Site icon IMLebanon

الفرنسيون لم ييأسوا بعد!

 

 

يبدو الاستحقاق الرئاسي عالقاً تحت ركام حرب غزة منذ 7 تشرين، في انتظار من ينتشله ويعيد ضخ الحياة في عروقه المسدودة.

لما كان مسار الملف الرئاسي يتوقف بالدرجة الأولى على دينامية الدور الخارجي نتيجة العجز الداخلي، فإنّ انشغال القوى الاقليمية والدولية بالحرب الإسرائيلية على غزة وضع لبنان مجدداً خارج رادار اهتماماتها، الّا في الجانب المتصل بـ«حزب الله» وحجم انخراطه في المواجهة العسكرية مع الكيان الإسرائيلي.

ولئن كانت اصوات داخلية عدة قد اعتبرت انّ العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة يجب أن يكون حافزاً إضافياً للمبادرة فوراً، وبلا مزيد من التأخير، الى انتخاب رئيس الجمهورية بغية تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة الرياح التي هبّت على المنطقة ولفحت لبنان بقوة، الّا انّ هذه المناشدة لالتقاط اللحظة بقيت من غير صدى وجدوى، في اعتبار أنّ المأزق الراهن اكثر تعقيداً من مناجاة وجدانية.

 

وهناك من يفترض انّ حسابات الانتخابات الرئاسية باتت ترتبط ولو على نحو غير معلن، بالنتائج الاستراتيجية التي ستنتهي اليها حرب غزة، إذ انّ حدثاً ضخماً بهذا الحجم، لا بدّ من ان يترك آثاره على الجوار اللبناني، المعروف بقابليته الكبيرة للتفاعل مع أي حدث يمكن أن يجري في أقصى الكرة الأرضية، فكيف إذا كان قريباً الى هذه الدرجة في الجغرافيا السياسية.

 

ومع بدء العدوان على غزة، أضاع اللبنانيون أثر الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي كان يتولّى مهمّة «التنقيب» عن رئيس مقبول في «البلوكات» السياسية، محاولاً هندسة مخارج على الطريقة اللبنانية، من قبيل استبدال طاولة الحوار بمشاورات بين الأفرقاء الداخليين.

 

وتكشف مصادر لبنانية واسعة الاطلاع، على صلة وثيقة بباريس، انّ المبادرة الفرنسية لم تختنق بدخان الحرب في غزة، وانّها ستستعيد زخمها في الوقت المناسب. وتوضح المصادر انّ لودريان عائد عاجلًا أم آجلًا، مشيرةً الى انّ لا بديل عن آلية الحل التي اقترحها وقوامها: وضع استنتاجات وخلاصات لنقاشاته مع القوى اللبنانية وللأجوبة عن الاسئلة التي طرحها عليها، ثم إجراء مشاورات بين تلك الأطراف في حضوره، تليها جلسات انتخاب مفتوحة لاختيار رئيس الجمهورية اذا تعذّر التوافق.

 

وتنقل المصادر عن اوساط فرنسية عليمة تأكيدها انّ «باريس تريد مساعدة لبنان على تجاوز ازمته، لانّه يعني لها الكثير لأسباب تاريخية ووجدانية، الى جانب الاهتمام بتعزيز الدور الفرنسي وهذا مشروع في المصالح السياسية، ولكن الأساس هو انّ رابطاً تاريخياً وعاطفياً يجمعنا بلبنان، في حين أنّ غيرنا ممن يوحي بأنّه يريد أن يساعد، انما يبحث فقط عن دور له من خلال لبنان».

 

وتنسب المصادر اللبنانية الى الاوساط الفرنسية تأكيدها انّ «البعض في بيروت لم يلتقط حقيقة مبادرتنا الأصلية التي تستند إلى مراعاة التوازنات الداخلية، انطلاقاً من اقتراح انتخاب رئيس للجمهورية قريب من «حزب الله» واختيار رئيس للحكومة قريب من خصوم الحزب، علماً انّ موقع رئاسة الحكومة بات اساسياً في النظام اللبناني بعد الطائف، بفعل الصلاحيات التي يملكها».

 

وتبعاً لتقديرات الاوساط الفرنسية، وفق المصادر، فإنّ «هذا البعض استخدم اسم سليمان فرنجية شمّاعة وفزّاعة، بحيث توقف عند الاسم وتجاهل المعادلة السياسية التي تمّ على أساسها طرحه».

وتعتبر الاوساط الفرنسية، كما تنقل عنها المصادر، انّ «إيجاد تسوية للحرب في غزة يجب أن يواكبه او يليه فوراً إنجاز تسوية للأزمة في لبنان، بدءاً من انتخاب رئيس يعيد ترميم المؤسسات ثم تحقيق الإصلاحات الضرورية التي تمهّد لمعالجة الأزمة الاقتصادية وصولاً الى عقد مؤتمر يعالج بعض مشكلات النظام والحكم الأساسية».

 

وتنسب المصادر إلى الاوساط الفرنسية القريبة من الاليزيه، تشديدها على «انّ المسؤولية الأولى في سدّ الشغور تقع على عاتق اللبنانيين، «إذ نحن نساعد فقط، ولكن إذا لم تكن هناك نيات صادقة لدى اللبنانيين لانتخاب رئيس فعبثاً نحاول».

 

وتنبّه الاوساط الفرنسية، حسب المصادر القريبة منها، الى انّه سبق للأميركيين ان لوّحوا بعقوبات، «لا نظن انّها مفيدة، ولكن ربما لا نستطيع منعها اذا استمر الفراغ».