يدخل التفاهم التاريخي بين حزب الله والتيار الوطني الحر عامه السابع عشر، في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية متصدّعة شلّعت البنيان السياسي الداخلي، ووضعت الجميع في مواجهة حقائق قاسية أفرزها تهالك النظام وفساده وأداؤه الزبائني التحاصصي، وبلغ المنتهى مع الانهيار الاقتصادي جرّاء السرقات المتعددة الطبقات التي مارستها المنظومة العميقة، من حاكمية مصرف لبنان إلى المصارف والتجار ومافيات السياسة والاحتكارات التي أخذت البلد والمجتمع رهينة جشعها وسعيها إلى الاستيلاء على ما تبقّى من أموال الناس، والتغوّل بشراسة للسيطرة على ممتلكات الدولة وشرائها بأبخس الأثمان.
هذا التوصيف يضعنا في مواجهة المأزق الحادّ الذي يكاد يطيح بكل شيء، ويدعونا في هذه المناسبة إلى المواجهة الحتمية (في ظل ما يحاك في أكثر من اتجاه)، وتحديداً عبر المسارات التشاركية في المقاربات التي تنتج رؤى مشتركة، يمكن تسييلها بخطط وممارسات تُسهم في حفظ ما تبقّى ليُبنى عليه، وتنزع المبادرة من يد سماسرة الداخل والخارج في كل المواقع.
هذا الحمل الثقيل والمتشعّب يحتاج إلى طرفَي ورقة التفاهم الأكثر انحيازاً إلى الناس والأكثر قدرة على حمايتهم وتمثيل مصالحهم الآنية ومستقبلهم الآتي.
لذا فإن العام السابع عشر يجب أن يشكل فرصة جدّية للردّ على كل التحديات، وأهمها كيفية العمل معاً لإخراج لبنان من أزمته الحالية الكبرى. وإذا كان التفاهم في خطوطه الأساسية وضع هذا الأمر في صلب اهتماماته للنهوض بلبنان، فإن الاتفاق على المحتوى – أو ما نسميه المراسيم التطبيقية لهذا البند – مُلحّ جداً، في ظل هجمة مسعورة من كل حدب وصوب، لتغيير ماهية لبنان ودفعه إلى حضيض الأنظمة السوداء.
إن التأكيد من قبل الأمين العام لحزب الله في المحطات الأخيرة على التفاهم، وما قابله الرئيس ميشال عون من تأكيد على استمراره وأهميته وما أنجزه للبنان، كلّ ذلك يجعل هذا التفاهم مرتقياً في مساره من مفهوم الثنائية الحزبية، إلى كونه حاجة لبنانية وطنية شاملة، تشكل مدماكاً أساسياً في البناء الوطني الصلب الذي منع عن لبنان أهوالاً كثيرة كانت يمكن أن تضربه في صميم وجوده المادي والمعنوي.
من هنا، فإن الاستهداف المستمر للتفاهم، والسعي إلى محاولة ضعضعته من قبل أعداء لبنان في الخارج ومن يتقاطع معهم في الداخل، سيستمران طالما يرون فيه عائقاً يحبط مخطّطهم، ويمنع وضع يدهم على لبنان وسيادته وتقرير سياساته.
هذا التفاهم، وكما منع العدوّ الصهيوني والتكفيري من المسّ بلبنان، سيُكمل إنجازاته وصولاً إلى شاطئ أمان اللبنانيين، وبعيداً عن أية مهاترات، طالما أن هناك قادة بقامات التاريخ يحمون لبنان.