ترشيح فرنجية ليس “للحرق” او الفوضى… فما هي رهانات “الثنائي”؟
-الرياض: امنحونا ما نريده في اليمن وخذوا ما تريدونه في بيروت!.
-جعجع يخشى “انتهازيّة” باسيل والثاني لا يستبعد انقلاب الأول..
رمى “الثنائي الشيعي” حجرا في “المياه الراكدة” رئاسيا، وينتظر على الضفة ردود افعال الاطراف الاخرى، بعدما انتقل “الكباش” الى مرحلة جديدة عنوانها ليست ابدا معادلة مخايل الضاهر او “الفوضى” كما يقول رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يحاول بخفة منقطعة النظير “تزوير” كلام واضح وصريح قاله السيد نصرالله بالصوت والصورة، ويردده الرئيس بري في كل مناسبة، هذا مرشحنا وتعالوا للنقاش حوله وحول من ترشحون، واذا لم يحصل التفاهم المنشود، ليكن المجلس النيابي الفصل في تحديد من ينال تأييد الغالبية النيابية المحددة في الدستور. هذا ما تقوله اوساط “الثنائي” وتشير الى ان هذه الخطوة مدروسة باتجاهين:
– الاولى: اخراج الاستحقاق الرئاسي من مستنقع “الورقة البيضاء” والتعطيل المتبادل، الى مرحلة متقدمة من الحوار والنقاش المفتوح على المكشوف حول الاسماء والخيارات.
– الثاني: يتولاه حصرا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ويرتبط بمحاولة فك ارتباط الساحة اللبنانية بالساحات الساخنة الاخرى في المنطقة، وهو الامر الذي يقاومه السعوديون بشدة، لقناعة راسخة لديهم بان الحزب والسيد شخصيا لديه التأثير والنفوذ الكفيلين بحلحلة عقد مستعصية في الملف اليمني.
وتجزم تلك الاوساط، ان التبني الرسمي لترشيح فرنجية ليس حرقا لاسمه كمرشح جدي بالنسبة “للثنائي”. بري لم ينتخب الرئيس السابق ميشال عون، ولم يتخل عن ترشيح رئيس “تيار المردة”، على الرغم من تلاشي حظوظه يومها، وحزب الله اليوم مقتنع بهذا الخيار، ليس للمناورة، وانما لخوض معركة ايصاله الى بعبدا. واذا كان ثمة من يشكك في النوايا دون ادلة فانه في “الف باء” السياسة لا يتم تقديم مرشح جدي ووازن للحرق في مرحلة التفاوض الجدي على الخيارات، “والثنائي” لا يعيش حالة مراهقة سياسية لارتكاب “دعسة ناقصة” في توقيت خاطئ، ومن يتعامل مع ترشيح فرنجية اليوم على انه “مناورة”، يجب ان يعيد حساباته جيدا وتعديل مقاربته كي لا يدفع ثمنها لاحقا.
وتؤكد الاوساط ان الخلاف الجوهري الاساسي في ترشيح فرنجية اليوم وتبني حزب الله لوصول الرئيس السباق الى بعبدا، ان الحزب قال يومها “عون او لا أحد”، واليوم تخلى عن هذا الشعار واستبدله بمعادلة هذا “مرشحنا الجدي وتعالوا للنقاش” او “المنازلة” في ساحة النجمة. وهو تبديل في التكتيك لاسباب واقعية موضوعية، فالمعادلة في مجلس النواب تغيرت بوجود “تعادل سلبي” للقوة، ونهاية التجربة على نحو سلبي مع التيار الوطني الحر، فرضت ايضا مراجعة جدية لكيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي حاليا.
لكن ما هي رهانات “الثنائي”؟ الاطراف المعارضة لفرنجية ليست على “قلب واحد”، وهذا يمنح الطرف الآخر تقدما “بالنقاط”، نقطة القوة الابرز تكمن في غياب الثقة بين القوى الرافضة لترشيح فرنجية ، بينما لا يوجد مرشح موحد للمعارضة خصوصا المسيحية منها، فالخلاف بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” تعطل كل محاولات بكركي للوصول الى موقف موحد مسيحيا من هذا الاستحقاق، فجعجع لا يريد ان يمنح باسيل “قارب نجاة” بعدما بات وحيدا و”خربت” علاقته بحزب الله، ولن يمنحه اي هدية مجانا. في المقابل لا يبدو باسيل مستعدا لتقديم اي تنازل لانه غير مقتنع انه خسر كل معاركه التي خاضها في سنوات “العهد القوي”. ولكن الطرفين يجتمعان على انعدام الثقة المتبادلة بالبقاء على “الفيتو” الموضوع على رئيس “تيار المردة”.
