Site icon IMLebanon

فرنسا لم تقاطع عون …

 

لماذا قاطع الوفد الرسمي الفرنسي برئاسة المبعوث بيار دوكان رئيس الجمهورية ميشال عون في زيارته الأخيرة للبنان؟ وهل يمكن ربط الامر بموقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في السعودية، عندما اتصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي وليس برئيس الجمهورية؟ وهل من رسالة أرادت فرنسا إمرارها لعون من خلال هذين الموقفين؟ اما السؤال المحيّر فهو: لماذا صرّح الرئيس ماكرون من السعودية انّه سيتصل بعون ليطلعه على أجواء المحادثات، الّا انّه لم يتصل حتى الساعة، في وقت علمت “الجمهورية” انّ السفيرة الفرنسية آن غريو، وفي زيارتها الاخيرة لعون عقب المبادرة الفرنسية – السعودية، أعادت التأكيد أمامه، انّ ماكرون سيتصل به قريباً ليضعه في أجواء المحادثات التي تمّت في السعودية، الّا انّ عون ما زال ينتظر هذا الاتصال.

صحيح انّ الاوساط القريبة من قصر بعبدا استغربت عدم اتصال ماكرون بعون حتى الساعة، الّا انّ المستغرب اكثر، بحسب تلك الاوساط، تصريح ماكرون العلني عن نيته وضع عون في أجواء تلك المحادثات، في وقت لم يبادر الى الاتصال به حتى الساعة، لافتة الى انّ ماكرون لم يكن مضطراً للتصريح بذلك من الأساس، لأن ليس من الضروري في رأيها وضع عون بأجواء المحادثات، المعني فيها اولاً رئاسة الحكومة وثانياً الوزارات المعنية بالإصلاحات…

زيارة غريو
يفترض البعض انّ مضمون الرسالة هو ما حملته السفيرة الفرنسية في زيارتها لعون. ولذلك هي لم تدلِ بأي تصريح بعد خروجها من القصر، ولهذا السبب وبحسب هؤلاء، تعامل المكتب الإعلامي للقصر مع زيارة غريو على الهامش في تقريره اليومي…

والسؤال المتداول هو: هل يمكن قراءة الأداء الفرنسي تمهيدياً قبل صدور العقوبات الاوروبية؟ وهل من الممكن ان تطاول تلك العقوبات الرئاسة اللبنانية وتحديداً عون؟

الأوساط القريبة من بعبدا تستبعد بل ترفض هذا الاستنتاج، مستغربة الترويج لعقوبات على الرئاسة تفرضها الدولة الفرنسية الصديقة على عون تحديداً، وهو الذي التزم اصلاً بكافة الشروط الاصلاحية التي طالبت بها فرنسا، من تسهيل تشكيل الحكومة التي كانت مطلباً فرنسياً أساسياً، وكذلك ثباته على مبدأ الفصل بين السلطات في قضية انفجار المرفأ، وهو بسبب موقفه يتعرّض للضغوط اليومية من حلفائه قبل خصومه بسبب تمسّكه بالقاضي طارق البيطار ورفضه “قبعه”، وهو الامر الذي تسعى فرنسا ايضاً اليه وتعمل له. بالإضافة الى اصرار عون على التمسّك بالتدقيق الجنائي واعتباره معركته، وهو مطلب فرنسي أساسي ايضاً.

فرنسا واللياقة
اما لماذا كسرت فرنسا الاصول الديبلوماسية والبروتوكول باستبعاد عون من برنامج زيارة موفدها دوكان، خصوصاً انّها تُعتبر الدولة الرائدة في اصول اللياقة واحترام البروتوكول، كما يُضرب بها المثل عالمياً في هذا المجال؟

يجيب مراقبون، انّ فرنسا تحتكم الى الأصول البروتوكولية في الزيارات والمناسبات الشخصية، انما مستباح خرق اللياقة والأصول في السياسة، خصوصاً اذا كانت هناك رسائل سياسية فرنسية حازمة.

فرنسا لا تقاطع بعبدا
في المقلب الآخر، يؤكّد مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ”الجمهورية”، أن ليست هناك مقاطعة فرنسية لرئاسة الجمهورية، وغير صحيح ما يُقال في هذا الشأن وتحديداً عن مقاطعة المبعوث الفرنسي دوكان لعون في زيارته بيروت، موضحاً انّ برنامج زيارة دوكان التي تستمر 3 ايام، لم تشمل في الأساس زيارة عون، كما لا تشمل ايضاً زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لأنّها ليست زيارة بروتوكولية عادية، بل هي عبارة عن اجتماعات عمل استكمالاً لزيارة بعثة صندوق النقد الدولي التي قصدت لبنان الاسبوع الفائت واجتمعت مع الوزارات المعنية بالشأن المالي والاقتصادي والاجتماعي، والمتعلقة بالإصلاحات المطلوبة والمتصلة مباشرة بصندوق النقد. لذلك، يوضح المصدر الديبلوماسي، انّ الزيارة الحالية ليست على مستوى رئاسي، بل غايتها مقابلة الوزراء المعنيين بحسن تسيير الخطط الإصلاحية….

اما بالنسبة الى عدم تصريح غريو بعد مغادرتها قصر بعبدا، فأوضح المصدر، انّ السفارة الفرنسية لا تصرّح ابداً عن المحادثات السياسية التي تجريها دوماً مع مختلف الاطراف السياسية. وأثنى المصدر نفسه على بيان المكتب الإعلامي للقصر الجمهوري بعد زيارة غريو، والذي اعتبره جيداً ولائقاً، بعكس ما يُشاع في هذا السياق من انّ المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية تجاهل زيارة السفيرة الفرنسية…