IMLebanon

فرنسا بين لبنان ومصر  والفارق بين المئة مليون والمليارين

بالتأكيد هناك فارق بين زيارة عمل وزيارة دولة، كما هناك فارق بين مئة مليون يورو ومليارَي يورو.

بين زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للبنان وزيارته لمصر، إنكشف سبب زيارة الوطن اللبناني في مقابل مصر: الرئيس الفرنسي زار لبنانات أكثر مما زار لبنان واحداً، أما في مصر فسلطة مركزية.

الرئيس الفرنسي كان له يومٌ في لبنان ويومٌ لسوريا في لبنان: اليوم اللبناني بروتوكولي بامتياز، وفي سوريا في لبنان عملي بامتياز:

بروتوكول في ساحة النجمة. بروتوكول في السراي. بروتوكول في قصر الصنوبر.

وفي اليوم التالي مغادرة إلى البقاع حيث لقاء نازحين سوريين واصطحاب عائلة من بينهم مؤلفة من أب وأم وطفل.

مئة مليون يورو للبنان لمساعدة السلطات اللبنانية على مواجهة أزمة النازحين السوريين. هذا كل شيء مع كل الطبل والزمر: لا عقود، لا إتفاقات، لا وفد اقتصادي مرافق، كل ما في الأمر وفدٌ متواضع من وزير الدفاع والثقافة وبعض المساعدين.

أما في مصر فالوضع مختلفٌ كلياً:

يرافق الرئيس هولاند وفد كبير يضم نحو ثلاثين من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى وكذلك رؤساء شركات صغيرة ومتوسطة سيشاركون في منتدى الأعمال المصري – الفرنسي ويحضرون توقيع إتفاقات في قطاعات مختلفة وخصوصاً في مجالات النقل والطاقة المتجددة والتدريب المهني.

بهذا المعنى فإنَّ المحصلة الفرنسية في مصر تتمثَّل بالوثائق. في توقيع 18 إتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 8،1 مليار يورو تتناول قطاعات البنى التحتية من كهرباء وقطارات وغيرها.

أكثر من ذلك، هناك حركة فرنسية في القاهرة تتجاوز الإتفاقات: ففي البرنامج زيارة لمقر البرلمان وحضور جزء من الجلسة العامة ولقاء مع الهيئات البرلمانية الممثلة للأحزاب السياسية في المجلس.

إذاً، اليومان الفرنسيان في مصر مختلفان كلياً عن اليومين الفرنسيين في لبنان، فزيارة العمل غير زيارة الدولة والمليارا يورو لمصر غير المئة مليون يورو للبنان.

في كل ذلك، لا تقع المسؤولية على الفرنسيين في تهميش لبنان، بل إنَّ السياسيين اللبنانيين هُم الذين يهمِّشون بلدهم، فلا إتفاق على شيء: بدءاً من النفايات وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

بهذا المعنى يجب أن يتوقّف اللبنانيون عن تحميل الآخرين مسؤولية ما وصلوا إليه، لا يجوز التذرُّع بمسؤوليات الآخرين، فهذه دول ولها مصالحها، كما للبنان مصالحه، فلنتوقّف ولو لمرة عن الإستجداء لأنَّ حياة الدول تقوم على احترام الذات، وهو ما يؤدي إلى احترام الآخرين.