IMLebanon

تباين أميركي ــ فرنسي يزيد التعقيدات اللبنانية

 

 

تتحدث أوساط ديبلوماسية، عن وجود تباينات في الموقف الدولي بالنسبة للملف اللبناني، وذلك على الرغم من التقارب الذي سُجّل في اللقاء الأخير ما بين وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ذلك أن الأول يقارب العنوان اللبناني من زاوية أمنية، ويركّز على حماية الإستقرار الأمني من خلال دعم الجيش والأجهزة الأمنية كافة، فيما الجانب الفرنسي مهتم بالاستحقاق الانتخابي النيابي، لأن باريس تعتبر أنه بعد سقوط مبادرتها لتأليف حكومة جديدة، باتت الأولوية هي للعمل على إجراء الإستحقاقات الإنتخابية في مواعيدها الدستورية، وبشكل خاص الإنتخابات النيابية، ولذلك، يتكرّر الحديث عن حكومة انتخابات تزامناً مع معلومات يتم تداولها في الكواليس السياسية عن اعتذار الرئيس المكلّف سعد الحريري، وتشكيل حكومة مهمتها الإشراف على الإنتخابات النيابية المقبلة، على أن تكون مؤلّفة من شخصيات غير مرشّحة لهذه الإنتخابات، وبالتالي، فإن الرئيس الحريري لن يكون على رأس هذه الحكومة.

 

ووفق الأوساط الديبلوماسية عينها، فإن باريس باتت على قناعة بأن الإنهيار قد حصل، وأن أي حكومة سيتم تشكيلها لن تتمكن من تحقيق أي خطوة إنقاذية تأتي على مستوى الأزمة، لذا، فإن التركيز اليوم هو على حماية الوضع السياسي والحؤول دون سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، حيث أن أي حكومة ستتشكّل، سوف تساهم في تجميد مفاعيل الإنهيار، ولو أنها ستعجز عن مواجهته بشكل فاعل، وتميّز الأوساط، بين المقاربة الفرنسية والأوروبية من جهة، والمقاربة الأميركية «الجديدة» من جهة أخرى، لأن واشنطن تعتبر أن العاصمة الفرنسية منحازة أكثر من اللازم لأطراف سياسية في لبنان، وهذا الإنحياز، هو الذي أفشل أو أحبط بطريقة أو أخرى المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبقيت حبراً على ورق.

 

وعليه، فإن التباعد حتمي ما بين العاصمتين الفرنسية والأميركية، وقد تُرجم هذا الأمر في المواقف الأخيرة التي صدرت في باريس، كما في بيروت في وقت واحد، ودلّت على صعوبة تنسيق الجهود في المرحلة المقبلة، وقد ظهر هذا الأمر من خلال التسريبات المتداولة خلال الأسبوع الماضي حول طي مسألة تأليف حكومة اختصاصيين، وهو ما تدعمه فرنسا، فيما لا تزال الإدارة الأميركية تعارض تشكيل حكومة يطغى عليها الطابع السياسي، وتكون على صورة الحكومات السابقة.

 

وانطلاقاً من هذه المعطيات، تجزم الأوساط الديبلوماسية نفسها، بصعوبة الركون الى أي مبادرة غربية مشتركة تعمل على إنقاذ لبنان من وضعه الحالي، وخصوصاً أن الحل بات لبنانياً في الدرجة الأولى، وهو ما دأب على إعلانه وتأكيده كل الموفدين الغربيين، كما العرب، الذين زاروا لبنان على امتداد العام الماضي وعقدوا لقاءات ومباحثات موسعة ومكثّفة مع كل الأطراف المعنية بتأليف الحكومة العتيدة، ولمسوا أن السبب هو الخلافات الداخلية على السلطة لا أكثر ولا أقلّ. ولم تتوقّع الأوساط نفسها، أي تطوّر في الوقت الحالي، على الرغم من الإشارات المقلقة التي بدأت تظهر في الشارع، وتزيد من التعقيدات في المشهد السياسي عموماً والحكومي خصوصاً، وكأنه لم تعد هناك من فائدة لأي مبادرات أو وساطات خارجية وداخلية، بعدما بات التركيز ينصبّ على منع لبنان من السقوط من خلال إعطائه بعض جرعات الدعم في مختلف الميادين.