نجح العونيون بدعم خلفي من حزب الله في فرض اجندة مواعيد الجلسات الحكومية وجدول اعمالها، مع الاجازة القسرية لمجلس الوزراء لاسبوعين، وغياب اي نقاش لبنود فعلية في الجلسة التي بدت كأنها لزوم ما يلزم ولتدرج في اطار تسجيل المواقف الشكلية، التي غالبا ما انتهت الى التعادل السلبي، علّ المدة الزمنية الفاصلة عن الثامن من أيلول موعد الجلسة المقبلة، تساهم في تبريد احتقان التيار البرتقالي، مع ان الاخير يبدو مصمما على التصعيد اذا لم يتم تعيين قائد جديد للجيش. وفي الانتظار، ستنطلق في العلن وخلف الكواليس سلسلة اتصالات لمنع تعطيل الحكومة، سيخوضها حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام مع التيار الوطني، يصعب التكهن مسبقا بنتائجها.
واذا كان «التيار الوطني الحر» يدرس خياراته بدقة وعناية، وسط التسريبات والتلميحات عن امكانية ان يقلب الطاولة ما لم يلمس تبدلا جديا في التعاطي معه ومع مطالبه «الميثاقية»، بعدما تبين له ان اجندته لا تلتقي وأجندة حلفائه، ثمة في لبنان والخارج من يرصد بيت قصيد الازمات في العلاقة بين «المستقبل» و«حزب الله»، حيث أكدت مصادر سياسية متابعة لمسار العلاقة بين الطرفين أن الموقف من سرايا المقاومة، هو محدود في الزمان والمكان، تماما كما هجمة «الحزب» على «التيار» التي أتت كردّة فعل على التصعيد الازرق ضده، جازمة بانه سيتم احتواؤها كما تم احتواء فصول كباش عديدة دارت سابقا بين الطرفين، ذلك لقناعتهما بضرورة إبقاء الساحة المحلية مضبوطة ومستقرة، خصوصا ان أبرز أهدافه يبقى صون السلم الاهلي وتحصينه وإبعاد شبح الفتنة السنية – الشيعية التي تفتك بالمحيط، لافتة، الى ان لا مصلحة لأي من الجانبين بكسر الجرة بينهما وتعريض المسرح الداخلي لأي انتكاسات.
وتضيف المصادر ان حزب الله يتجه في الفترة المقبلة الى اتخاذ اجراءات ستكون لها تداعياتها الايجابية داخليا، نتيجة ما بينته التطورات السورية الاخيرة، من التقاء المصالح وتشابكها بين القوى المتصارعة سواء على النفوذ في المنطقة او على الارض.
من جانبها أوساط التيار الازرق أكدت انها ماضية في الحوار رغم الاضرار التي سببها على المستويين الشعبي والسياسي، مبدية اعتقادها ان الحزب يستخدم «الثنائي» كما «الوطني» لشراء الوقت الى حين اتضاح الصورة في المنطقة، مشيرة الى ان هذه الاستراتيجية ستبقى معتمدة ، وسط التوقعات بتصعيد اضافي نتيجة اقتناع البعض بان استخدام الحزب لورقة التهويل والضغط على «المستقبل» يتصل بشيء ما يُحضر للمرحلة المقبلة وسط معطيات اقليمية لا تبدو لمصلحة تورط الحزب في سوريا بما يدفعه الى العودة الى سلاح الضغوط التهويلية في الداخل، وهو الأمر الذي لن يسكت عنه «تيار المستقبل» المحذر من اي اتجاهات ومغامرات تسبّبت في السابق بتداعيات خطرة جداً ولن يكون ممكناً السكوت عن تكرارها مجدداً.
واذا كانت السخونة التي لفحت أخيرا جبهة المستقبل ـ حزب الله، تدل الى ان لا تفاهم اقليميا او دوليا بعد في شأن الرئاسة اللبنانية وتعكس الاحتدام المتحكم بالعلاقات السعودية ـ الايرانية، الا انها بتفجير لغم «السرايا» بينت عن قطبة امنية مخفية، حيث تكشف اوساط تيار المستقبل ان اعادة فتح ملف سرايا المقاومة ودورها لم ياتِ من فراغ، انما بمثابة تحرك تمهيدي بعد توافر معلومات لجهات امنية عن امكان استخدام التحرك العوني في الشارع كغطاء لتحرك امني يعيد خلط الاوراق الداخلية على غرار ما حصل في السابع من ايار وان كان باسلوب جديد، رابطة الامر بالايجابية الشديدة التي يتحدث بها العماد عون عن قرب عودته الى بعبدا، من جهة، وعن عدم ممارسة حزب الله اي ضغط باتجاه الرابية لثنيها عن الذهاب الى مواجهة في مسألة التعيينات العسكرية وتمديد خدمات قائد الجيش العماد جان قهوجي، علما ان وزيرا عاد حديثا من سوريا باح امام زواره باسم ثنائي رئاسي لتولي الحكم في الفترة المقبلة من خارج قيادات الصف الاول مسيحيا واسلاميا، غامزة في هذا الاطار من قناة حديث السيد نصر الله الاخير وتاكيده ان الجنرال كان خيار الحزب للرئاسة منذ 2006، رغم ان الاخير اختار تزكية خيار العماد سليمان عام 2008 رغم انتصاره وامساكه بالشارع عقب مواجهات ايار الشهيرة.
ماذا بعد قرار المقاطعة البرتقالية لجلسات مجلس الوزراء؟ سؤال مشروع يطرحه كل متابع لمواقف التيار وقراراته، بعدما تجرّع كأس التمديد الاول المر بصعوبة العام الماضي فلم يذهب آنذاك الى المغامرة بحكومة المصلحة الوطنية لجملة اعتبارات يتربع في صدارة اولوياتها عدم مساندة الحلفاء وخصوصا حزب الله القرار البرتقالي بالانتفاضة ضد التمديد. فهل يمضي التيار في ثورته في طبعتها الثانية؟ ام يقف على عتبة المصلحة الوطنية العليا التي أملت سابقاً «الرضوخ» ما دام تسديد الضربة القاضية للحكومة أكبر من قدرته وقوته؟