يتوقع أن تتبلور ظروف التسوية أو المخرج الذي حصل بين الأطراف السياسية، والذي أدّى إلى تحديد جلسة للحكومة، وينقل وفق المعلومات من أكثر من مصدر سياسي مواكب وعلى بيّنة من الإتصالات، بأن هناك لقاءات جرت بعيداً عن الأضواء، وثمة مشاورات جرت بين مرجعيات رئاسية وسياسية أدّت إلى تسوية تهدف إلى ترتيب الملفات، بدءاً من مجلس الوزراء وعودته إلى الإجتماع إلى الملف القضائي من خلال عودة التحقيقات مع الوزراء والنواب إلى اللجنة النيابية، أي بأن تكون محاكمتهم في مجلس النواب وليس خارجه، وهذه النقطة التي حُسِمت كانت مدخلاً من أجل العودة إلى مجلس الوزراء، إنما من خلال جلسة واحدة، وبمعنى أوضح، أن هذه التسوية أو المخرج القضائي لم يُحسما بشكل نهائي، وخصوصاً على الصعيد القضائي، إنما، وفي حال كان هناك اتفاق بين هذه المكوّنات السياسية والحزبية، فإن مجلس الوزراء سيعود إلى عمله كالمعتاد من خلال الجلسات الدورية، ولكن أيضاً وفي حال استمرّ التعطيل، فإن ميقاتي ملتزم بدور حكومته القاضي بإجراء الإنتخابات النيابية وعدم الإستقالة إلى حين حصول الإنتخابات النيابية، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذه الأمور أكدها مرجع سياسي في مجالسه نقلاً عن السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي أكدت بأن الحكومة اللبنانية باقية، وفرنسا لن تسمح أو تقبل باستقالة رئيسها، وهذا ما قيل له من قبل كبار المسؤولين الفرنسيين، وفي طليعتهم الرئيس إيمانويل ماكرون.
وعلى خط آخر، ثمة معلومات بأن عودة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، لا يعني أن هناك توافقاً بين القوى الإئتلافية المشاركة في الحكومة، لا بل هي تتّجه إلى مزيد من الإنقسام والخلاف فيما بينها، ويُتوقع بأن تشهد الأسابيع المقبلة إعلان جبهات سياسية وعودة إلى مرحلة الإصطفافات التي كانت سائدة خلال مرحلة 8 و14 آذار، في حين ثمة أجواء موثوقة تشير إلى أن الإتفاق الذي حصل على عودة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، إنما كان ضمن عناوين محدّدة تتمحور حول مناقشة الموازنة، إلى قضايا إجتماعية وإقتصادية ملحّة، على أن لا تتضمّنها أي بنود سياسية أو إثارة مسائل تعيد الأمور إلى المربع الأول، وتؤدي إلى تغيير مجلس الوزراء، وهذا ما حذّر منه الرئيس ميقاتي، الذي أخذ موافقة من كل القوى الممثّلة في الحكومة بأن لا يثار داخل الجلسة أي موضوع، أكان قضائيا أو سياسيا، بل حصر كل الملفات في خانة القضايا الإجتماعية والإقتصادية وبناءً عليه، أخذ وعداً من المعنيين، وبالتالي ستكون هذه الجلسة بمثابة اختبار جدّي لما سيكون عليه عمل مجلس الوزراء في مرحلة لاحقة، فإما تكون الصفقة والتسوية شاملة ومحسومة ليعود المجلس إلى الإنعقاد، وإلا فإنه ومن جديد سيتحوّل إلى مجالس وزارية مصغّرة وتكون الحكومة لتصريف الأعمال، وبالتالي، ثمة ترقّب لما ستضفي إليه المرحلة المقبلة في ضوء ترقّب بعض المحطات الداخلية والإقليمية ليبنى على الشيء مقتضاه على كل المسارات السياسية والإقتصادية، وصولاً إلى الإنتخابات النيابية والرئاسية.
لذا، فإن ما جرى لا يعدو كونه اختبار نوايا، وفي الوقت عينه مصالح سياسية وانتخابية متداخلة لمعظم المشاركين في الحكومة وخارجها، دون أن يعني ذلك أن العودة إلى مجلس الوزراء كانت ضمن توافق القوى المشاركة فيه، بل أن مقتضيات المرحلة هي من فرض انعقاد هذه الجلسة، وربطاً بالتدهور الإقتصادي المستمر، وحيث لم يعد في مقدور أي طرف أن يتحمّل تبعاته.