Site icon IMLebanon

«فرنسا أم الدني عموم واعتزوا يا لبنانيي»  

 

هل يكون الرئيس الفرنسي الشاب الوريث «الفعلي» للكبير الجنرال شارل ديغول في المحبة للبنان ومد يد العون له في أزماته؟ السؤال طرح ذاته بعد المبادرة الفرنسية المهمة التي أدّت الى التمكن من تجاوز الأزمة التي طرأت منذ اعلان الرئيس سعد الحريري عن إستقالته من الرياض الى تجاوبه من قصر بعبدا مع رغبة الرئيس ميشال عون في «التريّث»؟.

 

لقد كانت فرنسا على علاقة وطيدة مع لبنان قبل مئات السنين من الإنتداب الفرنسي الذي بدأ مع نهاية الحرب العالمية الأولى وإنتهى عملياً في 22 تشرين الثاني 1943، مع «إنتصار» الحكم الوطني ومغادرة أركانه قلعة راشيا. أما شكلياً ورسمياً فطويت صفحة الإنتداب الفرنسي في 31 كانون الأول 1946 في عهد الرئيس الشيخ بشارة خليل الخوري كما تفيد لوحة الجلاء في نهر الكلب.

والتصقت تلك العلاقات بالموارنة أكثر من سواهم، عندما لم يكن لبنان قد إستقر حدوداً عند إسترجاع «بعض» الأقاليم المسلوخة عنه لقيام «لبنان الكبير» الذي أعلنه الجنرال الفرنس غورو قبل أقل بقليل من مئة عام.

ومن معالم حقبة العلاقات الفرنسية – اللبنانية (المارونية) الرسائل المتبادلة بين بطاركة لبنان وحكام فرنسا. ولا يزال إهداء صولجان الإمبراطور نابوليون الثالث الى البطرك الماروني دليلاً حسيّاً على بلوغ تلك العلاقة موقعاً متقدّماً… وكان بعض ملافنة مدرسة روما المارونية (السمعاني مثالاً غير حصري) أساتذة في بلاط ملوك فرنسا (لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر) بدءاً من القرن السابع عشر.

في أواخر القرن التاسع عشر إنحازت فرنسا الى البطريركية المارونية ضد الزعيم الماروني الأكبر («بطل لبنان») يوسف بك كرم. الذي مع ذلك بقي موالياً لباريس وراح يخاطبها من خلال مقالات مطوّلة في الصحافة الباريسية خصوصاً في مرحلة المنفى التي أمضاها في إيطاليا.

وفي الربع الأول من القرن العشرين ترأس البطريرك الحويك الوفد (الموحّد) للمطالبة بالمناطق «المسلوخة» عن لبنان وبإعلان لبنان الكبير. وكان له ما أراد.

وفي مرحلة الإنتداب الذي يترحّم عليه كثيرون (منذ حرب السنتين حتى اليوم، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة) بقيت فرنسا بمثابة الراعية للبنان كلّه بعدما كانت «الأم الحنون» للموارنة.

وفي مطلع العام  1968 كان الجنرال شارل ديغول الصوت شبه الوحيد الذي تصدّى لعدوان إسرائيل على مطار بيروت الدولي وتدمير أسطول الطيران المدني اللبناني كلّه.

والرئيس فرانسوا ميتران ربط شرف فرنسا بوصول الجنرال ميشال عون سالماً الى فرنسا عبر ميناء مرسيليا، بالرغم من التلاعب الأميركي المفضوح.

وأما الرئيس جاك شيراك فكان داعماً دائماً للبنان خصوصاً في مرحلة حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقد ربطت الرئيسين أواصر صداقة شخصية وعائلية إنعكست خيراً على لبنان.

ثم غابت فرنسا إلا في المناسبات البروتوكولية… لتعود مع هذا الرئيس الشاب ماكرون ومن الباب العريض لتظهر مفاعيل «التريث».

واضافة الى عنوان هذا المقال عن «أمومة» فرنسا، كان الوعي الجماعي اللبناني (الماروني تحديداً) يشدو لفرنسا أغنيات شعبية، خصوصاً في منطقة زغرتا. نقتطف منها:

«طيارة طارت بالجوّ/ شفنا عليها صورة/ (…)

يا فرنسا شوفي حالك/ وما دام «التمثال» قبالك/

رح تبقي يا فرنسا منصورة»

اشارة الى تمثال يوسف بك كرم المنتصب شامخاً أمام كاتدرائية مار جرجس في إهدن.

وهل نسينا ما كان يردده أجدادنا: «باريس مربط خيلنا»؟!.