IMLebanon

الاستشراق… العنيف والجديد  

 

في سنواتي الباريسية الأخيرة، في مطالع التسعينات، كنتُ أثير، مع أستاذي محمد أركون والمستشرق دانييل ريغ وغيرهما، سؤالاً مفاجئاً: هل انتهى الاستشراق الفرنسي وغيره؟ والداعي الى سؤالي كان تراجعَ أعداد الفرنسيين المُقبلين على دراسة العربية والثقافة الإسلامية، فيما تتزايد بالمقابل أعداد الطلبة المغاربة.

 

اما الداعي الآخر لسؤالي فكان ظهورَ دارسِين فرنسيين يهتمون خصوصاً بالمهاجرين العرب، من دون أن يكونوا احفاداً نجباء للوي ماسينيون او جاك بيرك أو مكسيم رودنسون.

 

مثل هذا السؤال لم يعد مطروحاً غداة 11 ايلول2011، سواء في فرنسا أو الولايات المتحدة الأميركية وغيرهما. إذ راح يَظهر إقبالٌ متعاظمٌ على الدراسات الشرقية والإسلامية (التي كانت قد أصبحت مهملة)، وإقبالُ دور النشر على نشر البحوث والروايات وحتى الشعر العربية…

 

ما يَظهر هو أن فهم ظاهرة الإسلام السياسي العنيف والجذري، بكل مذاهبه وجماعاته وتجلياته، شكل دافعاً، بل حاجة معرفية واستراتيجية ودراسية في هذه المجتمعات الأجنبية.

 

فيما شكلت اللغة، والدين، والثقافة، والأدب دوافع لدى غيرهم من المستشرقين، ممن وجدوا في نطاق هذا الدرس فرصةً للتعليم والتوظيف والتأليف. بل وصلت النخب العربية إلى قبولهم في مجتمعاتهم ومؤتمراتهم، بشخصهم أو بكتبهم.

 

وبعض هؤلاء أربكَ إدوارد سعيد في نقده المعروف للاستشراق…

 

ولكن ماذا يمكن أن نتوقع من المستشرقين الجدد، المرشحين للبروز والتقدم؟ هل سيعيدون وصلَ ما انقطع مع سابقيهم؟ هل سيستعيدون عِلمَ السابقين المتوسع وانفتاحَهم على أحوال المجتمعات والثقافات وقضاياها؟ أم تراهم سيكونون حاصل العنف الصراعي الأخير، الإسلامي والأجنبي في آن؟

 

وهو سؤال يخص الجامعات والدارسين في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من غيرهم، إذ تزداد أعدادهم بقوة، عدا أن بعض من عرفتُ منهم، في مؤتمرات وندوات، هنا وهناك، لا يملكون سوى ثقافة محدودة، وتشددٍ كبير قريبٍ من العجرفة.