لدى سؤال وزراء او نواب «التيار الوطني الحر» عن الازمة الحكومية وتهديد العماد ميشال عون باللجوء الى الشارع، عبر مناصريه المؤيدين له في أي خطوة يتخذها، يردّدون على الفور «لن يمرّر أي بند عمل من دون موافقتنا»، وخصوصاً بند التعيينات، ويلفتون الى انهم سيتخذون خطوات جريئة وبالتالي «نحنا رايحين الى الاخير ولن نتراجع»، لاننا إتخذنا موقفاً إزاء العمل الحكومي المعّطل اصلاً، فيما من اولى واجبات هذه الحكومة إنجاز التعيينات واحترام المواعيد الدستورية والقانونية، رافضين الاتهامات التي يوجهّها لهم فريق 14 آذار، ومنها تحميلهم تداعيات التعطيل لانهم يريدون الانتاج والعمل في الحكومة، لا تحويلها الى تصريف الاعمال، واكدوا بأنهم لن يحضروا اي جلسة لمجلس الوزراء إن لم يكن التعيين وارداَ على جدول اعمال الجلسة، سائلين: «هل المعرقل مَن يطالب الحكومة باستخدام صلاحياتها وتنفيذ القانون أم ذلك الذي يتمادى بخرق الدستور وبفرض التمديد للقادة الامنيين؟، اذ لا يجوز التعاطي بإستنسابية في مجلس الوزراء خصوصاً في الملفات المهمة المطروحة، كما من غير الجائز ان تكون سلطة بعض الوزراء أقوى من سلطة الحكومة.
على الخط المقابل وتحديداً تيار «المستقبل»، فتعتبر مصادره بأن «التيار الوطني الحر» كان ولا يزال يقوم بتعطيل الدولة، من اجل مصالح رئيسه العماد ميشال عون في كل الملفات، وخصوصاً ملف الرئاسة وتعيين قائد للجيش، مشيرة الى ان الحكومة ستستمر لان لا احد يتحمّل سقوطها، لانه سيخسر الكثير على كل الاصعدة، في ظل فراغ رئاسي وتشريع معطّل في مجلس النواب، بحيث لم يبق إلا مجلس الوزراء كمؤسسة دستورية، والا سُندخل البلد في منعطف خطر، ما سيزيد من خسائر «التيار الوطني الحر» الذي يعطّل البلد من خلال تعنت رئيسه الطامح فقط الى الرئاسة، حتى ولو إحترق لبنان بأكمله وهذا غير مقبول على الاطلاق، اذ كيف يعمل زعيم على تدهور البلد تحت شعار «انا او لا احد» في كل المسائل العالقة؟ مذكّرة بالاسلوب الذي يتبعّه العماد عون من خلال دعوته الناس الى التجمّع في مقّره، للتضامن معه ضد اي مسألة لا تناسبه، وآخرها دعوته المناصرين لتأييده ضد التمديد للقادة الامنييّن.
ورأت مصادر «المستقبل» بأن عون يتاجر بعواطف الناس وكل هذا يرتد سلباً عليهم، وفي حال لم ينل مبتغاه فهذه الجماعة ستصاب بالاحباط، وهو يكرّر هذه الطريقة منذ العام 1989 ويتلقى التأييد منهم، فيما لم يحقق شيئاً من وعوده حتى اليوم.
وعن سبب معاودة الناس تأييدهم له على الرغم من عدم تنفيذ وعوده لهم في كل مرة، اعتبرت بأن هذه نقطة القوة لدى عون، لانه قادر على اللعب بعواطف الناس الذين لا يحاسبونه، ولا يسألون الى اين يسير بهم والى اين يتجه مشروعه؟، كتلك المبادرة التي اطلقها قبل فترة من منطلق اعتبارها هادفة الى تصحيح التمثيل المسيحي في هيكلية الدولة، وبالتالي إدخال عنصر جديد على المعادلة هو الشعب اللبناني، وإعطائه زمام السلطة من باب إختياره المباشر لرئيسه ، معتبرة بأن زعيم «التيار الوطني الحر» لم ينجح في اي مرة دعا فيها جمهوره الى مثل هذه الأساليب، لان الخسارة كانت النتيجة الدائمة لكل مشاريعه السياسية، إبتداءً بحرب التحرير وصولاً الى حرب الالغاء،وأشارت الى ان الأزمة الحكومية أكبر بكثير من التعيينات الأمنية، في ظل تمادي بعض الاطراف بتحقيق مصالحهم، ضاربين بعرض الحائط مصلحة لبنان واللبنانيين، فيما المطلوب التعامل بلغة العقل.
الى ذلك افيد بأن الاتصالات قائمة على اعلى المستويات لمنع الانفجار الحكومي، والهدف الاكبر يبقى في كيفية إيجاد المخرج القانوني لهذه القضية في ظل الظروف الراهنة، وهذا يؤكد بأن الامور مرشحة للمزيد من التجاذبات السياسية، والوضع يتطلب معرفة مواقف حلفاء العماد عون من هذه المسألة ومدى دعمهم له، وعدم خذله كما جرى في ملفات حساسة سابقة، ومنها التمديد للمجلس النيابي.
من هذا المنطلق قدّم وزير حزب الله محمد فنيش اقتراحاً بإعطاء الحكومة إجازة خلال شهر رمضان كمخرج للازمة، وقد ُنقل هذا الاقتراح الى رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق اللذين وافقا عليه لان الهدف منه الوصول الى حل وإبعاد شبح الاعتكاف او اللجوء الى الشارع في هذه الظروف الدقيقة التي يمّر بها لبنان.