ان يصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حزب الله اللبناني بأنه مجموعة ارهابية فهذا يشكّل دليلاً ساطعاً على ان ساكن قصر الاليزيه لا زال يمارس دور الهارب الى الأمام، والمتردّد، والذي يحاول ان يركب أي موجة يظن انها توصله الى مصلحة سياسية يسعى اليها لاهثاً.
واللافت ان ماكرون طلع بهذا التوصيف لحزب الله وهو الذي كان على تواصل مستدام معه، خصوصا في الأشهر الطويلة الماضية، وبلغ به الأمر حدّ التنسيق معه في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، الى حد التفاهم على دعم المرشح الرئاسي، زعيم تيار المردة سليمان فرنجية… فهل كان حزب الله مجموعة ارهابية في تلك المرحلة او انه لم يكن. والجواب في مختلف تفسيراته ليس في مصلحة باريس. اذا كان الحزب ارهابياً فكيف سمح ماكرون لنفسه ان يتوافق واياه على دعم المرشح الرئاسي، واذا لم يكن فماذا عدا مما بدا ليصبح ارهابياً فجأة ومن دون سابق انذار؟ ان في هذه البهلوانيات الماكرونية دليلاً قاطعاً على التخبط في قرارات احدى الدول المصنّفة عظمى. ومع الأسف الشديد انه لم يبقَ لفرنسا من العَظَمة، التي كانت موجودة وحقيقية بامتياز، الّا هذه التسمية بعدما انتهت حِقبة الرؤساء الكبار فيها برحيل اخرهم جاك شيراك وكبيرهم شارل ديغول وما بينهما فاليري جيسكار ديستان وفرانسوا ميتران.
لسنا في موقع الدفاع عن حزب الله فهو «قدّها وقدود» كما يقول المَثَل اللبناني السائر، ولكننا فقط نسجّل شديد الأسف على الحال التي وصلت اليها فرنسا التي أحببناها وتمسّكنا بقيمها الانسانية الرائعة.
في أي حال لقد جاء كلام ماكرون بحق حزب الله ليعلن السقوط المدوّي لما سُمِّي بِـ «المبادرة الفرنسية» التي سبق للديبلوماسي العريق جان – ايف لو دريان ان نعاها بدعوته الأطراف اللبنانيين الى اعتماد «الطريق الثالث»، ولكن من دون ان يتهجم على حزب الله، لاسيما في هذه اللحظة اللبنانية والاقليمية الحرجة جدّاً. ومنذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» والحرب الوحشية على غزة، راح ماكرون يبالغ في المزايدة على داعمي الوحش الصهيوني، بحملات على ايران وحزب الله ، ولم يستفق الّا متأخّراً جداً على ما يتعرض له اطفال غزة ونساؤها وشيوخها من مجازر غير مسبوقة في التاريخ.
وأمّا في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي عندنا فموقف فرنسا ماكرون لا يقدّم ولا يؤخّر، فعندما دعم فرنجية لم يفده بشيء، وعندما تراجع لم يؤثر، كذلك، بشيء … طبعا على صعيد لغة الأرقام وصندوق الاقتراع الرئاسي .