Site icon IMLebanon

فرنسا وشرف الشرعية الدولية

في الحسابات الإسرائيلية أن العالم العربي ينهار وأن قضية فلسطين إن لم تكن قد انتهت بالتقادم، فإنها تنتهي على وقع الانهيارات المتلاحقة التي تعصف بالدول العربية، وترسم ملامح تبدلات عاصفة وكارثية ستعيد رسم الخرائط والهويات بعد فترة طويلة من الصراعات المدمرة والمآسي!

طبعاً المبادرة الفرنسية لتحريك التسوية وحل القضية الفلسطينية لن تصل إلى أي نتيجة، لنقل إنها مجرد حجر يُلقى في بركة الحل المنسي ليس بالنسبة إلى اسرائيل وحدها بل بالنسبة إلى الدول العربية الغارقة في مشاكلها الأمنية وفي مخاوفها المتصاعدة مما قد تحمله التطورات من سيناريوات مقلقة، فمنذ عام 1948 لم يكن الوضع العربي أسوأ مما هو الآن.

باراك أوباما سيذهب إلى بيته خائباً حيال وعوده المتكررة بإقامة الدولة الفلسطينية، في حين ليس في وسع بوتين أن يفعل أي شيء في هذا السياق، ولا في استطاعة الرباعية الدولية والأمم المتحدة أن توقفا جرافة واحدة تهدم بيتاً فلسطينياً، وبكثير من الألم والغضب أقول إنه يُخشى أن تصبح قضية فلسطين إحدى القضايا الخاسرة في العالم وما أكثر هذه القضايا!

لكل هذا لا أتردد في أن أرفع صوتي صارخاً تحية إلى فرنسا التي تثبت مرة جديدة أصالتها الأخلاقية وحرصها كدولة مسؤولة ومحترمة على الحق والعدل والقانون الدولي وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة، فعلى رغم ان مبادرتها التي حملها لوران فابيوس الى الرئيس محمود عباس وبنيامين نتنياهو لن تتمكن من أن تخرق جدار الاحتلال الذي يرفض أي تسوية، فإن مجرد تحريك القضية الفلسطينية يعتبر تصرفاً مسؤولاً ونبيلاً وخصوصا في هذا الوقت الصعب.

فرنسا التي وجدت ان المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية وصلت الى حائط مسدود، تؤمن على ما يعلن وزير خارجيتها ان على الأسرة الدولية وخصوصا الدول الأوروبية أن تتدخل بفاعلية أقوى وأشد من أجل تحريك العملية السلمية، ولهذا اقترحت مبادرة متوازنة وذكية تقضي بإعطاء الفلسطينيين والاسرائيليين فرصة أخيرة مدتها سنة ونصف سنة للتفاوض، فإذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام تعترف الأمم المتحدة بدولة فلسطين المستقلة في حدود 1967، على أن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين وأن يتم تبادل متساوٍ للأراضي بموافقة الطرفين!

نتنياهو الذي كان قد اعلن أن التطورات تجاوزت “مبادرة السلام العربية” رفض المبادرة الفرنسية مستعملاً حجة الأمن، بالقول إنهم يحاولون حشرنا في حدود لا يمكن الدفاع عنها، تماما كما كان اسحق رابين يقول “إن سلام المنطقة ينبع من أمن إسرائيل”، بما يضع شروط السلام تحت وصاية الأمن الاسرائيلي!

والمهزلة أن إدارة أوباما طلبت تأجيل التحرك الفرنسي بسبب المفاوضات مع إيران، لكن فرنسا تحاول حفظ شرف الشرعية الدولية الذي مزقته إسرائيل ودمّرته أميركا!