IMLebanon

أربع سنوات لمقدمي الخدمات في الكهرباء: هدر وفشل ومخالفات

بعد أربع سنوات على مشروع شركات مقدّمي الخدمات في قطاع الكهرباء، من المهم أن يطرح سؤالٌ بسيط من كلمتين: ماذا تغيّر؟

قبل الإجابة عن السؤال، لا بدّ من الحديث عمّا يدور اليوم في «مؤسسة كهرباء لبنان» ووزارة الطاقة، إذ تشير المعلومات أنّ الاتجاه هو للتمديد للشركات لفترة انتقالية تتراوح بين شهرين و6 أشهر، بحجة أنّ الفراغ سيصبح أمراً واقعاً بدءاً من 28 آب الحالي، موعد انتهاء العقود.

ويتخوّف المياومون والمستخدمون في الشركات الذين تسلّموا تبليغات انتهاء العقود، أن يكون ذلك تحضيراً للتمديد للشركات بضعة أشهر ثمّ تجديد العقود معها، بعد رمي المياومين خارجاً والاستعانة بموظفين جدد، علماً أنّ هناك وفراً جيداً في ميزانية الكهرباء نتيجة تراجع أسعار النفط.

هذه الخطوات، إن حصلت، ستشكل خرقاً للتعديل الذي كان وزير العمل السابق سليم جريصاتي عرّابه في العام 2012، والذي أراد منه ضمان ديمومة العمل للمياومين تحت جناح مقدمي الخدمات، فكيف يتم اليوم إعلان إنهاء العقود معهم قبل أن يتخذ قرار حاسم بخصوص التمديد أو التجديد أو عدمهما؟

أمام هذه الفوضى العارمة، قرر «مجلس الخدمة المدنية»، أمس، وبعد اعتصامٍ رمزي للمياومين أمامه، تأجيل مباراته عن فئتي 5/1 و5/2 والتي كان من المفترض أن تحصل في 13 آب الحالي.

ماذا تغير بعد تجربة أربع سنوات مع شركات مقدمي الخدمات؟

في الواقع وحتى لا يُظلم أحد، يمكن القول إنّ أحوال الكهرباء ما زالت كما كانت قبل الشركات، أي سيئة، لا بل سيئة جداً. ولا يمكن طبعاً تحميل المسؤولية للشركات وحدها، فمعاناة الكهرباء أسبابها كثيرةً، بشرياً وتقنياً.

في قائمة أولويات الشركات كانت العدادات الذكية، وقد تبخّرت في الهواء، علماً أنّ الشركات كانت تتقاضى مبالغ طائلة على أساس أنها تحضّر لمشروع العدادات الذكية، وأنها تؤمن ديمومة العمل للمياومين. فلا الأولى تحققت، وها هي الثانية تتهاوى كأوراق الخريف.

في المعلومات المتوافرة لـ «السفير» أنه «قبل أشهر قليلة، طالبت الشركة الاستشارية NEEDS بفرض خصومات مالية تقدر بـ 100 مليون دولار على الشركات كونها قصرت في واجباتها وخالفت الشروط».

كما أن توصيات تقارير التفتيش المركزي لم تترك كلمة إلا وقالتها عن سوء أداء مقدّمي الخدمات وطالبت بعدم التجديد لها. ونصت بعض التقارير على اقتراح عقوبات مسلكية لجميع الفنيين وحسومات مالية على كل من المتعهد والإستشاري، في خط مناطقي (الجنوب)، إنما ووفق الإيقاع «اللبناني» للأمور، ما زالت الأشغال على هذا الخط متوقفة، ما يتسبب بمزيد من الهدر للمال العام.

