Site icon IMLebanon

هل يتلقّف باسيل وجعجع مبادرة فرنجيّة؟

 

 

بعد التوقعات التي سادت على مرّ الاشهر الماضية من انّ الامور تتجّه الى تأييد اقليمي ودولي ومحلي لا بأس به لترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فإنّه لا بدّ من التطرّق إلى خواتيم هذه الرحلة من زاوية مصلحة اللبنانيين اولاً والمسيحيين ثانياً.

يقول متابعون للإستحقاق الرئاسي، انّ وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة الاولى يجب تقييمه بصورة أساسية من زاوية عقل الرجل السياسي المبني على الموضوعية السياسية التي تتجلّى في الإيمان بمصلحة لبنان فوق كل اعتبار شخصي وسياسي.

 

ويضيف، انّ وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية لن يكون مصادفة او حتى لن يكون وفاء من «حزب الله»، له حتى ولو كان ذلك صحيحاً، وانما الامر يعود إلى معايير موضوعية فرضت شخصية فرنجية على هذه المرحلة بالذات من تاريخ لبنان، ونحن هنا نتكلم عن شخصية مرنة وقوية في آن، مبدئية وغير حاقدة، ملتزمة بسقف استراتيجي معيّن مع قدرة على إحداث قاسم مشترك مع الخصوم في السياسة.

 

ومن هذا المنطلق، يقول المتابعون، يجب إتمام هذا الحدث بالطريقة المثلى للامور، سواء على الصعيد الوطني العام او على الصعيد المسيحي، خصوصاً في ضوء المعطيات الآتية:

 

ـ اولاً، لا شك في انّ فرنجية أظهر منذ اللحظة الاولى قبولاً اسلامياً واضحاً، سواء على المستوى السنّي او على المستوى الشيعي، على رغم من الخلاف الاستراتيجي الاقليمي بين هذين المستويين. فالشيعة يرون في فرنجية ضمانة استراتيجية ثابتة. اما السنّة فيرون فيه ضمانة اخلاقية وسياسية نابعة من علاقاته التاريخية معهم وإيمانه بـ«اتفاق الطائف» في شكل اساسي. كذلك يرون فيه ضامناً لصلاحيات رئيس الحكومة، إذا مارس هذا الاخير صلاحياته بموضوعية من دون محاولة قضم صلاحيات رئيس الجمهورية او تقويضها

 

– ثانياً، يحفظ فرنجية الخصوصية الدرزية في لبنان لجهة وضعها السياسي في هذا الشرق المتمايل والمتحرك، فيعتبر انّ سلامتها هي من سلامة الصيغة اللبنانية، وبالتالي يعتبر الدروز في لبنان ايضاً انّ فرنجية يشكّل ضمانة اخلاقية وسياسية وغير استفزازية مهما صعبت الظروف او تبدّلت.

 

– ثالثاً، يرى قسم كبير من المستقلين المسيحيين، كما البطريركية المارونية، انّ فرنجية يشكّل صوتاً صارخاً في الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق، وبالتالي يرى هؤلاء انّ وجوده في سدّة رئاسة الجمهورية من شأنه ان يضع المسيحيين في قلب المعادلة الاقليمية لا ان يكونوا تابعين لها. كما انّهم يرون انّ وصول فرنجية يشكّل دعماً لفكرة التعددية المسيحية التي لطالما تشكّل حماية اساسية لوجودهم وتبعدهم عن الرهانات الشخصية التي لطالما اختبروها في السابق.

 

– رابعاً، انّ الاوساط السياسية والرأي العام في لبنان لا يزالون يجهلون كيفية مقاربة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لوصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة، ويعتبرون انّ ما من مزاج شخصي في المقاربات السياسية، وانما هناك مقاربات استراتيجية موضوعية ترتكز عليها المواقف السياسية. فـ«حزب الله» الذي يعتبر نفسه انّه انتصر في الاقليم وذهب بمعية حلفائه إلى تسوية كبيرة بضمانات دولية كبيرة، يمكن ان تصمد لعقود من الزمن، وبالتالي يبقى السؤال عن كيفية مقاربة باسيل لخيار الخروج من التحالف مع «حزب الله»، والعيش في بيت لا سقف له.علماً انّ ما من خيار آخر يمكن اللجوء اليه طالما انّ النزاع في لبنان كصندوق بريد قد انتهى. أضف إلى انّ هناك في لبنان من يرى انّ تأييد باسيل لفرنجية استناداً إلى تحالفه مع «حزب الله» يجعل منه حُكماً رئيساً للجمهورية في العام 2029 إذا ما استمر «الستاتيكو» الاقليمي على ما هو عليه، وبالتالي هل من يجيب عن هذا السؤال؟ واكثر من ذلك، كيف يجيب باسيل عن تساؤلات قيادات في «التيار الوطني الحر» عن ماهية سير القافلة العونية التي يقودها؟ هل هي ذاهبة في اتجاه الولايات المتحدة الاميركية؟ ام فرنسا؟ ام السعودية؟ ام روسيا؟ ام ايران؟ فهذه الدول تعمل اليوم في اتجاه وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، فبماذا يجيب باسيل على «التياريين»؟ هل يجيبهم انّه سيتحالف مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع؟ وهل يضمن لهم عدم سير جعجع بترشيح فرنجية بإصرار سعودي مثلاً؟

 

– خامساً، في المقلب «القواتي» ثمة تساؤلات عمّا يمكن ان يُقدم عليه جعجع في ظل اجواء اقليمية لم تكن في الحسبان لديه، فهل يعاكسها؟ وإذا ما عاكسها فما هي خياراته السياسية في ظل عدم وجود اي مشروع سعودي للمواجهة في لبنان، خصوصاً انّ المسألة اليمنية التي كانت تشكّل ضغطاً سياسياً على السعودية، باتت في حكم المحلولة، عدا عن المقاربة السعودية الجديدة تجاه سوريا التي يكنّ لها جعجع كل العداء، فماذا يفعل؟ هل يعيد صوغ علاقاته السياسية في الداخل على نحو آخر؟ ام يراهن على مقاطعة باسيل لجلسات الانتخاب الرئاسي وتطيير النصاب؟ وهل جعجع بدوره يضمن عدم سير باسيل في التسوية في ربع الساعة الاخير، خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان سوريا، وهي المعقل الاخير الذي حاول باسيل التلطّي به؟

 

وعليه، يبقى ان يتلقف كل من باسيل وجعجع مبادرة فرنجية التي اعلنها من بكركي، والتي اكّد فيها استعداده لتلبية الدعوات وتبديد الهواجس. وهو قد قال مراراً وتكراراً انّه اذا ما قدّر له ان يكون رئيساً للجمهورية فسيسعى إلى ان يحكم بمعية الآخرين، وسيكون على استعداد بعد انتخابه للذهاب إلى الآخرين والطلب منهم المشاركة ووضع تصوراتهم على الطاولة للأخذ بها، لأنّه عبّر عن غايته السامية من الرئاسة، وهي ترك بصمة فقط، ما يعني عدم استعداده للوقوع في الفخ الذي وقع فيه الآخرون، وهو السعي الى الزعامة المسيحية الواحدة.