«ابتعدوا عن الاسترخاء… فعندما نسترخي، ننسى الاخرين بسهولة». هذه الوصية التي وجهها البابا فرنسيس، بابا الفقراء والتغيير، خصوصا في الكنيسة الكاثوليكية، على موقعه في «تويتر»، لا تستثني احدا، بل هي تشمل الجميع من اعلى الهرم الى القاعدة، كما انها ليست محصورة بالمسيحيين فحسب، بل هي تصلح لكل انسان في اي زمان ومكان، وهي تحرص على السهر والاهتمام بشؤون الاخرين، ورعايتهم، وعدم اغفال حاجاتهم ومطاليبهم الناتجة عن الاسترخاء الطوعي او المقصود، بنية لاهمال «والتطنيش» عن اساءات ومخاز ترتكب بحق الآخرين. وهذه الوصية تنسحب اول ما تنسحب على اهل الحكم الذين يسترخون عن احقاق الحق، وتقويم الاعوجاج، ونصرة المظلوم، وادارة شؤون الدولة بامانة واخلاص، بعيدا من المصالح الخاصة، والافادة الحرام. ولعل البابا فرنسيس الذي يعرف الكثير عن لبنان، وعن مشاكله وهمومه وحاجاته، كان يفكر بلبنان واللبنانيين عندما كتب هذه الوصية على صفحته في «تويتر» لينبّه المسؤولين الغارقين في الاسترخاء منذ فترة طويلة، «ان استفيقوا من غفلتكم واسترخائكم واخلعوا عنكم رداء الفساد والمحسوبية والارتهان للخارج، واعملوا لمصلحة الآخرين من شعبكم، المنسيين من قبلكم، واعيدوا الى لبنان، الألق الذي كان له منذ فجر التاريخ، والى الدولة حرمتها وهيبتها وحقوقها وسيادتها ورئيسها وحكومتها ومجلس نوابها ومؤسساتها، اما اذا استمرأتم العيش باسترخاء وبكسل النسيان، فافسحوا المجال لغيركم، يتذكر دائما ما اعطي من وزنات ولا ينسى ان يعيدها مضاعفة عند المطالبة والحساب».
الجميع معني بما قاله البابا فرنسيس، وقد يكون رجال الدين الذين استسلموا لمباهج الارض، واسترخوا فيها، ونسوا الاخرين من ابناء الرعية والشعب، في مقدم من خطروا على بال البابا فرنسيس، فاراد ان يذكرهم بقول يسوع «لا تكنزوا لكم كنوزا في الارض…» وان يحذرهم بالا ينسوا الاخرين ويهملوا رعايتهم، لانهم اولا واخيرا هم خدام للكنيسة ولشعبها، وليس لاي جهة اخرى او فريق اخر.
***
على صعيد آخر، واستكمالا لما كتبته امس حول الاخطار المميتة المحدقة بلبنان وشعبه، بسبب استرخاء المسؤولين وغيابهم عن مواجهة فوضى طمر النفايات النووية، او الاجهزة والبضائع الملوثة بالاشعاع النووي وما يمكن ان يحصل من موت للتربة والنبات والشجر، وتلوث للماء والهواء والطعام، تلقيت العديد من الاتصالات والتعليقات من اصدقاء وقراء ووسائل اعلام، تتهم المسوؤلين في الدولة بالتعتيم على هذه الكارثة البيئية التي تهدد الحياة في لبنان، وتطالب بأخذ تدابير عاجلة وتشكيل لجنة من الخبراء المعتمدين لوضع الحلول العلمية الناجعة بدلا من فوضى التصرف العشوائي المطلق. ويهمني في هذا المجال ان اشير الى ان هناك لجنة مشكلة منذ العام 2011 لهذه الغاية، لا يعرف احد حتى الان ماذا فعلت واقترحت. وان رئيس مجلس النواب نبيه بري عرف بالصدفة مؤخرا وجود مثل هذه اللجنة واعلن انه لا يقبل بها لان الاتفاق مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية تم بمعزل عن موافقة مجلس النواب صاحب الحق بالموافقة على مثل هذه الاتفاقات التي تحصل مع تنظيمات خارجية وبالتالي فان كل شيء حول موضوع الطمر، واختيار الامكنة المناسبة لاعتمادها، عاد الى ثلاجة الانتظار الى اجل غير معروف.
غضبي اليوم، ليس على استرخاء المسؤولين وحسب، بل على استرخاء الشعب، وهو الضحية الذي يساق الى الموت دون ان يقول على الاقل… آخ.