Site icon IMLebanon

إنقلاب” فرنسا… تأثيرات محدودة على لبنان 

 

بقدر ما كانت مفاجئة، بقدر ما كان يمكن توقعها، مقياسا على التجارب التاريخية في رحلة اليمين المتطرف الفرنسي ومعاركه في طريقه نحو السلطة. فما شهدته “الام الحنون” من نتائج لانتخابات جمعيتها العامة، لم يشذ عن المعادلة المعروفة، تقدم اليمين المتطرف في الجولة الاولى يوحد في مواجهته باقي القوى السياسية في الدورة الثانية، فيسقط اليمين ويتحول الى اقلية، نتيجة تفضيل الفرنسيين لليسار على الذهاب نحو التطرف.

في كل الاحوال، وان كانت خطة الحكم الماكروني قد نجحت، فخرج الايليزه رابحا على المدى المتوسط والبعيد خلافا لكل التوقعات، فان هندسته للانتخابات البرلمانية جاءت ناجحة، بعدما اوقع اليسار في فخه، فاطاح باليمين المتطرف من خلال:

– اولا: تمكنه من تأمين انسحاب عدد كبير من مرشحي الدورة الاولى، ما اعطى تقدما في تلك الدوائر للمعسكر المناهض لليمين المتطرف.

ثانيا: براعته في رفع نسبة المشاركة الى رقم قياسي، نسبة للانتخابات التشريعية في السنوات الماضية، ما شكل ضربة لليمين.

في كل الاحوال ورغم ميل بعض اليسار الى اعتماد خطاب انتصار غير واقعي، من اعتبار العهد الماكروني قد انتهى، وهو امر غير محسوم، وله حسابات مختلفة عن تلك الانتخابية، الى ذهاب بعض اليسار حدود الاعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين في غضون اسابيع من خارج السياق التاريخي للحياة السياسية الفرنسية، لا شك ان باريس سارت عكس التيار الاوروبي، بعودة اليسار الى تقاسم السلطة فيها.

ولكن ماذا عن لبنان، بعد تلك النتائج؟ مصدر مطلع على المسار التاريخي للسياسة الفرنسية في المنطقة ولبنان، اشار الى ان الامور لن تتغير كثيرا في الواقع بالنسبة للبنان، حتى في حال دخول فرنسا مرحلة من التعايش بين الرئاسة الاولى والحكومة، ذلك ان الكلمة الفصل في السياسة الخارجية تبقى للايليزيه، خصوصا ان غالبية الاستراتيجيات التي تتبعها باريس في ما خص الملف اللبناني، قلما احتاجت الى اقرار قوانين في الجمعية العامة، او الى اقرار في الحكومة.

وعليه، فان السياسة الفرنسية وفقا لما تقدم، ستكون اكثر تماهيا مع السياسة الاميركية، علما ان بعض الاحزاب وصفت الرئيس ماكرون خلال الحملة الانتخابية “بالعميل الاميركي”، نظرا لقربه من سياسة واشنطن، رغم الخلافات الكبيرة وفي اكثر من ملف بين الطرفين.

واشارت المصادر الى ان الصعوبة الاكبر التي قد نلاحظها، هي في الاندفاعة الاقتصادية التي تحتاج الى اقرار قوانين، خصوصا ان اليسار غالبا ما يحد من الانفاق الخارجي للدولة، وتحديدا في زمن الازمات المشابهة لتلك التي تمر بها فرنسا اليوم، مع هجرة بعض المستثمرين الى خارجها، ومنهم عرب وخليجيون.

اما فيما خص ملف النزوح السوري وسياسات الهجرة، تضيف المصادر، من المستبعد ان تنجح فرنسا في التغريد خارج السرب الاوروبي، الذي من الواضح انه يتجه نحو مزيد من التشدد، وان كانت ملامح تعاطيه وخطواته في هذا المجال غير محددة، لجهة ترحيل النازحين ومنع وصول مجموعات جديدة منهم.

وختمت المصادر بان التغيير الاساسي الذي سيطرأ على الصعيد السياسي، قد يترجم قريبا في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، في انتقال باريس الى جبهة واشنطن- الرياض- الفاتيكان، التي تملك مواصفات وشروط رئاسية ، مختلفة عن تلك التي وضعتها الام الحنون في الفترة الماضية، وعليه يبقى للاسابيع القادمة ان تحسم الخيارات وتبين مفاعيل التغيير الذي حصل.