Site icon IMLebanon

الوطني الحرّ» سقط بامتحان الديموقراطية

في الشكل هو توافق وتسوية حبّية بين مُرشّحين قويّين كان من المُفترض أن يتنافسا ديمقراطيّاً على منصب رئاسة «التيّار الوطني الحُرّ» في 20 أيلول المقبل، لكن في المضمون هو تزكية الوزير جبران باسيل رئيساً للتيّار بسلطات مُطلقة، وذلك بتدخّل مُباشر من جانب العماد ميشال عون، مع صيغة إخراجيّة تنفيذيّة من إعداد النائب إبراهيم كنعان، وستحفظ للنائب آلان عون «ماء الوجه» عبر منصب مهمّ. هذه هي خلاصة ما حصل في الأيّام القليلة الماضية بالنسبة إلى إنتخابات أحد أكبر وأهم التيّارات الحزبيّة الشعبيّة على المستوى اللبناني. فكيف تطوّرت الأمور للوصول إلى هذه الخاتمة؟

بحسب أحد مؤسّسي «التيّار الوطني الحُرّ»، والذي إختار التنحّي جانباً طوعاً وعدم تجديد بطاقته منذ مدّة ليست بطويلة، فقد أكّد أنّه منذ ما قبل تحديد العماد ميشال عون موعد إنتخابات «التيّار الوطني الحُرّ» إنتشرت معلومات في أوساط «التيّار»، أنّ «الجنرال» يُريد تسليم الوزير باسيل منصب رئاسة «التيّار»، على أن يبقى هو الرئيس الفخري له. وأضاف أنّ هذا الإعتقاد تعزّز عندما جرى الحرص على تمرير التعديلات التي أدخلها فريق عمل الوزير باسيل على «النظام الداخلي» للتيّار والذي جرى إرساله إلى وزارة الداخليّة مُرفقاً بالعلم والخبر. وتابع المصدر نفسه أنّه بعد تحديد «الجنرال» 20 أيلول موعداً لإنتخابات رئاسة «التيّار» وبعض المناصب الحزبيّة الأخرى، جرى تعميم أخبار بأنّ العماد عون يدعم الوزير باسيل لمنصب الرئاسة، علماً أنّ مؤيّدي باسيل ردّوا في حينه أنّ ما يتمّ تداوله هو مُجرّد إشاعات للنيل من «التيّار» و«الجنرال» و«باسيل».

وأشار المصدر «العَوني» السابق إلى أنّه بعد أنّ تأكّد للجميع عزم العماد عون على تنظيم الإنتخابات الداخلية للتيّار من دون أيّ إرجاء جديد، على الرغم من أنّ تحويل «التيّار» إلى حزب فعلي مطروح منذ مدّة تجاوزت العشر سنوات وشهدت أكثر من تأجيل للإنتخابات الداخليّة، سارع مُعارضو الوزير باسيل في «التيّار» – وهم كُثر – إلى تدارس خيار مُنازلته ديمقراطياً طالما أنّ الإنتخابات حاصلة، وهنا كانت المفاجأة التي لم يتوقّعها لا «الجنرال» ولا الوزير باسيل. وأضاف أنّ خطوة إختيار النائب آلان عون كانت مُوفّقة لمعارضي الوزير باسيل، لأنّها حقّقت ثلاثة أهداف:

أوّلاً: النائب عون يتمتّع بقاعدة شعبيّة جيّدة في صفوف «التيّار»، ويحظى بتأييد مجموعة من النوّاب وكبار المسؤولين فيه، وكذلك باحترام الجمهور العريض له.

ثانياً: صلة القرابة بين النائب عون والعماد عون سهّلت على نائب بعبدا إستمالة الكثير من المُحازبين الذين يملكون حق التصويت والذين يشتهرون بولائهم المُطلق للجنرال، كونها جرّدت الوزير باسيل من ورقة النَسب التي كانت تُستخدم ضُدّ مُرشّحين مطروحين آخرين.

ثالثاً: إصرار النائب عون على الترشّح بشكل جدّي ضُدّ الوزير باسيل، جعل كل مُعارضي هذا الأخير يتموضعون خلفه، لأنّ فرصه بالوصول أكبر من فرص أيّ مُرشّح من خارج الدائرة اللصيقة بالجنرال.

