IMLebanon

«التيار» و«القوات».. ومشوار الأسئلة الشائك

«إعلان النيات» لا يُنتج رئيساً

«التيار» و«القوات».. ومشوار الأسئلة الشائك

لا يفهم كل من «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» انزعاج كثيرين من تقاربهما ومحاولتهما وضع حد لخلاف كلف المسيحيين أثمانا باهظة.

يستفيض المدافعون، في اوساط الطرفين، في التساؤلات عن اسباب الانتقاد العلني او في الاوساط المغلقة لخطوة التقارب التي سجلاها. ويعتبرون ان «من ينتقد له مآربه التي، اذا افترضنا حسن النوايا، لا تراعي مصالح المسيحيين او تأخذها في الاعتبار».

الطرفان يعتبران انهما «بدآ خطوة الالف ميل. وهي بداية مشوار صعب لطي سنوات من الخلاف السياسي والعسكري الذي كان سببا اساسيا في تغيير كثير من موازين القوى».

لا يتفق الطرفان على قراءة موحدة لتاريخهما وعلاقتهما وصراعهما ابعد من العموميات التي وردت. في هذه، لا يشذ «التيار الوطني الحر» ولا «القوات اللبنانية» عن سائر الاحزاب والقوى السياسية والطوائف، في محاولة دفن صفحات الماضي في اقبية النسيان. جميعهم يخافون ان يتسبب غبار تلك الصفحات في خلق حساسيات جديدة – قديمة، تنطلق من تبادل التهم والمسؤوليات، ولا تنتهي بتحمل تبعات النتائج والمآسي.

وكما لا يتفقان على قراءة اسباب نزاعهما وحجم المسؤوليات فيه، لم يتوصلا بعد الى اتفاق على ما يمكن ان يعزز اجماعهما واجتماعهما في المستقبل. حتى شعاراتهما الواحدة التي تمحورت حول السيادة والاستقلال والوضع المسيحي وعلمانية الدولة وغيرها… يترجمانها في سلوكيات وتحالفات شديدة التناقض.

يراهنان على الحاضر. على امكانية ان يرسخا توافقات الحد الادنى ويبنيا عليها. يستندان على ان «الجمهور» المسيحي عموما ميّال الى تفاهمهما لاسباب كثيرة ليس آخرها الخوف من التطرف والارهاب، والامل بمواجهته موحدين.

لكن هذا ليس كل المشهد. حتى في اكثر الاوساط ترحيبا بحوارهما وتقاربهما، اي في الاوساط الكنسية، هنالك اسئلة كثيرة لدى بعض الاساقفة والاكليروس:

الى اين سيؤدي هذا الحوار؟ كيف يمكن ان ينعكس بشكل عملي على الواقع المسيحي في ظل استمرار كل فريق متمسكا بتحالفاته والتزاماته؟ هل يمكن الرهان على اي تقارب لا يكون في صلب نقاشاته واهدافه اليوم معالجة الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية؟ كيف سينتهي موضوع استطلاع الآراء؟ هل سيخلق حساسيات جديدة بين المسيحيين انفسهم، من خارج «التيار» و «القوات» من جهة، وبين المسيحيين وشركائهم المسلمين من جهة اخرى؟ هل يحتاج الفريقان الى استعراض قوى ليؤكدا انهما القوتان الابرز في الوسط المسيحي؟ لماذا يتصرفان وكأنهما يملكان ترف هدر الوقت في زمن تتآكل فيه الدولة ومؤسساتها؟ الا يُفترض ان تكون الاحزاب المسيحية المعنية الاولى بالحفاظ على هيكلية الدولة وتوازن السلطات واعادة الالتزام بالمؤسسات حضورا ومشاركة وتطويرا؟ اين «التيار» و «القوات» في حوارهما من كل ذلك؟.

لا تخفي هذه الاوساط ترحيبها الشديد بهذا التلاقي «لكن لا يكفي ان يشبك الفريقان ايديهما معا ليسيرا على درب واحدة. عليهما ان ينظرا في الاتجاه نفسه ويطمحا ويعملا للوصول الى الاهداف نفسها. وعليهما الا يضيّعا البوصلة. كي لا يصح فيهما ما قاله المسيح لمرتا: تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين والمطلوب واحد».

تتقبل اوساط كل من الطرفين الاسئلة والملاحظات الكنسية بـ «انفتاح وايجابية، كونها تنطلق من باب الغيرة على انجاح هذا التقارب، على عكس آخرين كثر»، كما يشير مسؤولون في «القوات» و «التيار». لكنهما يكرران ان «تلاقينا وتوافقنا هو المدماك الاول في بناء قد يستغرق وقتا وجهدا لاستكماله. لن نغيّر في ايام وشهور رؤيتنا وتحالفاتنا واساليب عملنا. لكن يمكن الرهان على تقاطعات تجمعنا، وعلى تقريب المسافات وترميم الثقة للبحث في كل الخطوات التالية ومعالجة الاستحقاقات».

في الانتظار يقول احد الاساقفة «اذا كان هذا هو واقع الحال ويحتاج الشباب الى وقت طويل، لماذا لا يتفقون على رئيس يقوونه بالتفافهم حوله كأكبر قوتين مسيحيتين ويكملان مناقشاتهما وحوارهما على مهل؟».

لم يؤد «إعلان النيات» إلى فتح أبواب قصر بعبدا، وبقيت رئاسة الجمهورية تبحث عن توافق يبدو أنه يحتاج إلى مشوار طويل من الحوار وإلى صفاء «النيّات».