IMLebanon

فرنسا متوجسة من الدور الروسي

في غمرة التأزم السياسي الداخلي الناشئ عن تراكم الازمات ودفع البلاد الى آخر حلقة في سلسلة المخاطر التي تتهددها ، عاد لبنان الى الساحة الدولية من بوابة المشاركة في مؤتمر فيينا لبحث الازمة السورية ، ليضيف الى معضلاته وانقساماته ازمة جديدة على خلفية موقف لبنان في المؤتمر.

في هذا الاطار تعتبر مصادر دبلوماسية ان مجرد قراءة مواقف الافرقاء المشاركة في اللقاءات التي عقدت وتعقد يؤشر الى هذا الاتجاه، فمحادثات فيينا الدولية التي دُعي اليها كل من وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية وتركيا وايران ومصر والعراق ولبنان، ويسبقها اجتماع تمهيدي بين روسيا واميركا والسعودية وتركيا،للمرة الثانية خلال اسبوع، تكمن اهميتها الى جانب البحث في سبل حل الازمة السورية في جمع الرياض وطهران جنبا الى جنب للمرة الاولى، وذلك بعد اتصالات متتالية بين الرئيسين الاميركي والروسي، والعاهل السعودي ،واخرى بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري وثالثة بين لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وهي المحادثة الثانية بين الوزيرين في خلال يومين.

غير ان تلك الصورة الوردية، لا تعني بالضرورة ان الامور قد حسمت ، اذ تضيف المصادر ان اوروبا التي أقصيت عن اجتماع فيينا الاول، بسبب بقائها على تشددها ازاء مصير الرئيس بشار الاسد، ردت بعشاء عمل وزاري في باريس، خرق «عزلها» بدعوة فرنسا الى محادثات الجمعة، انطلاقا من ان الحل لا يمكن ان يكون الا بمشاركة جميع المعنيين، وان عقبة اشراك ايران في الحل ايضا قد ذللت تدريجيا بعدما اقنعت موسكو المعترضين بأهمية دورها للوصول الى الحل المنشود، لا سيما السعودية، التي تقول المصادر، انها ابلغت المعنيين بان موافقتها على اشراك ايران لا تعني تعديل او تبديل ثوابتها المرتكزة الى ان التسوية يمكن ان تنطلق مع الاسد الا ان الحل لا يمكن ان يكون بوجوده، كاشفة عن امتعاض فرنسي متزايد وريبة من التمدد الروسي على حساب مصالحها التاريخية، وهو ما قد يدفعها الى التشدد في الملف اللبناني وذهابها الى النهاية في تلك المعركة.

وتضيف المصادر ان روسيا التي فرضت نفسها قائدة لدبلوماسية الحل السوري، فرزت مع دخولها الميداني الى دمشق اللاعبين الاقليميين والدوليين الى اكثر من فريق، خصوصا انها لم تنسق خطوتها المفاجئة مع الاوروبيين الذين كانوا يتشاورون معها باستمرار ووضعتهم في حال ارباك ازاء تحركها الذي بقي حتى اليوم غامضا ومبهما. امر تجلى في القلق الاوروبي من امكان دخول روسيا على الخط الطائفي السوري بمساعدة الشيعة على السنة او محاولة اقصاء اوروبا عن خريطة «الشرق الاوسط الجديد» لم يعد خافيا على أحد، وان فرنسا ومعها بعض دول اوروبا والسعودية وتركيا لن تسمح لروسيا باستكمال خطتها هذه ،لافتة الى خشية من انعكاس الحراك الاوروبي المستجد على المسعى الروسي المنسق اميركيا ،خصوصا اذا انضمت السعودية وتركيا الى المحور الاوروبي، وعادت الى مربع المطالبة برفض اي دور للرئيس بشار الاسد في المرحلة الانتقالية.

ووسط علامات استفهام طُرحت حول الموقف الذي سيحمله معه وزير الخارجية جبران باسيل ولا سيما حيال مصير الرئيس بشار الأسد ودوره في أيّ مرحلة انتقالية في ظلّ انقسام سياسي لبناني حيال هذه المسألة، جاء التطور المتمثل بدعوة لبنان الى لقاء فيينا الذي ستحضره ايران بناء على رغبة اميركية ليتقاسم المشهد الداخلي مع العناوين السياسية الضاغطة التي بدا انها عادت لتنضبط تحت سقف ستاتيكو الانتظار «على البارد» وتفادي القيام بأيّ خطوات غير محسوبة في لحظة المساعي الاقليمية – الدولية لاستكشاف امكانات الحلول في المنطقة.

اوساط في قوى الرابع عشر من آذار اشارت الى ان اي اتصالات او مشاورات داخلية لم تجر بين الاطراف السياسية لذهاب لبنان الى فيينا بموقف موحد، خاصة ان القضايا المطروحة هي مثار انقسام عامودي بين اللبنانيين، آخذة على وزير الخارجية تفرده بالقرار والزامه الدولة بمواقف لا تعبر عن قناعة كل اللبنانيين، معتبرة ان الدعوة الموجهة كان يجب ان تكون لرئاسة الحكومة المغيبة في هذا المجال، متخوفة من «مقايضة ما» قد تشهدها فيينا انطلاقا من الموقف اللبناني «المحرف».