فرئيس التيار يتحدث في مجالسه الخاصة عن عدم استبعاد “انقلاب” جعجع على مواقفه الراهنة اذا جاءت “التعليمة” السعودية بتسهيل وصول فرنجية الى بعبدا، ويشير الى ان الامر منوط بهذا التفصيل لا اكثر ولا اقل. في المقابل لا يستبعد جعجع ايضا ان يحاول باسيل “الانتهازي”، كما يحلو له ان يصفه، بفتح “بازار” تحصيل المكاسب اذا شعر بقرب نضوج التسوية الخارجية على فرنجية. كما تعتقد “معراب” بوجود انقسام داخلي في “التيار” ستجعل من مهمة رئيسه مستحيلة في الحفاظ على موقف صلب، وحفظ ماء الوجه بالنسبة للطرفين يكون بتامين نصاب الثلثين وعدم الاقتراع!
اما تكتل نواب “الاعتدال الوطني” فهو منقسم على نفسه مع تأييد 4 من النواب لترشيح فرنجية، لأسباب شخصية ومناطقية، في مقابل رفض الاربعة الآخرين. في المقابل، يجاهر نواب “التغيير” بعدم مقاطعة اي جلسة انتخابية، وعندما يؤمنون نصاب الثلثين لن تكون اصواتهم الترجيحية مهمة في عملية الاقتراع، فيما يبقى رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” راهنا على “التلة” يراقب الاحداث، وينتظر حسم السعودية لموقفها، ليبني على الشيء مقتضاه لاحقا، علما انه نجح في موازنة تموضعه الداخلي الى جانب بري، وابتعد عن “المعارضة” لكنه لم يتخل عن خيار العلاقة الاستراتيجية مع الرياض التي لن “يزعلها”.
ووفقا لتلك الاوساط، لم يعد خافيا على أحد ان “أصدقاء” المملكة ينتظرون ايَ موقف او مؤشر قد يدل الى توجهات الرياض لبنانيا، وهم يراقبون التغريدات والتصريحات، والزيارات التي يقوم بها السفير السعودي وليد البخاري، علّها تساعدهم في تكوين صورة عن مقاربة السعودية للملف اللبناني عموما والرئاسي خصوصا، وقد تنفسوا الصعداء بعد “تغريدة” البخاري حول “الساكنين”، ويبدون مرتاحين لنقاشاته مع البطريرك الراعي، والتي جاءت مكملة لاجواء زيارة وفد الحزب “الاشتراكي” الذي زار السعودية مؤخرا وابلغ بوجود “فيتو” على فرنجية. لكن ما لا يدركه هؤلاء، ان ما يطرحه السعوديون عملية تفاوض “بسقوف عالية”، هم لا يريدون مكاسب في بيروت التي تخلوا عنها باعتبارها مكلفة ولا تجبي الثمن المهدور فيها، وكانوا واضحين بإخراج “زعيم” السنة سعد الحريري من المعادلة، ولم يعملوا على دعم غيره! وهم يعملون وفق معادلة تقوم على التالي” امنحونا ما نريده في اليمن وخذوا ما تريدونه في بيروت”. وهو امر جاهر برفضه السيد نصرالله في خطابه الاخير، معلنا ما تم ابلاغه سرا الى كل المعنيين، “لسنا مستعدين لاي مقايضة وحاوروا انصار الله”.
ولهذا ارتفع منسوب التشنج السعودي فخرج الاعلام عن “طوره” عبر صحيفة “عكاظ”، وتحرك السفير على الارض رفضا لترشيح فرنجية، مكررا “كليشيهات” ممجوجة حول اثبات لبنان انه سينتفض لاستعادة سيادته من “الدويلة”، وان يثبت عودته الى الحضن العربي بعيدا عن التأثير الايراني، وان يشرع ايضا في عملية اصلاح اقتصادي شاملة.. كلها شعارات لرفع سقف التفاوض الذي قد يطول وتطول معه حالة الاستعصاء المرتبطة بالاقليم لان الرياض تريد من حزب الله خارج لبنان، وتنتظر مآلات التفاوض مع طهران؟!