علم أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد خلوات واجتماعات مفتوحة لمعظم الأحزاب والقوى السياسية، في ضوء أجواء تتحدّث عن السعي لعقد لقاء نيابي موسّع للفريق الذي كان ينضوي في قوى 14 آذار، في حين أن بعض التيّارات الحزبية التي تسعى لإعادة تقييم المرحلة السابقة، والإستعداد لحقبة جديدة، أي ما بعد عهد الرئيس ميشال عون، وهذا ما ينسحب على «التيار الوطني الحر» الذي، ووفق مصادر مطلعة، يتحضّر لعقد اجتماعات حزبية مفتوحة تتناول بعض العناوين الأساسية، وقد تنعقد في إحدى الأديرة أو في مقرّ «التيار» في ميرنا الشالوحي وفق العناوين التالية:
ـ أولاً تقييم مرحلة الإنتخابات النيابية والأسباب التي أدّت إلى تراجع «التيار» في بعض الدوائر، ولا سيما في جزين وبعبدا، وبشكل عام على مستوى جميع المحافظات، وقراءة التحالفات من زاوية جدواها أكان إنتخابياً أو سياسياً والشروع في إجراء نفضة شاملة على كل المستويات السياسية والإنتخابية والحزبية، ليُتوّج ذلك بمؤتمر عام للحزب.
ـ ثانياً، الإستحقاق الرئاسي، والذي يعني «التيّار الوطني» بشكل أساسي، ولا سيما أن مؤسّسه هو من سيغادر قصر بعبدا في الخريف المقبل، ورئيسه النائب جبران باسيل لم يسحب من حساباته مسألة ترشّحه لرئاسة الجمهورية، خلافاً لما يقال بأنه انسحب من السباق الرئاسي، والدلالة جولته الأوروبية الأخيرة، والتي كانت متعدّدة الأهداف، وفي مقدّمها السعي لرفع العقوبات الأميركية عنه، إضافة إلى «جسّ نبض» الدول التي زارها والمسؤولين الذين التقاهم حول نظرتهم لهذا الإستحقاق، وخصوصاً بالنسبة لإمكانية ترشّحه، في حين أنه وفي حال لم يكن هناك من حظوظ لباسيل للوصول إلى قصر بعبدا، فإنه سيدعم شخصية سياسية، إما من «التيار الوطني»، أو مقرّبة منه، وفيما لو سُجّل إجماع من حلفائه على مرشح آخر مثل رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، فإن «التيار البرتقالي» لن يوافق إلا بشروطه كي يحافظ على وزنه السياسي الفاعل في العهد الجديد، وفي مؤسّسات الدولة وعلى المستويين الوزاري والنيابي، بمعنى أن يكون له حصة وازنة من خلال الشروط التي سيطرحها على المرشّح الرئاسي لدعمه في هذا الإستحقاق.
ـ ثالثاً، لا شك أن الأسابيع القليلة المتبقية لمغادرة رئيس الجمهورية ميشال عون لقصر بعبدا، ستشكّل نقطة تحوّل لدى «التيار» الذي كان مدعوماً بالكامل من قبل العهد، والجميع يتذكّر كيف تعطّلت عملية تشكيل الحكومات، وتأخر التكليف والتأليف من أجل أن يرضى باسيل وتياره، وينالوا حصتهم ، ولهذه الغاية، فإن اللقاءات التي تحصل بعيداً عن الأضواء، تشدّد على ضرورة عدم التسليم والقبول بما يطلبه هذا الفريق وذاك، كي لا يخسر «التيار» أوراقاً كثيرة في العهد الجديد وتتغيّر كل المعادلات والظروف، فالعمل جارٍ بكل هذه المسائل بين رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الحر» حول ترتيب أوضاع «التيار» قبل مغادرة مؤسّسه وانتهاء ولايته، تجنّبا لأي مفاجآت أو أن يصبح «التيار البرتقالي» كبعض الأحزاب المسيحية دون أي وزن سياسي، أو أن لا يتمكن من فرض شروطه خلال المرحلة المقبلة في التكليف والتأليف وإدارات الدولة، وعلى كافة الأصعدة.
من هنا، فإن هذه العناوين بدأت تقض مضاجع «التيار»، كما تضيف المصادر، وذلك تحسباً من القادم على اعتبار أن الأجواء الراهنة الداخلية والإقليمية تستبعد وصول باسيل إلى رئاسة الجمهورية، وأيا يكن الرئيس، وتحديداً إن كان من خارج «التيار الحر»، أو من المقرّبين منه، لا يمكنه أن يلبي رغباته وشروطه كما كانت الحال مع الرئيس ميشال عون.