IMLebanon

لبنان وفرنسا  

 

 

المؤرّخ الراحل المرحوم الأب أغناطيوس طنوس الخوري وضَعَ، في خمسينات القرن العشرين الماضي، كتابه «لبنان وفرنسا» وترجمه، بنفسه، إلى اللغة الفرنسية “Le Liban et la France”، يؤرّخ فيه لهذه العلاقة بالوثائق والأدلة الثبوتية.

 

ولمناسبة زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان موفَداً فوق العادة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كمدخلٍ لمبادرة فرنسية تبحثُ في حلول للأزمة اللبنانية، نُلقي ضوءاً سريعاً على هذه العلاقة.

 

نعرفُ سلفاً أنّ ماكرون لا يملكُ عصا سحرية يُقيلُ بها لبنان من عثراته المروّعة التي وصَلت به إلى ما دون التحت. ولكننا على ثقة بأنّ فرنسا مُستعدّة جديّاً لمساعدة هذا الوطن الذي لا تزالُ فيه، ناشطةً، بعض معالم الثقافة الفرنسية و»الحضور» الفرنسي أقلّه عبر المدارس والإرساليات الفرنسية. وعندما تهتمّ باريس بنا إنما تُـحافظ على حدّ أدنى من مصالحها كوننا بابها الوحيد إلى هذا الإقليم.

 

لقد مرّت العلاقة اللبنانية – الفرنسية بالكثير من الرومانسية، ولكن دائماً في إطار الحرص الفرنسي على هذا الوطن الصغير، ما ميّزه عن محيطه في شؤون ديبلوماسية وثقافية وإنسانية… إلى أن تولّى شؤونه أولئك الهجينون المُتأمركون. وإذا الإمبراطور نابوليون الثالث قد أهدى عصاه (الصولجان) إلى البطريرك الماروني، فإنّ الرئيس الكبير الجنرال شارل ديغول «أهدانا» أهمّ من ذلك بكثير عندما وقفَ (وحيداً بين دول العالم الفاعلة) ليُندّد بالعدوان الإسرائيلي على بيروت مطلع العام 1969 إثر تدمير العدو الإسرائيلي أسطول الطيران المدني اللبناني (13 طائرة) ويُقرّر حجب قطع الغيار عن طائرات «ميراج» الإسرائيلية التي نفذّت العدوان وكانت أهمّ مُقاتلة في زمانها.

 

ولا شكّ في أنّ العلاقات الممتازة بين لبنان وفرنسا مرّت بمراحل مختلفة وحافظت دائماً على مستوى رفيع وبلَغت ذروتها أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك ما أدّى إلى قيام ونجاح مؤتمرات باريس الثلاثة، كما إلى ترؤس لبنان مؤتمر الدول الفرانكوفونية الذي عُقد في بيروت مطلع القرن الحادي والعشرين.

 

وإعلان لبنان الكبير في أيلول 1920 قبل قرن كامل من الزمن تمّ في حضور قائد الجيوش الفرنسية في المنطقة هنري غورو من أمام المتحف الوطني وكان يتوسّط البطريرك إلياس الحويك إلى يمينه والمفتي مصطفى نجا إلى يساره.

 

كما أنّ فرنسا أسهمَت كثيراً في قرارات مجلس الأمن الدولي لمصلحة لبنان (501 و508 و511 و594 و599…) وشاركت في القوّة المتعدّدة الجنسيات ودفعَت الثمن الأغلى في تفجيرات بيروت عام 1983 فسقط لها 89 جندياً بينهم 58 مظليّاً، والبحثُ يطول…