Site icon IMLebanon

فرنسا الساعية لخرق في الملف الرئاسي.. والأبواب الاقليمية المغلقة

يتطلع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى القيام بدور »فاعل ومؤثر« لحل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.. وهو منذ نحو اسبوع تقريباً، افصح أمام حشد من أعضاء السلك الديبلوماسي في قصر الاليزيه على أنه خلال جولته المرتقبة على عدد من دول المنطقة، من بينها مصر والاردن وسلطنة عمان »سيشدد على وضع حد نهائي في لبنان لهذا الفراغ المؤسساتي المؤسف جداً، والذي قد يكون خطيراً في المستقبل..«؟!

يستحضر الرئيس الفرنسي »العلاقة التاريخية التي تربط فرنسا بلبنان« ليؤكد الحاجة الى كل دول المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية وايران من أجل سحب وازالة المعوقات من طريق الاستحقاق الرئاسي بما يؤدي الى »تأمين السلام والوحدة وسلامة التراب الوطني لهذا البلد الصديق«.

الفرصة أمام الرئيس هولاند سانحة – وان لم تكن مضمونة النتائج – وهو يتهيأ لاستقبال الرئيس الايراني حسن روحاني (الموصوف »بالاعتدال« خلافاً لسائر القيادات الايرانية).. وهو، أي هولاند، يراهن على دور كبير ومؤثر لايران في أزمات المنطقة، وتحديداً في لبنان.. خصوصاً وان ايران – التي بدأت تعيش »الفرصة الذهبية« الناجمة عن بدء تنفيذ »الاتفاق النووي« ورفع العقوبات الدولية عنها – مطلوب منها »اثبات حسن النيات« والمساعدة على حل الأزمات والحروب المشتعلة من اليمن الى سوريا مروراً بالعراق، وصولاً الى لبنان الذي، وان كان ينعم بالهدوء والاستقرار والأمان المرتفع نسبياً، يبقى مهدداً بحكم تركيبته السياسية، والطائفية والمذهبية المعقدة، والتي تبقى ناضجة لتلقي التأثيرات الخارجية.. وهو، أي هولاند، يشدد على ضرورة تهدئة تصعيد التوترات، خصوصاً تلك بين المملكة العربية السعودية وايران، الناجمة في معظمها من سياسة التمادي في التدخل في الشؤون الداخلية لغالبية الدول العربية، التي صبغت السياسة الايرانية منذ ثورة الخميني..

زيارة روحاني الاوروبية الى ايطاليا ثم فرنسا، هي الاولى لرئيس ايراني بعد انهاء العزلة.. وهو يمسك بيده أوراقا اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية بالغة الأهمية -، وبالغة الاغراء لأوروبا »القارة العجوز« على ما يقول الاميركيون.. ومن المتوقع ان يحصد الرئيس روحاني جملة نتائج، تجعل من دولته رقماً صعبا في أي معادلة، على الرغم من العلاقات الممتازة بين السعودية وسائر دول الغرب، وفي طليعتها الولايات المتحدة، التي لاتزال تمسك بعصم القرارات الدولية وتؤكد عمق »الصداقة القوية« مع الرياض، على ما قال وزير الخارجية جون كيري، الذي شدد على ان »لا شيء تغيّر مع المملكة..«.

من المبالغة الاعتقاد، او المراهنة على ان زيارة روحاني لفرنسا، ومفاتحة الرئيس هولاند له بشأن الأزمة اللبنانية، ستكون كافية لوضع القطار الرئاسي على سكة الحل والانطلاق باتجاه انجاز مسألة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية.. والايرانيون، على ما ينقل عنهم، يعرفون جيداً نقاط القوة ونقاط الضعف وكيف تتوزع وكيف يمكن استخدامها وأين ومتى. وفي هذا تؤكد مصادر حزبية متابعة، ان روحاني لن يتحلل من أي دور على خط الأزمة اللبنانية التي باتت تشكل قلقاً لافتاً لفرنسا، لكنه لن يندفع الى القول »ان الحل عندنا« وهو سيرمي الكرة في ملعب الافرقاء اللبنانيين المتعددي والمتنوعي الولاءات السياسية والتحالفات الاقليمية والعربية والدولية.. خصوصاً، وأنه سبق للقيادة الايرانية ان »غسلت يديها« من أية مسؤولية ورأت ان حل المشكلة اللبنانية، موقوف على تفاهم الافرقاء اللبنانيين أنفسهم.. وهي – أي ايران – لن تتخلف عن أي دور، لكن من دون ان يعني هذا، تجاهل الأدوار الأخرى، وما هو مطلوب منها مطلوب من الآخرين..

نقطة الفصل في »الحلول الجذرية« موقوفة على مستقبل العلاقات بين ايران وسائر دولة المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية، التي تشهد تأزماً غير مسبوق لا يساعد في التمادي بالتفاؤل، كما لا يساعد على اعتماد سياسة النأي بلبنان عن تطورات المنطقة، ابتداءً من اليمن وصولاً الى سوريا، مروراً بالعراق.. وتؤكد المصادر الحزبية، الوثيقة الصلة بـ»حزب الله« في لبنان ان الحزب غير مستعجل في انجاز الاستحقاق الرئاسي، على الرغم »النقلة النوعية« التي حصلت على خط معراب – الرابية، واعلان رئيس »القوات« سمير جعجع تبنيه ترشيح العماد ميشال عون، لرئاسة الجمهورية.. وهو ترشيح، عزز من أوراق »حزب الله«، وان اعتمد سياسة »النأي بالنفس« عن الترويج لاعلان معراب، لأسباب عديدة من أبرزها عدم »حرق الأوراق« وغياب فرصة وصول عون الى سدة الرئاسة لغياب الأصوات النيابية الكافية لذلك..

قبل أيام اتصل السفير الفرنسي بلبنان بأحد أبرز مستشاري الرئيس (السابق) ميشال سليمان يسأله رأيه في التطور الذي حصل على خط العلاقات بين »الرابية« و»معراب«، وما اذا كان ذلك يشكل خطوة متقدمة وكافية لانجاز الانتخابات الرئاسية، من أجل وضع القيادة الفرنسية في الصورة قبيل لقاء الرئيس هولاند مع الرئيس الايراني فكان الجواب »ان مصالحة العماد عون مع رئيس »القوات« سمير جعجع، على أهميتها وضرورتها، ليست كافية لصناعة رئيس.. ولا بد من خطوات على خطي طهران والرياض لانجاز هذا الاستحقاق.. واذا كانت هذه المصالحة لتكوين كتلة ثنائية مسيحية، فإن حاجة لبنان ليست الى المزيد من التكتلات الطائفية والمذهبية..« من غير ان يعني هذا التسليم للايرانيين بأن الاستحقاق الرئاسي هو شأن لبناني داخلي، و»حزب الله« لا يترك مناسبة إلا ويؤكد ولاءه لـ»الولي الفقيه« في ايران، وهي، أي ايران، ان ارادت قادرة على تقديم العديد من التسهيلات، من دون ان يعني ذلك تقديم أي هدايا مجانية لفرنسا..