تتحكّم الضبابية المفرطة بالوضع اللبناني وترتفع نسبة التشاؤم في إمكان الوصول إلى تسوية داخلية تكفل تأليف حكومة إختصاصيين مستقلّة.
حتى الساعة، تشير الحركة الدبلوماسية إلى أن الجمود هو سيّد الموقف ومواقف القوى السياسية لا تزال على حالها، في حين أن سهام التعطيل تتوجّه بشكل مباشر إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل ومن خلفهما “حزب الله”.
وإذا كان السعودي والأميركي دخلا على خطّ الأزمة، فإن مهمتهما هي مساندة المبادرة الفرنسية فقط لا غير، ولا يوجد أي إتفاق عربي ودولي مع إيران، بل على العكس فإن مواقف السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الأميركية دوروتي شيا حملت الكثير من الرسائل باتجاه “حزب الله” وسلوك عون والعهد الذي يُغطّي هذا السلوك، ولعلّ تمسّك البخاري بالقرار 1559 هو الرسالة السعودية الأعنف من قصر بعبدا.
إذاً، يختتم الأسبوع الحالي على تعثّر واضح في ملف الحكومة، بينما يتحوّل رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى أبرز المعارضين لمنح باسيل والعهد الثلث المعطّل، ويتمايز بهذه النقطة عن “حزب الله”، ومعروف أن بري يلعب دور وساطة لكنه في المقابل كان القوة الأبرز التي لم تنتخب عون في 31 تشرين الأول 2016 على إعتبار أنه سيكون للبلاد رئيسان هما عون وباسيل.
ولا يُخفي الوسطاء الآخرون غضبهم على طريقة تعاطي عون وباسيل و”حزب الله” مع ملف تأليف الحكومة، خصوصاً لجهة تشبث عون وباسيل بالثلث المعطّل ودعم “حزب الله” لهما، ومن ثمّ إنقلاب الأمين العام لـ”الحزب” السيد حسن نصرالله على روحية المبادرة الفرنسية وإعادة عقارب البحث إلى الصفر عبر مطالبته بحكومة سياسية أو تكنوسياسية.
وإذا كانت جهود البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والمدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم إصطدمت بحائط الرفض من الجهات المعرقلة، إلا أن الرهان إنتقل إلى الخارج مع ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات على صعيد الوساطات الفرنسية والغربية.
ووصل الروس إلى قناعة أنهم لن يستطيعوا حل الأزمة الحكومية لوحدهم لأن عوامل التعقيد الداخلية والخارجية أكثر بكثير من بوادر الحلول، في حين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيواصل عرض قضية لبنان في المحافل الدولية، وإن كان الأساس في هذه المرحلة وقف الإنهيار ومنع فلتان الوضع بعد تعذّر الوصول إلى الحلّ السياسي.
وتبقى كل التحركات من دون جدوى إذا لم تترافق مع وعي داخلي وتقديم تنازلات، لكن المفاوضات الأميركية – الإيرانية لا تزال معلقة ولم تصل الى أي نتيجة تُذكر، خصوصاً أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لن تغيّر مسار سياستها العامة وإن كان الأسلوب هو الذي يتغير لا المضمون.
وبالتالي، إن سياسة العقوبات التي فُرضت على شخصيات لبنانية وأبرزها باسيل ستستمر، واذا لم تستمر فإن مفاعيل العقوبات السابقة لن تُلغى، من هنا إن الأمل بحل داخلي يبقى بعيد المنال لأن العهد يحاول الضغط ويخوض آخر معاركه من أجل فك طوق العقوبات عن باسيل وفتح الطريق أمامه من أجل “الاسترخاء” على كرسي بعبدا.