«يا محلا» الدّرس اللبناني عن الدّرس الأوكراني، مشهد فلوديمير زيلنسكي «زلمة» أميركا وهو يقف وحيداً منبوذاً جعلنا أكثر تفاؤلاً بوضع لبنان بالرّغم من كلّ مشاهده الهزليّة بدءاً من مشهد «يا ميمة جنب الخيمة» الذي قرّر حزب الله أن يملأ به فراغ «النّصر الإلهي» الذي انتهت صلاحيّة استهلاكه، إلى المشهد الذي تقتحمه قطر من حين الى آخر بصفة امتلاكها الحلّ لأزمة لبنان والمهرجان الخماسي الذي ينعقد من دون نتائج، يكلّلها كلّها مشهد أيمانويل ماكرون يقف مع رفاقه زعماء النّاتو من دون أن يلحظ حتى فلوديمير زيلنسكي بالرّغم من وعود تزويده كييف بصواريخ «سكالب» العاجز منذ اندلاع الحرب الأوكرانية ـ الرّوسيّة والذي استقطع الوقت باتصالات بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تركه عالقاً أمام العالم في مشهد الطاولة التي أجلسه إليها وبينهما مسافة مهينة لرئيس فرنسا، هو نفس الوقت الذي يستقطعه عبر مبعوثه جان إيف لودريان باحثاً عن صورة له في لبنان!!
تأتينا فرنسا في الآخر من حيث بدأنا من الأوّل من «الحوار» ومقرّه في «قصر الصنوبر» كأنّها تعيدنا إلى الوراء ما يقارب النّصف قرن، الهروب الفرنسي إلى الحوار فشل ذريع ، الحوار حول ماذا ومع من؟ وإذا كنا لا نريد أن نذهب بعيداً جداً هل تذكرون بنود اتّفاق الدّوحة عندما نصّ في فقرته الرابعة على: «… وتنفيذا لنص اتفاق بيروت المشار إليه وبصفة خاصة ما جاء في الفقرتين 4 و 5اللتين نصتا على: «(…) إطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة على الساحة اللبنانية بما يضمن أمن الدولة والمواطنين، وبذلك تم إطلاق الحوار بالدّوحة حول تعزيز سلطات الدولة طبقا للفقرة الخامسة من اتفاق بيروت وتم الاتفاق على ما يلي: «(…)حصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكل ضماناً لاستمرار صياغة العيش المشترك والسلم الأهلي اللبنانيين كافة وتتعهد الأطراف بذلك»، أو هل تذكرون «المسخرة» التي تلجأ إليها المعارضة لتعطيل طاولة الحوار عندما تتحدّث عن توسيعها بالإضافة إلى مناورة إلغاء القرار 1559 والمناورة الكبرى في الحديث عن إلغاء الطائفيّة السياسيّة»؟ أو هل تذكرون أصوات الممانعة التي اعتبرت أن «طاولة الحوار تحتاج أولاً وأخيراً إلى الإجماع»، وكان هذا الكلام مخالفة حادة لما نصّ عليه اتفاق الدوحة كذلك الكلام الغامض الذي قال: «إذا ارتأى المجتمعون حول طاولة الحوار ضرورة توسيع جدول أعمالها فقد يتم ذلك، لأن هدفها الأساسي هو الحوار. وأغرب ما سمعه اللبنانيّون وقتها :»أن طاولة الحوار ليس لها أي صفة تقريرية او تنفيذية لما يصدر عنها من قرارات» يعني حكي بحكي، حتى لا نقول كلاماً خارج الذّوق والأدب!
لا شيء يُحبط اللبنانيين سوى إحساسهم بأنك هناك من «يستغبيهم» أو يفترض فيهم أنهم أغبياء ويتمادى في التذاكي عليهم، سيناريو التعطيل هذا ليس بجديد لقد عشناه معكم ثلاث مرّات وها أنتم تفرضون الفراغ وتعطلون الرئاسة وتمنعون انتخاب رئيس وهذه المرّة برعاية «ماكرونيّة» في انتظار تمكنّكم من فرض مرشّحكم ومعه «الخط» رئيساً للجمهوريّة، هل يظن المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريّان أن بوسعه أن «يستحمر» الشّعب اللبناني عندما يخبرنا أنّه لا حلّ متاح بعد جولاته الفاشلة إلّا بـ الحوار!