IMLebanon

فرنسا تحاول حصر اضرار «اللـغـم» الاميركي .. فهل تنجو الحكومة؟

 

 

توقيت العقوبات يُفاجىء بـاريـس .. وقـلـق من تشدّد «الثـنائي الشيعي»

بيروت «صندوق بــريــد» : الاليزيه مُستاء من زيـــارة هنية «التركي»

 

 

لم يغادر لبنان موقعه كساحة للصراعات الاقليمية والدولية، وما تبدى انه هدنة فرنسية «هشة» لتقطيع الوقت ريثما تتضح هوية الرئيس الاميركي المقبل، تبين انه مجرد قراءة خاطئة في «الفنجان»، بعدما بدأت تتظهر عناوين الاشتباك السياسي والامني بأسوأ مظاهرها، ما يضع البلاد في اتون «كباش» قاس، سواء تم تشكيل الحكومة العتيدة او لم تشكل، فيما يجري العمل على اعادة رسم التوازنات الاقليمية على نحو خطير بعد التحاق دول الخليج قاطبة بمشروع دونالد ترامب لتسليم اسرائيل «مفاتيح» المنطقة كرأس حربة للمشروع الاقليمي في مواجهة ايران وحلفائها، فيما تبقى «الورقة» التركية «عصا» غليظة يستخدمها البيت الابيض في مواجهة الخصوم والحلفاء ومنهم الاوروبيين وفي طليعتهم فرنسا الباحثة عن دور اقليمي جديد على المتوسط انطلاقا من لبنان الذي سيكون واحة خصبة لهذا الصراع في ظل تعقيدات اقتصادية وسياسية خطيرة فيما يبقى «اللعب» بالامن احد اشد الاسلحة فتكا في لعبة «عض الاصابع» بعدما عادت بيروت لتكون «صندوقة بريد» لتبادل «الرسائل» بين الاطراف المتنازعة…

 

وفي هذا السياق، تلفت اوساط سياسية بارزة الى ان الدخول الاميركي «الفج» على خط الازمة اللبنانية عبر فرض عقوبات على الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس، وعلي حسن خليل، يعقد الامور ولا يحلها، لان الخلفيات السياسية واضحة ولا تحتاج الى دليل، عنوان مكافحة الفساد لا يمكن للادارة الاميركية تسويقه لان حلفاءها في لبنان ليسوا اقل تورطا من الاخرين، والواضح ان رفع «دوز» المواجهة مع حزب الله قرار لا رجعة فيه، واذا كانت الدفعة الاولى قد طالت رئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب السابق سليمان فرنجية، فان الامور لن تتوقف عند هذا الحد، وستتدرج العقوبات على نحو متصاعد لتطال آخرين، اما لماذا قامت الادارة الاميركية «بتقسيط» العقوبات، فالجواب واضح بالنسبة لمصادر دبلوماسية غربية، فحركة امل، وتيار المردة، ثابتان في تحالفهما الاستراتيجي مع حزب الله، ولا ينفع معهما التهديد والوعيد، اما الاخرون وفي مقدمهم التيار الوطني الحر بقيادة النائب السابق جبران باسيل، فقد وصلتهم الرسالة القاسية بعدما «كشرت» ادارة ترامب عن «انيابها»، والرهان الان على فترة سماح غير طويلة كي يحسم باسيل خياراته، فاما الاستمرار بتحالفه مع حزب الله، وتحمل العواقب، او البدء بخطوات عملية بالابتعاد عن خيارات الحزب تحت عنوان عدم تعاون «حارة حريك» مع معركته ضد الفساد، تزامنا مع تحريك رئيس الجمهورية ميشال عون ملف «الاستراتيجية الدفاعية»، وتلقف مبادرة «الحياد» المطروحة من قبل بكركي، ووضع «سلاح» حزب الله على «طاولة» النقاش، ووفقا للمعلومات، تحدث الاميركيون صراحة مع باريس حول هذا الملف، وطالبوا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مفاتحة الايرانيين، وطرحوا تجزئة ملف «السلاح» من خلال القبول في مرحلة اولى بتخلي الحزب عن سلاح الصواريخ «الدقيقة»، وتاجيل الامور الاخرى الى وقت لاحق، وهو امر رفض الايرانيون النقاش فيه…

 

