بدأ مسؤولو الدول في الشرق الأوسط يترقبون السياسة الخارجية التي سيعتمدها الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون حيال ملفات المنطقة ومن بينها الملف اللبناني. ذلك أن الدور الفرنسي لطالما كان مؤثراً في كل قضايا المنطقة إلى جانب ريادة الدور الأميركي الذي عاود الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضعه على خارطة القرار في الملفات بعدما أبعدته عنها سياسة سلفه باراك أوباما.
وصل ماكرون إلى السلطة تحت عناوين: التجدد، وكونه وسطياً لا يمينياً ولا يسارياً، ولم تكن لديه مواقف سابقة في السياسة الخارجية، وكان وزيراً للاقتصاد.
لكن مصادر ديبلوماسية بارزة تقول إن فريقه الديبلوماسي مؤشر الى عمق وتوازن السياسات التي سيعتمدها مع الخارج وحيال المنطقة. هناك شخصية متميزة في فريقه هي السفير جان كلود كوسران، الذي شغل مناصب حساسة، من مدير شؤون لبنان وشؤون الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية، وسفير فرنسا لدى سوريا، وسفير فرنسا في لبنان ايمانويل بون يُقال إنه قريب منه. وبمعنى آخر هناك شخصية مهمة داخل فريقه مع الشخصيات الأخرى. وماكرون لم يتخذ أثناء حملته الانتخابية، مواقف عدائية حيال العرب، وحول مسؤولية فرنسا في الجزائر، فإن ما قاله لقي ترحيباً من العرب وصوّتوا له، والرئيس الجزائري رحب بفوزه.
الرئيس ترامب بات مستعجلاً الى التعرف بماكرون. إذ لدى ترامب مواقف أيديولوجية وعملانية في الوقت نفسه. وهما سيعقدان قمة في بروكسيل في ٢٥ أيار الجاري، وسط بداية علاقات جديدة من خلال زيارتي كل من وزير الخارجية الأميركي راكس تيليرسون لموسكو، والزيارة التي تبعتها لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لواشنطن.
العنصر الأهم في شخصية ماكرون، أوروبيته، ما يحاكي الدعم الألماني له، إذ إن برلين تعتبر نجاحه نجاحاً للمشروع الأوروبي وفشلاً للمشروع الانفصالي عن أوروبا، ما يعني أن التعويل هو على أهمية البعد الأوروبي لمواقفه وسياساته، ليكون واحداً موحداً مع أوروبا.
وفي الوقت نفسه، تعتبر المصادر أن ماكرون معروف بقربه من المنظمات اليهودية التي أيدته، ما يعني أنه يجمع التناقضات الدولية حول شخصه.
ماكرون كان زار لبنان خلال حملته الانتخابية، وكل المؤشرات تدل على أنه سيوليه أولوية في سياسته، لا سيما وأنه سيُحافظ كما شرح في خطابه الرئاسي على التزامات بلاده. وباريس ملتزمة تاريخياً وسياسياً بلبنان واستقراره ودعمه في المجالات كافة.
إنما أولوية ماكرون الحالية هي في تكوين كتلة نيابية له في البرلمان الجديد الذي سيُنتخب بعد نحو شهر في فرنسا. فتكون داعمة له سياسياً، داخلياً وخارجياً. وأولويته أيضاً تحسين الاقتصاد الفرنسي وتطوير قدراته والحد من البطالة.
وتؤكد المصادر أن ماكرون سيبدي اهتماماً على صعيد الصراع العربي – الإسرائيلي وعلى مستوى الملف السوري، وسيبلور موقفه بالتناغم مع الموقف الأوروبي وسيُحارب الإرهاب وهو ملتزم أكثر بذلك، فضلاً عن التزامه بالمسار السياسي للحل.
وتتوقع المصادر، حصول تواصل لبناني – فرنسي على أعلى المستويات في ظل الإدارة الفرنسية الجديدة، ولن تكون زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لفرنسا في وقت قريب، بل في انتظار إرساء الإدارة الجديدة في باريس، التي بدورها ستتابع ملف لبنان، بحيث كانت الإدارة السابقة مهتمة، لا سيما في العمل لانعقاد مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان في العاصمة الفرنسية.
وتفيد المصادر، أن ماكرون سيعمل لأن يكون لبلاده دور في حل مشكلات المنطقة بالتنسيق مع الأميركيين، وسيستفيد من قدرة فرنسا على ذلك، من دون أن يكون الأمر على حساب الاهتمام بالقضايا الداخلية. وبالتالي، ليس هناك من توقعات بأن يحصل تغيير كبير في السياسة الخارجية عما كانت عليه أيام الرئيس فرانسوا هولاند.