مهما حاول الناطقون باسم الامم المتحدة، أو الناطقون باسم امين عام الامم المتحدة المدعو بان كي مون، التخفيف او التوضيح لتقرير بان كي مون الذي سوف يعرض في الاجتماع الموسّع المنوي عقده في 19 ايلول المقبل لمعالجة ما سمّي «بالتحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين» والذي اطلق عليه زوراً اسم «بأمان وكرامة» فان مضمون هذا التقرير الذي قيل انه لا يعني بلداً محدداً بالاسم، بل هو يلقي الضوء ويصف العلاج لكيفية مواجهة مشكلة النازحين من بلادهم واللاجئين الى دول اخرى، يكشف هدف مضمون تقرير بان كي مون الذي يختصر بكلمات قليلة، هي تطبيع وتجنيس اللاجئين في الدول التي فتحت لهم ابوابها، ومنحتهم كامل الحقوق التي يتمتع بها اهل البلاد الاصليين، واي كلام آخر، هو كذب وتضليل واحتيال، ولا يفيد القول بأن مون لم يذكر لبنان او الاردن او تركيا بالاسم، لأن الاجتماع المقبل في 19 ايلول، سيلزم جميع الدول بمضمون تقرير امين عام الامم المتحدة، في حال قبل المجتمعون به ووافقوا عليه، لأن هذا التقرير سيكون بنداً اساسياً في اتفاق جنيف حول رعاية شؤون اللاجئين الذي اعلن في العام 1951، ورفضه لبنان منذ ذلك التاريخ وما يزال مصراً على رفضه على الرغم من الضغوط الدولية والاممية احياناً، والاغراءات المالية احياناً اخرى، وكل ذلك بهدف حلّ مشاكل النازحين واللاجئين على حساب حياة ووجود الدول المضيفة، وبالتالي فان زيارة بان كي مون مؤخراً الى لبنان، لم تكن بريئة، والاعلان عن نيّة تقديم مساعدات مالية وغير مالية الى لبنان، لمساعدته على تحمّل اللجوء الفلسطيني، والنزوح السوري، كانت نوعاً من الرشوة اولاً، واستغلالاً للتناقضات السياسية والطائفية والمذهبية في لبنان ثانياً، لخلق حالة قبول بالتطبيع عند فريق من اللبنانيين للبناء عليه واستكمال تنفيذ ما يخطط «للبنان المسكين». وهذه الجملة ليست من عندي، بل رددها الاخضر الابراهيمي المبعوث الاممي السابق الى سوريا، عندما سئل عن وضع لبنان في مؤامرة الدول الكبرى داخل الامم المتحدة، وسبق لي وكتبت مقالاً بهذا المعنى في 22 شباط 2016 حمل العنوان الآتي : الابراهيمي : «الله يساعد لبنان».
******
هذا الموقف المؤامرة من بان كي مون، تحت ستار العطف على اللاجئين والضغط لتطبيع وجودهم حيث هم، ذكّرني بمعلومة قيلت لي منذ شهر وتمهّلت في كتابتها للتأكد من صحتها اولاً ومعرفة خلفياتها ثانياًَ، الى ان جاء تقرير امين عام الامم المتحدة، ليعطيها مصداقية، ويكشف الوجه الحقيقي لسياسة فرنسوا هولند، رئيس جمهورية «الامّ الحنون» فرنسا، و«ابنة الكنيسة» الخائنة، وفق وصف البابا فرنسيس، والمعلومة تقول ان هولند، فاجأ البطريرك بشارة الراعي بالردّ عليه عندما دعاه الى حماية الوجود المسيحي في لبنان، بعدما تقلّص هذا الوجود في الدول العربية، «من المفيد انكم تعيشون المساكنة بين الطوائف في لبنان، والمسيحيون لهم مصلحة وجودية بهذه المساكنة، ولو لم يوافق سعد الحريري، على المناصفة في بلدية بيروت بين المسيحيين والمسلمين، كنتم اليوم خارج البلدية، وهذا امر جيد من الحريري، وكان سبق لهولند واعطى اشارة للراعي بان فرنسا تهتم بجميع اللبنانيين، وليس بالمسيحيين في شكل خاص.
بين تقرير بان كي مون، وموقف فرنسوا هولند، يمكن القول، كنتيجة لهذين الموقفين، ان فرنسا تخلّت عن المسيحيين، وان الامم المتحدة تخلّت عن لبنان، وبالتالي لم يعد امام المسيحيين خصوصاً، واللبنانيين عموماً، سوى المقاومة والنضال لكي لايذهب لبنان وشعبه «فرق عملة»في لعبة الامم على مساحة العالم العربي كلها، بخلاف ذلك هناك غيوم سود تتجمع في الافق القريب، تنذر بهطول كارثة سوداء.