أعادت المرحلتان الأولى والثانية من الانتخابات الحزبية في التيار الوطني الحر تثبيت مقاعد النواب العونيين الثلاثة في قضاء بعبدا. فبعدما كان أحد المرشحين الحزبيين، فؤاد شهاب، يشق طريقه وسط النواب ليجلس بينهم، أُقصي عن المرحلة الثانية والثالثة لأسباب تتعلق، ظاهراً، بشروط الترشح، فيما يعزوها البعض الى محاولة حماية ظهر النواب من أي خرق محتمل
خلال مرحلتي الانتخابات الداخلية في التيار الوطني الحر، أثبت نموذج المناضل العوني والناشط السياسي، تفوقه في كل الأقضية، وكان من الصعب جدا على باقي المرشحين كسره سواء كانوا من النواب أو المرشحين الجدد: النائب سيمون أبي رميا في جبيل نموذجا، النائب ابراهيم كنعان في المتن الشمالي نموذج آخر، المنسق السابق لقضاء المتن الشمالي طانيوس حبيقة الذي استطاع فرض نفسه نموذج ثالث.
والمنسق السابق لقضاء الشوف غسان عطالله نموذج رابع. وكان من المفترض، تالياً، أن يحلّق النائب حكمت ديب في قضاء بعبدا على منافسيه، قبل أن تكشف النتائج حلوله في المرتبة الثالثة الاخيرة بين النواب. فجزء كبير من الحزبيين الذي كان يهتف «علنا علنا حكمت ديب»، يصرخ اليوم من دون تردد: «علناً علناً لا لحكمت ديب». وهو ما يفسره الأخير بأنه «نتيجة تمسكي بالشرعية»، بعد تأييده رئيس التيار جبران باسيل في وجه معارضيه. فبالنسبة لديب «الالتزام مقدس، لكنه لا يعجب الجميع».
في العموم، كان يفترض بديب أن يكون مرشح القاعدة الحزبية العونية لارتباطه المباشر بها وتدرجه من خلالها الى منصبه الحالي. وهو، فعلياً، لم يكن ليرفع على الاكتاف في 2003، ويفرض نفسه مرشحاً رسمياً على اللائحة في العام 2009، لو لم يستمد شرعيته الرئيسية من حناجر الحزبيين. يومها كان ديب مرشح الحزبيين، والنائب ناجي غاريوس دينامو القضاء الخدماتي، والنائب آلان عون العقل السياسي. وكان ينتظر من النائب الحدتي الحاضر في اللجان والذي أودعه رئيس التيار معظم ملفات الأشغال والسدود أن يوثّق حضوره على الأرض ويضاعفه. لذلك يبدو مستغرباً أن يكون ديب، اليوم، الحلقة الأضعف بين النواب، فيما غاريوس مرتاح لرصيده الخدماتي الكبير سواء من خلال عمله كطبيب أو كنائب، وعون مرتاح لرصيده السياسي. أما ديب فخرج من المولد بـ «لا شرعية حزبية». وخسارته الحالية تتمثل بضعف شعبيته لدى الحزبيين مقارنة بباقي المرشحين (نال 125 صوتا في المرحلة الاولى، و51,49% في الثانية، فيما حصد غاريوس 163 صوتاً و51,87%، ونال عون 450 صوتاً و67,81%)، وبضعف تمثيله لمنطقته الحدت حيث يتحدث الحدتيون عن خلافاته مع القاعدة الحزبية ومع رئيس البلدية العوني.
المرحلة الثالثة من الانتخابات ستكون الأكثر تأثيرا كونها ستجرى على مستوى كل ناخبي القضاء، وستتضمن أسماء كل المرشحين الحزبيين. وهذا يضع ديب في خانة النواب القابلين للتبديل نظرا الى أن التغيير ان حصل سيطال آخر الرابحين.
وفيما تؤكد مصادر التيار أنه لم يناقش مع القوات بعد ترشيح قواتي على اللائحة العونية في بعبدا، برز في المرحلة الاولى منافس جدي للنواب هو منسق أقضية جبل لبنان فؤاد شهاب الذي حصد في المرحلة الاولى 115 صوتاً من الحزبيين، ما أهلّه تلقائيا الى المرحلة الثانية. الا أن لجنة قبول الترشيحات حذفته عن قائمة مرشحي المرحلة الثانية. مصادر في تيار بعبدا عزت السبب الى طعن ديب في شهادة شهاب الجامعية ما دفع الأخير الى رفع دعوى أمام المجلس التحكيمي اتهم فيها النائب العوني بالقدح والذم ونشر اشاعات مغرضة عنه. إلا أن ديب أكدأن لا علاقة له بالأمر. كما نفى أمين السر العام في التيار وأحد أعضاء لجنة قبول الترشيحات ابراهيم سمراني لـ «الأخبار» اي علاقة لديب بالأمر، لافتاً الى «تدقيق اضافي أجرته اللجنة التي وجدت نواقص في ملف شهاب فسحبت اسمه من التداول بالتوافق معه». وأضاف أن اللجنة طلبت من الناشط العوني استكمال النواقص واستيفاء شروط الترشح، الا أنه لم يؤمن المطلوب حتى الساعة. وعما اذا كان اسم شهاب سيرد في المرحلة الثالثة، قال سمراني إن الأمر في عهدة لجنة الاشراف على الانتخابات التي لا يمكنها اقصاؤه اذا اورد اسمه الناخبون.
ويعني ذلك أن اللجنة ستجد مخرجا للمرشحين الذين لم يتمكنوا من استيفاء شروط الترشح عبر ايراد سؤال حول اذا ما كان الناخب يرشح أحدا من خارج الاسماء الواردة على اللائحة. علما أن وضع شهاب
يختلف عن وضع الباقين ممن لا يحملون شهادة جامعية أو لم تتجاوز عضويتهم الحزبية العامين. إذ أكد لـ «الأخبار» أنه يحمل شهادة جامعية من فرنسا، حاول أحدهم الطعن بها واتهامه بالتزوير لاقصائه، فلم ينجح بعدما أتى شهاب بالوثائق والمستندات الفرنسية المصدقة التي تثبّت شهادته، وهو ما أكّده سمراني. لكن يبدو أن من طعن في الشهادة نجح في الضغط على اللجنة لإقصائه، وسحب اسمه من الترشيح بحجة أن شهادته مصدقة من الدوائر الفرنسية الرسمية ووزارة الخارجية، ولكنها غير مصدّقة من وزارة التربية اللبنانية! ويُطرح سؤال هنا عن كيفية عدم تنبّه أعضاء اللجنة الى هذا التفصيل مسبقاً فسمحوا له بخوض المرحلة الأولى، وما الذي دفعهم الى اعادة التدقيق في شهادته مرة أخرى، وعما إذا كان ذلك لإبعاده عن ميدان بعبدا؟
يرى شهاب أن ما حصل «ظُلم أكثر مما هو تطبيق للنظام لأنني خضت المرحلة الاولى وتمكنت من فرض نفسي بين ثلاثة نواب». وشدد على أنه يتابع الموضوع حتى آخر تفصيل بصرف النظر عن هوية المتقدّم بالشكوى الذي يرفض ذكر اسمه. وأكد أنه سيكمل عمله السياسي في القضاء ويؤكد وجوده في المرحلة الثالثة التي ستضم اسماء مرشحين لديهم حيثية معينة ولم يتمكنوا من تجاوز المرحلتين الأوليين لأسباب مختلفة.