تراقب مصادر مسوؤلة في الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية التظاهرات اللبنانية عن كثب. والموقف الفرنسي الرسمي هو أن هناك تطلعات شرعية للشعب اللبناني تتطلب إصلاحات عميقة ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار وأن الطروحات التي قدمها رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري حتى الآن تظهر “أنها غير كافية” ولو أنه على الأقل قدمها بعد أن تمكّن من ممارسة بعض الضغط على شركائه. وتتوقع باريس المزيد من السلطات اللبنانية وأن تستمع الأخيرة أكثر إلى مطالب الناس في الشارع وتظاهراتهم المستمرة رغم المطر.
وتعتبر باريس أن طروحات الحريري بداية جيدة ولكنها لا تكفي، وفي الوقت نفسه تشدد على أنها لن تتدخل في شوؤن لبنان بالقول اذا كان على رئيس الحكومة أن يستقيل أو لا يستقيل فهذا شأن لبناني، إلا أن التحليل الفرنسي السائد في الأوساط المتابعة لما يجري في لبنان يرى أن الكيل الشعبي قد طفح في لبنان جراء أوضاع معيشية صعبة في ظل حكومة لبنانية تقاسمت موارد البلد لمصلحة “حزب الله” وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون في وجه رئيس حكومة لم يتمكن من ممارسة نفوذه في هذه المعادلة.
ولكن المشكلة تكمن حسب تحليل هذه الأوساط في الأسئلة: ما هو البديل؟ فإذا استقال سعد الحريري وأصبح في المعارضة، هل بإمكانه أن يغيّر الصيغة الحكومية، هل يرحل الوزير جبران باسيل كما يطلب المتظاهرون؟ واذا ترك باسيل الحكومة ماذا ستكون الكلفة التي يفرضها العونيون؟ وإذا طالب العونيون باسقاط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحصلوا على ذلك ماذا سيحدث؟ وإذا البنك المركزي أعطى فوائد أقل للبنوك كيف سيتمكنون من حماية الاستقرار النقدي والاقتصادي في لبنان؟
فكل هذه الأسئلة يتم تداولها لدى الأوساط المتابعة للوضع في لبنان التي تراقب التطورات وتدرك أن مطالب الشعب عادلة وشرعية ولكن لا تمثل حلّاً. ولا تريد باريس الفوضى في البلد وهي حريصة على سيادة البلد واستقلاله.
وتؤكد الأوساط الرسمية حرصها الكبير على الاستقرار في لبنان لانها لا تريد الفوضى والتدهور الأمني، وهي مدركة لخطورة الفراغ المؤسساتي في حال تمت الاستجابة لانتخابات جديدة.
وقالت الأوساط المتابعة لما يجري في لبنان: ليس هناك خلية أزمة في الرئاسة الفرنسية حول لبنان كما زعمت بعض الصحف الفرنسية رغم أن المسوؤلين الفرنسيين يراقبون باستمرار التظاهرات والتطورات في لبنان.