ووفقا لمصادر مطلعة، تحرك الفرنسيون بقوة خلال الساعات القليلة الماضية لمحاولة حصر اضرار العقوبات الاميركية المستجدة، خوفا من تداعيات مباشرة على مفاوضات تشكيل الحكومة، ومن الواضح بحسب تلك الاوساط، ان باريس غير مرتاحة لتوقيت صدورها خصوصا انها ستدفع بالاطراف المستهدفة الى تشديد مواقفها بعدما طالتها العقوبات، وكان اول «الغيث» ابلاغ «الثنائي الشيعي» كل من يعنيهم الامر ان باب التفاوض حول وزارة المال اقفل، ولم يعد واردا التخلي عن التوقيع الثالث، بعدما قوبلت الايجابية التي قادها «الثنائي» اتجاه المبادرة الفرنسية، بسلبية غير مبررة … في المقابل باتت جميع الاطراف المتعاونة مع ماكرون ينتابها الشك حيال قدرة الفرنسيين على التأثير في مجريات الامور بعدما اتضح بان الاميركي قادر على التخريب من خلال اعتماده سياسة «العصا» مقابل «الجزرة» الفرنسية التي ستصبح دون اي معنى مع الوقت..

 

وامام هذه المخاطر والتحديات، تخضع «المبادرة» الفرنسية لاول تحد جدي بعدما رفع الاميركيون سقف المواجهة ولم يمنحوا الرئيس ماكرون الفترة الكافية لقطف ثمار «انزاله» اللبناني، ثمة ساعات حاسمة يعمل من خلالها الفرنسيون على تخفيف اضرار «اللغم» الاميركي، من خلال مروحة اتصالات شملت «عين التينة»، بعدما باتت اطراف لبنانية وازنة، مقتنعة بان الاميركيين لن يتراجعوا مهما بلغت «التنازلات»، واذا كان بيان حركة امل واضح لجهة افهام من يعنيهم الامر بان «الرسالة» قد وصلت، وسيكون «الرد باحسن منها»، واذا كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية قد جدد تمسكه بخياراته، فان «التيار الوطني الحر» لا يبدو في طور اجراء اي مراجعة جدية في علاقته مع حزب الله لانه بات مدركا انه سيخسر كل شيء، بعدما بات مقتنعا ان «خط الرجعة» مع واشنطن قد «قطع»، ولا مكاسب مضمونة في العاصمة الاميركية او الفرنسية، ومن هنا تبقى الساعات المقبلة حاسمة لجهة تحديد الضرر المترتب على التصعيد الاميركي، وتعمل فرنسا بقوة لانقاذ الحكومة من «شظايا» «القنبلة» الاميركية..

 

في غضون ذلك، تواجه باريس تحديا من نوع آخر على الساحة اللبنانية، وهي تعاملت بكثير من الاستياء مع زيارة رئيس المجلس السياسي في حركة حماس اسماعيل هنية الى بيروت، باعتباره «مبعوثا» للرئيس التركي رجب طيب اردوغان في بيروت، وقد حصل عتاب لعدد من المسؤولين اللبنانيين لمنحه هامشا كبيرا في التحرك الميداني، وكان الرد واضحا لجهة استقباله كقائد للمقاومة الفلسطينية التي كانت تعقد مؤتمرا في بيروت، وليس كزعيم للاخوان المسلمين يحمل رسائل تركية «مزايدا» على الدور الفرنسي..؟

 

لكن هذه «التبريرات» «لا تثمن ولا تغني عن جوع»، بحسب مصادر مطلعة على الوضع الامني في البلاد، لان النقاش ليس اليوم حول خلفية واهداف زيارة هنية الى بيروت، «فالاوركسترا» التي عملت على انتقاد زيارته معروفة التوجهات الاميركية، وهي جزء ايضا من «الابواق» الخليجية المعارضة لتركيا، لكن ما هو اخطر، هو انتقال تبادل الرسائل الى «الشارع» وسط انفلاش مريب للمجموعات «الداعشية»، وفي هذا السياق، ثمة علامات استفهام مريبة حول «الكتمان» غير المفهوم في تحقيقات جريمة «كفتون»، فيما يطرح الاشتباك في «طريق الجديدة»، وقبله في خلدة، اكثر من سؤال حول عدم الحسم الجاد مع تلك المجموعات المسلحة، ما يترك الابواب مشرعة على اهتزازات امنية معروفة الدوافع والتي تهدد الاستقرار الامني «الهش» في البلاد..