشير المصدر الى أنّ الوضع في مخيم عين الحلوة وهو المخيم الاكبر في لبنان ممسوكٌ بما يمنع المجموعات الارهابية والمتطرفة من القيام بأيّ مغامرات في داخله أو خارجه من خلال التعاون القائم بين الجيش اللبناني ممثلاً بمدير مخابراته في الجنوب العميد علي شحرور، و«عصبة الأنصار» المثل الاساس للقوى الإسلامية في المخيم، والمجتع المدني والأهلي الفلسطيني بما فيه الفصائل الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير وغيرها. وهذا المثلث نجح حتى الآن، في تمكين المخيمات من تجنّب كأس حرب نهر بارد جديدة.