ووفق ما ورد في الكتاب الذي رفعه التفتيش المركزي إلى مدير عام «مؤسسة كهرباء لبنان» كمال الحايك في 22 شباط الفائت، إن المخالفات الحاصلة في الخط ـ موضوع الشكوى ـ «ما هو إلا عيّنة من المشاكل والتجاوزات الموجودة على الشبكات المنفّذة والتي تنفذ في مختلف المناطق اللبنانية، أيّ مع شركات مقدمي الخدمات الثلاث BUS-KVA-NEUC».

وعلى سبيل المثال، ذكر التقرير شوائب تنفيذ مشروع إنشاء شبكات توتر متوسط 15 KV (مجدل عنجر، سن الفيل، جل الديب، بصاليم)، مشيراً إلى أن التفتيش المركزي طلب من كهرباء لبنان التدخل أكثر من مرة ولم تفعل.

ويقول التقرير ان «عدم اتخاذ إجراءات جدية وعقوبات رادعة بحق المتعهدين ـ الإستشاري ـ المستخدمين، من شأنه أن يؤدي إلى فلتان على مستوى تنفيذ جميع أشغال الشبكات (هوائية ومطمورة)، الأمر الذي يستدعي من التفتيش المركزي التشدد وعدم القبول بالنتائج الهزيلة والتوصيات الضعيفة التي خلص إليها التحقيق وبالتالي عدم إبلاغ الشاكي بهذه النتيجة ريثما يتم تصحيح الخلل».

ورفعت «نيدز» و «لجنة متابعة أعمال شركات مقدمي الخدمات» قبل التمديد أربعة أشهر لها في آذار الماضي، تقريراً لمجلس إدارة المؤسسة، أعلن فشل الشركات، واعتبر أن التجديد لها غير مفيد، مطالبا «بعدم التمديد لها».

استنادا الى ذلك، أنهت «كهرباء لبنان» أعمال «نيدز» ولم يشملها التمديد، وقررت المؤسسة، في المقابل، بناء على تقرير مستشار قانوني، التمديد للشركات أربعة أشهر.

وأمس، أقفل المياومون الطريق أمام «مؤسسة كهرباء لبنان» بالاتجاهين احتجاجاً على المماطلة في حلّ قضيتهم ومنحهم الحق بالتثبيت وبحياة كريمة، وأعلنوا «التوقف عن العمل لحين معرفة ما سيحدث».

ولم يخلُ الاعتصام من بعض التصادم مع القوى الأمنية.

وطالبت لجنة العمال المياومين وجباة الاكراء إدارة المؤسسة بإلحاق الناجحين بالفئتين 4/1 و4/2 الى ملاك المؤسسة في أسرع وقت ممكن. وحذرت شركات مقدمي الخدمات من مغبة صرف العمال المياومين».

لماذا رفضت «نيدز» دفع المبالغ الكاملة؟

لم تبلغ نسبة تنفيذ الأشغال من قيمة العقد بالنسبة لشركة BUS إلا 48.7 في المئة، و34.4 في المئة لـKVA و33.7 في المئة لـNEUC. هذا وفقاً لتقرير الشركة الاستشارية «نيدز» ولجنة مراقبة أعمال مقدمي الخدمات. أما القيمة الموافق على دفعها من قيمة العقد، فقد بلغت للشركات الثلاث على التوالي: 42.5، 28.7، 29 في المئة. والسؤال الذي يُطرح، لماذا رفضت «نيدز» دفع المبالغ الكاملة التي طلبتها الشركات واكتفت بقبول نسب منخفضة من هذه المبالغ؟

ويذكر التقرير «إن الفرق بين مجموع قيمة أول فاتورة مقدمة من مقدمي الخدمات عن كل كشف قبل درسه ومجموع القيمة المصادق عليها من إدارة المشروع بلغ حوالي 93.4 مليون دولار، منها حوالي 35.4 مليون دولار، نتيجة تقديم كشف غير مكتمل من قبل مقدم الخدمات، وحوالي 38.5 مليونا حسومات بسبب مؤشرات الأداء وحوالي 32.1 مليون دولار نتيجة عدم تقديم مستندات مثبتة».