IMLebanon

«التيار» و«القوات»: محاكاة لتجربة «الثنائي الشيعي»؟

غطّ الحمام.. طارت الأزمة!

«التيار» و«القوات»: محاكاة لتجربة «الثنائي الشيعي»؟

بعد ساعات طويلة ومضنية من المفاوضات في الرياض مع الرئيس سعد الحريري والوزير علي حسن خليل، امتدت الى ما بعد منتصف الليل، أراد الوزير جبران باسيل أن يأخذ قسطا من الراحة على طريقته، فوقف على شرفة غرفته في الفندق وقد «امتشق» سيجارا، ليلفت انتباهه وجود رف من الحمام المستلقي على نوافذ العديد من غرف الفندق، وكانت الساعة قد قاربت الثانية والنصف فجرا. استبشر باسيل خيرا بالمشهد، وسارع الى تصويره، ثم وضع اللقطة على صفحته على «أنستغرام»، وقد دوّن في أسفلها: انها ليلة الحمائم في الرياض.

أما في بيروت، فإن مشهدا حمائميا من نوع آخر كانت «تحتضنه» إحدى غرف مبنى مجلس النواب الذي كان شاهدا قبل فترة على معركة كلامية بين نواب من «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل». هذه المرة، وفي ختام اجتماع عدد من نواب «التيار الحر» و«المستقبل» و«القوات اللبنانية»، احتفل هؤلاء مجتمعين بعيد ميلاد النائب ابراهيم كنعان وبالتفاهم على إقرار قانون الجنسية، فتناولوا الكاتو وشربوا العصير في جو من البهجة، بحضور نواب مصنفين في خانة الصقور مثل النائبين أحمد فتفت وانطوان زهرا اللذين شاركا كنعان في الاحتفاء بيوم ولادته.

هكذا، غطّ الحمام على أزمة تشريع الضرورة حاملا معه التسوية، وتحول الخطاب الناري الذي ألهب الشارع على مدى أيام الى «قطع حلوى» ربما تكون قد خففت من مرارة العلاقة بين أطراف سياسية متنازعة، لكنها لن تنجح على الأرجح في الامتصاص السريع للاحتقان الطائفي الذي ساد القواعد الشعبية تحت وطأة الصراع على «الحقوق»، ذلك ان الجمر في مثل هذه الحالات «يصمد» طويلا تحت الرماد.

ولكن، إذا كان الخوف من محظور الانزلاق الى المجهول، قد دفع الصقور الى تقمص دور الحمائم لبعض الوقت، من أجل تمرير جلسة تشريع الضرورة بأقل الضرر الممكن، إلا ان ذلك لا يخفي الحقائق الصعبة التي لا تزال كامنة بين طيات التسوية الاضطرارية والتي من شأنها ليس فقط إعادة تنشيط الصقور، بل الشياطين ايضا.

والتحدي الأكبر على هذا الصعيد يتمثل في قانون الانتخاب الذي يبدو التوافق عليه أصعب من التفاهم على رئاسة الجمهورية، كونه يتصل بتكوين السلطة ككل وليس بموقع الرئاسة فقط، وبالتالي فإن مهلة الشهرين، المدرجة ضمن تسوية الضرورة، قد لا تكون كافية لإنجاز تفاهم على هذا القانون الذي يرتبط بحسابات وتوازنات دقيقة، ما يفسر دعوة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الى إبرام تسوية شاملة، في منتصف الطريق، تغطي كل الملفات الاساسية على قاعدة الأخذ والعطاء.

وبهذا المعنى، فإن تسوية بـ«الجملة» ربما تسهل تقديم التنازلات المتبادلة بحيث ان من يعطي في ملف يأخذ في ملف آخر، فتتوازن بذلك الخسائر والارباح لديه، بينما التسوية بـ «المفرق» ستجعل التفاوض يتم بـ«رأس المال» السياسي، حيث تضيق فرص التنازل أو التعويض.

وفي انتظار اختبار إمكانية التوصل الى إنتاج سلة متكاملة، يشعر طرفا إعلان النيات، «التيار الحر» و«القوات»، ان وجودهما في «خندق تفاوضي» مشترك فعل فعله على مستوى رد الاعتبار الى الشارع المسيحي، «في حين انه كان يسهل استفراد هذا الشارع أو فرزه الى جزر معزولة، أيام الاستقطاب الحاد بين الطرفين».

ومع ارتفاع معنويات «التيار» و«القوات» بعد إنجاز التسوية التشريعية التي منحتهما قانون استعادة الجنسية وجعلت من قانون الانتخاب ممرا إلزاميا لأي جلسة مقبلة، هناك في أوساط الطرفين من يعتبر أن المطلوب تثبيت هذه الثنائية المسيحية التي يجب أن يحسب لها ألف حساب بعد الآن، على نمط الثنائي الشيعي، «من دون أن يعني ذلك بالضرورة تفسخ التحالف الذي يجمع كلاً منهما مع جانب من المكوّن الإسلامي، بل يجب توظيف التحالف هنا وهناك في اتجاه تسهيل عملية تحصيل الحقوق المسيحية»، وفق ما يؤكد أحد المتحمسين لـ«إعلان النيات».