من دون مقدِّمات، يغرِّد الصحافي الفرنسي، في صحيفة «لو فيغارو»، جورج مالبرونو، أنّ الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، جان إيف لودريان، لديه شهران على أبعد تقدير، حتى منتصف ايلول المقبل، ليُنجز ما طلبه منه الرئيس ماكرون بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة في لبنان. بعد هذا التاريخ، سيكون لودريان في المملكة العربية السعودية حيث يتولى ادارة «الوكالة الفرنسية لتطوير العلا»، بعدما لم يحالفه الحظ في أن يكون مديراً لمعهد العالم العربي في باريس.
جورج مالبرونو، ليس صحافياً عادياً، هو صاحب اكثر من «سَبْقٍ» صحافي في «لوفيغارو»، وغالباً ما تسبب له المعلومات التي يكشفها «إشكالات» مع أصحاب القرار، تماماً كما حصل معه يوم رافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت إثر انفجار المرفأ، ونشر محضر لقاءيْ الرئيس ماكرون مع القادة اللبنانيين، وقد «وبّخه» الرئيس ماكرون أمام وسائل الإعلام، لكن هناك مَن اعتقد يومها أنّ ما كشفه مالبرونو كان منسقاً مع دوائر «الإليزية» الذي أراد ايصال رسالة إلى القادة اللبنانيين، واليوم هل تكون تغريدة مالبرونو عن جان إيف لودريان بمثابة حث للقادة اللبنانيين أنّ لديهم مهلة تنتهي في أيلول، بالتزامن مع مغادرة لودريان لمهمته وتسلمه مهامه الجديدة في المملكة العربية السعودية؟
المشكلة، أنّ التوقيت الفرنسي يبدو أنّه لا يتطابق مع التوقيت اللبناني. كما أنّ «الأجندة الفرنسية» غير مطابقة للأجندة اللبنانية: الرئيس إيمانويل ماكرون مستعجل ويريد أن يحقق «إنجازاً» في لبنان يعوضه عن الفشل في أكثر من بلد، هو يحاول منذ السادس من آب 2020، وليس من باب المصادفة أو المفارقة أنّه اصطحب معه في زيارتيه الأولى والثانية رجال أعمال ومصرفيين لبنانيين بغية «تسويقهم» في مواقع قيادية في لبنان، من مصرف لبنان إلى مرفأ بيروت إلى كهرباء لبنان إلى مجال التنقيب عن النفط.
لا يميّز الفرنسيون بين ما هو سياسي وبين ما هو مصالح، فرنسا التي يعرفها لبنان منذ عشرينيات القرن الماضي حتى الأربعينيات منه، لم تعد موجودة، آنذاك كانت «الأم الحنون»، اليوم لم تعد كذلك، باتت «فرنسا المصالح».
فرنسا اليوم منهمكة بمشاكلها، لا تكاد تخرج من مشكلة داخلية حتى تقع في أخرى، من مشكلة القمصان الصفر، إلى مشكلة قانون التقاعد، وأخيراً وربما ليس آخراً، قضية مقتل الشاب الجزائري الذي أشعل باريس وضواحيها وطرح مشكلة المهاجرين وعدم الاندماج مع المجتمع الفرنسي.
«إستهلك» الرئيس ماكرون، حتى الآن، اثنين من المقربين منه اللذين يحظيا بثقته، فهل لديه ثالث؟ وهل يكون الثالث «ثابتاً»؟
ما هو مؤكد، ووفق معطيات ديبلوماسية، أنّ لودريان سيطرح «طاولة حوار»، لكنها ستفتقد إلى «أرْجُل» مسيحية، وهذا ما سيجعلها عرجاء من أول الطريق. وللتذكير فإنّ الرئيس ماكرون نفسه عقدَ «طاولة حوار» في قصر الصنوبر عام 2020، ولم توصِل إلى نتيجة. وعليه، من أخفق منذ سنتين، لماذا ينجح اليوم؟