وتابع المصدر «العَوني» السابق، أنّه بعد أنّ تبيّن أنّ فرص النائب عون بالوصول إلى مركز رئاسة «التيّار» صارت أكثر من جدّية للإطاحة بمنافسه الوزير باسيل، على الرغم من تكليف السيد منصور فاضل، مسؤول المَكنة الإنتخابيّة للتيّار، إدارة حملة الوزير باسيل، بدأ التفتيش عن حلول لإنقاذ ترشيح الوزير باسيل. وفي الوقت عينه، عمل مسؤولون في «التيّار» على تجنيبه حال الإنقسام، عبر تقديم مجموعة من «التسويات»، فاقترح البعض تسليم اللواء المُتقاعد نديم لطيف رئاسة التيّار لمرحلة إنتقاليّة قصيرة، وإقترح آخرون بقاء العماد عون رئيساً للتيّار وإرجاء الإنتخابات مرّة جديدة، وإقترحت فئة ثالثة إرجاء الإنتخابات الحزبيّة لفترة قصيرة، وتحديداً إلى ما بعد إحالة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز إلى التقاعد لتتسنّى له فرصة خوض المعركة الحزبيّة والفوز بها حُكماً كون شعبيّته ساحقة في صفوف الأغلبيّة الواسعة من أنصار ومؤيّدي «التيّار» وحتى من فئة كبيرة من الجمهور المسيحي واللبناني العريض.

وأضاف المصدر عينه أنّ كلّ هذه الإقتراحات وغيرها سقطت لأسباب مُختلفة بعضها مُتداخل، وأصرّ الفريق «العَوني» الداعم للنائب عون على رفض التخلّي عن حقّه في خوض المنافسة الديمقراطيّة، على الرغم من كل العروض التي قُدّمت له بشكل مناصب وسُلطات داخليّة. وعندها تابع المصدر «العَوني» السابق، تدخّل العماد عون شخصيّاً لتزكية الوزير باسيل لرئاسة «التيّار»، رافضاً إلغاء الإنتخابات أو البقاء على رأس «التيّار» أو تعيين أيّ شخصيّة إنتقاليّة. وأوضح المصدر نفسه أنّ «الجنرال» كلّف النائب إبراهيم كنعان المُقرّب منه ومن النائب عون في الوقت نفسه، إيجاد مخرج «التوافق الشكلي» الذي فرض عمليّاً الوزير جبران باسيل رئيساً للتيّار نزولاً عند رغبة «الجنرال» الشخصيّة، علماً أنّ النائب كنعان سيُعيّن نائباً للرئيس.

وختم المصدر «العَوني» السابق كلامه بجملة من الأسئلة، أبرزها: كيف يُطالب «التيّار الوطني الحُرّ» القوى السياسيّة اللبنانيّة باللجوء إلى الإنتخابات وإلى الديمقراطيّة لفضّ الخلافات ولتحديد الأحجام، إذا كان هو نفسه عاجزاً عن إتمام عمليّة إنتخابيّة ديمقراطية داخل جدران حزبه؟! وكيف يُطالب «التيّار» بعدم فرض أسماء من فوق على اللبنانيّين، وبعدم التحجّج بالأوضاع وبخطر الإنقسام الداخلي لتأجيل الإستحقاقات الإنتخابيّة على أنواعها على مستوى الوطن، إذا كان هو نفسه يفرض إسماً من فوق على كل أعضاء ومناصري ومؤيّدي «التيّار، ويتحجّج بخطر الإنقسام الحزبي الداخلي؟! وكيف يُطالب «التيّار» بإنتخاب «الأكثر شعبيّة» رئيساً للجمهوريّة اللبنانيّة، إذا كان هو نفسه يتهرّب من إنتخاب الأكثر شعبيّة في صفوف أنصار ومؤيّدي «التيّار»، أي العميد شامل روكز، رئيساً للتيّار، علماً أنّ قائد فوج المغاوير سيُحال على التقاعد خالي الوفاض في المُستقبل القريب؟!