طوى التيار الوطني الحر صفحة انتخاباته الداخلية في المناطق، في ظل اعتراف جميع العونيين بنجاح العملية الانتخابية. التقويم الأولي للانتخابات أظهر انتهاء مفاعيل الخلاف على تعيين جبران باسيل رئيساً للتيار وتفضيل الناخبين للمناضلين الشباب. أما المعارضة الحزبية فستنظم صفوفها عبر تشكيل مجلس ظلّ وطني
نجح التيار الوطني الحر في تنظيم انتخابات داخلية ديمقراطية في عدد من الأقضية التي شهدت معارك انتخابية. فرحة العونيين بالاستحقاق لا تضاهى، فهم انتظروا طويلاً أن تتحول وعود المؤسس ميشال عون بإجراء انتخابات تنبثق منها قيادة حزبية جديدة، حقيقة. خاب أملهم على المستوى الرئاسي، لكنهم يوم الأحد عوضوا القليل. منذ شهر تقريباً، كثفوا اجتماعاتهم لاختيار اللوائح، ضغطوا لتجديد البطاقات واستعملوا في «المعركة» كل الوسائل المتاحة للفوز.
إيجابيات عديدة تُسجل للتيار الوطني الحر الذي اعتمد القانون النسبي مع الصوت التفضيلي في انتخاباته الداخلية الأولى. نقطتان إيجابيتان تُسجل للعونيين هما: تمثيل الأفرقاء كافة وطيّ صفحة الخلاف حول تعيين الوزير جبران باسيل رئيساً للتيار.
تقول مصادر متابعة للانتخابات إن خلاصة نتائج يوم الأحد هي أنّ «الشعب العوني يُفضل المناضلين على أصحاب البذلات. كما أن نواب التكتل لا يلعبون دوراً أساسياً في مناطقهم».
ينقسم العونيون في عكار إلى فريقين: الأول يدعمه جيمي جبور (رشح طوني عاصي)، والثاني يدعمه وليد الأشقر وطوني دانيال وجوزف مخايل (رشحوا أيمن عبد الله الذي انتسب أخيراً إلى التيار). الفارق كان كبيراً بين الفريقين: 300 صوت لمصلحة جبور. تعتبر المصادر أنه «رغم تمكن الفريق الآخر من خلق حالة متواضعة ولكن يبقى جبور المرشح الماروني الأقوى للانتخابات النيابية وأسعد ضرغام مرشح مقعد الروم الأرثوذوكس». في أقضية الشمال الأخرى، وخاصة بشرّي والكورة «تبين أن باسيل لم يتمكن بعد من ضبط الشارع ونتائج مجلس القضاء في المنطقتين لم تكن لمصلحته».
معارضو “القيادة”: سنُشكل مجلس ظلّ وطني
«تركيبة» التوافق في بعبدا والمتن، تعتبرها المصادر «هدية للنائبين آلان عون وإبراهيم كنعان». في المتن كان الاتفاق أن يحصل كنعان على 9 مقاعد و4 يتقاسمها النائب نبيل نقولا، الوزير الياس بو صعب ومسؤول الماكينة الانتخابية منصور فاضل». إلا أنّ الاتفاق، الذي غُيب عنه المرشح إلى الانتخابات النيابية جورج عبود، والزيارات العائلية المتبادلة بين كنعان وفاضل، لم تلغ المعركة على مجلس القضاء، ففاز مرشح عبود على حساب مرشح نقولا. «الاتفاق بين باسيل وكنعان في المتن سيكون على حساب نقولا، الذي هو خارج التركيبة حالياً»، تقول المصادر.
في جبيل، خسرت لائحة مستشار باسيل طارق صادق. دعم رئيس الحزب صادق، لا يعني وجود خلاف مع النائب سيمون أبي رميا، الذي حاول تحييد نفسه إعلامياً عن المعركة. كان للمعركة في هذا القضاء عنوان تحديد هوية نائب المنطقة المقبل، فنجح أبي رميا. إعادة انتخاب طوني أبي يونس بفارق بسيط والأرقام التي حصلت عليها لائحة صادق «تأثرت بالدور الذي يلعبه المحامي وديع عقل كرأس حربة في الدفاع عن حقوق المسيحيين ومصالح عون عبر طلاته الإعلامية. هو دليل على أن الجمهور العوني لا يُحب من يُهادن».
في كسروان، كان هناك تسليم منذ الـ2005 بأنّ المنسق السابق جوزف فهد هو الأقوى شعبياً. في المقابل، كانت هناك المعارضة الحزبية التاريخية الممثلة بالقيادي رولان خوري. بعد أن دعم الأخير خيار باسيل، راهن كُثر على أن كسروان ستميل معه، لكن نتائج الأحد خيبت الآمال. لم ينعكس وجود رجال الأعمال، كروجيه عازار في الفتوح، إيجاباً، كما أنّ الخدمات الكثيرة التي يُقدمها مدير مكتب عون، جورج دغفل، لم تؤثر في خيار الناخبين. هنا أيضاً، أسقط العونيون خيار «أصحاب البذلات». ترى المصادر أنه في جزين، سيكون «سقوط خيار النائب زياد أسود مقدمة لسحب ترشيحه إلى الانتخابات النيابية المقبلة. لم يصدق كل من كان يقول له طوال السنوات الثلاث الماضية إن نفوذه يتراجع، ملقياً اللوم في ذلك على المرشحين الجدد إلى النيابة». مشكلة أسود ليست مع باسيل، بل من «شكاوى الجنرال ضده التي أصبحت كثيرة».
المعركة التنظيمية الحقيقية الوحيدة ضد باسيل كانت في الأشرفية، حيث سقط الوزير السابق نقولا الصحناوي: «الآن بدأت المعركة بين الرفيقين السابقين عبس والصحناوي». إلا أن المصادر، تُعول على الدور الذي قد يلعبه المنسق الرابح جورج تشاجيان في تقريب وجهات النظر بين الرجلين. في الشوف، تبين أن كل محاولات ليّ ذراع المنسق السابق غسان عطالله، سواء عبر الوزير السابق ماريو عون أو ناصيف قزي لم تنجح. أما في عاليه، فلم يتمكن المرشحون إلى النيابة من إثبات قوتهم، «فالأرقام التي حصل عليها المنسق بول نجم هي بسبب عمله هو، أما سيزار أبي خليل فلم يؤمن له أي صوت انتخابي».
لا حديث عن ربح وخسارة لدى قيادة التيار الوطني الحر. بالنسبة إليها كلّ الأطراف قد تمثلت. هي ترفض الإشارة إلى وجود «معارضة» حزبية، ولكن مصادر هذه الأخيرة تؤكد «أننا سنشكل مجلس ظل سيكون حاضراً في المناطق وفي مراكز القرار من أجل مراقبة عمل السلطة».