Site icon IMLebanon

أيّ مُستقبل لعلاقة “التيار” و”الحزب” بعد ترشيح فرنجية… وهل من انعطافة نحو “القوات”؟ 

 

 

أدخل إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله عن ترشيح رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، قبل أن يُعلن هو نفسه ترشّحه للرئاسة، والتي سبقها بأيام قليلة إعلان رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ترشيحه لفرنجية أيضاً، البلاد بشكل جدّي في ملف الرئاسة، الذي لا يزال يترنّح منذ مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا أواخر تشرين الأول الفائت. غير أنّ هذا لا يعني أنّ انتخاب رئيس الجمهورية سيحصل غداً، فالأمور لا تزال بحاجة الى توافق داخلي بالدرجة الأولى بين الحلفاء قبل الخصوم.

 

ومنذ هذا الإعلان الذي حمل رسائل سياسية في اتجاهات عدّة، لم يُعلّق “التيّار الوطني الحرّ” بشكل رسمي على خطاب السيّد نصرالله الأخير، لا بشكل هادىء ومتفهّم، ولا بشكل عنيف، غير أنّ مصادر سياسية مقرّبة منه تحدّثت عن امتعاضه ورفضه للطريقة التي جرى فيها الإعلان عن طرح إسم فرنجية قبل البحث فيه معه. فالحزب اتخذ قرار ترشيح فرنجية من دون العودة إلى “التيّار” بصفته حليفه المسيحي الأوحد على الساحة المسيحية، والمعني بشكل مباشر بهذا الإستحقاق. علماً بأنّ السيّد نصرالله قد أوضح في كلامه أنّه جرى اختيار فرنجية كون رئيس “التيّار” النائب جبران باسيل أبدى عدم رغبته في الترشّح للرئاسة.

 

ويكمن عتب “التيّار الوطني الحرّ” هنا، على ما أضافت المصادر، بأنّ المبادرة في ملف الإستحقاق الرئاسي لا بدّ وأن تكون مرتبطة به كونه حليف حزب الله المسيحي. غير أنّ عدم حصول هذا الأمر جعله يُفسّر أنّ مسألة تجاوزه وعدم الأخذ برأيه أو التنسيق معه، تصبّ في خانة فكّ التفاهم والإرتباط بين الحزبين المتمثّل بـ “تفاهم مار مخايل”، وحلّه منه…

 

لكنّ بعض المراقبين يعتبرون أنّ إعلان السيّد نصرالله عكس ذلك تماماً، فصحيح أنّه لم يُعلن أنّ “التيّار الوطني الحرّ” هو الممر الإلزامي للرئاسة، على ما يريد باسيل، إلّا أنّه قال بأنّه “إذا لم نستطع تأمين نصاب الثلثين فلا يُمكننا أن ننتخب”، ما يعني بأنّه يُعوّل على “التيّار” لتأمين هذا الأخير، وبالتالي فإنّ “التيّار” هو الممرّ الإلزامي للإنتخاب، كون “القوّات اللبنانية” أعلنت صراحة أنّها لن تقوم بتأمين النصاب القانوني لمرشّح 8 آذار. ولهذا يبقى على “التيّار” أن يكون إيجابياً لملاقاة “الثنائي” في منتصف الطريق الإنتخابي.

 

وبرأي المراقبين إنّ إعلان ترشيح فرنجية، من شأنه تحريك الجمود الحاصل على صعيد الإستحقاق الرئاسي، إذ بات هناك مرشَحان معلنَان، فرنجية مرشّح 8 آذار ورئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض مرشّح 14 آذار. علماً بأنّ أيا من هذين الفريقين لا يُمكنه إيصال مرشّحه الى قصر بعبدا من دون التوافق مع جزء أو بعض نوّاب الفريق الآخر. غير أنّ المصادر نفسها، ترى أنّ إصرار الحزب على ترشيح فرنجية، وعدم الإتفاق مع “التيّار” أو مع بقية الأفرقاء في البلد على اسمه، فضلاً عن عدم البحث في أسماء توافقية أو وسطية أخرى، من شأنه تعميق أزمة الإستحقاق.

 

في الوقت نفسه، يقول البعض الآخر إنّ إعلان “الثنائي الشيعي” ترشيح فرنجية هو حرق لاسمه، لكي يتمّ الذهاب بين جميع المكوّنات السياسية الى الإتفاق على إسم يُرضي الجميع، وإلّا فإنّ الإنتخاب لن يحصل والشغور الرئاسي سيطول لأشهر عدّة بعد، لا سيما إذا بقي الحلفاء متخاصمين، ولم يتمّ التوافق فيما بينهم أوّلاً على اسم الرئيس المقبل للبلاد. من هنا، يحتاج “التيّار” الى إعادة مدّ يده مجدّداً الى “الثنائي الشيعي” للوصول معاً الى التوافق على إسم مرشح يُرضيهم ويرضي بقية الأطراف السياسية. كذلك فإنّ التوافق مع الفريق الآخر مطلوب أيضاً، وإلّا لما كان جرى الحديث عن إمكانية التسوية أي الإتفاق على اسمي رئيسي الجمهورية والحكومة المقبلين معاً.

 

وعن إمكانية التوافق بين الكتلتين المسيحيتين الكبريتين، أشارت المصادر نفسها الى أنّ “اتفاق معراب 2” من الصعب أن يحصل حالياً بين الحزبين، إذ ثمّة تناقض كبير بينهما على المستويين السياسي والاستراتيجي. إلّا أنّ لا شيء مستحيل، فقد يذهب الحزبان الى إعادة قراءة أو صياغة “تفاهم معراب” في حال وصل الملف الرئاسي الى طريق مسدود، سيما وأنّ كلّ منهما حريص على الإستحقاق الرئاسي، وعلى عدم إطالة فترة الفراغ أكثر، ولا يسعى بالتالي الى “التعطيل” بشكل مبدئي. كذلك فإنّ كلّ من باسيل، وجعجع لا بدّ وأن يقتنعا بأنّه لا يُمكنهما المراوحة في مرحلة “تكسير الرؤوس”، سيما وأنّ وصول أي منهما الى الرئاسة مستبعد في المرحلة الراهنة. ولهذا، فإنّ التوافق بينهما سيصبّ في مصلحة كلّ منهما، وفي مصلحة الإستحقاق الرئاسي ولبنان في المرحلة المقبلة.

 

من هنا، رجّحت المصادر عدم دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية قبل بدء شهر رمضان، إلّا في حالتين: الأولى، في حال حصول التوافق على إسم فرنجية أو أي مرشّح ثالث، وهو أمر لن يحصل في القريب العاجل. والثانية، إذا أراد برّي القيام بنوع من “بروفا” أولى مع وجود مرشّحين جديين للرئاسة، أو نوع من الـ “بوانتاج” لمعرفة من هي الكتل التي ستُقاطع الجلسة فعلاً، ولن تؤمّن لها النصاب القانوني. وفي ما عدا ذلك، فإنّ برّي سوف ينتظر التوافق بين الجميع من أجل تأمين النصاب القانوني للدورة الأولى والثانية لجلسة الإنتخاب الفعلية.

 

والأهم، بحسب رأي المصادر عينها أنّه لا بدّ للكتل النيابية من التفكير جديّاً الى أين سيذهب البلد في حال لم تسعَ كلّ منها الى المبادرة أو التحرّك للوصول الى حلّ ما، بدلاً من الذهاب الى شغور رئاسي طويل الأمد، وإطالة عمر الأزمات التي يعاني منها الشعب والبلد. والأمور ليست مقفلة، على ما عقّبت المصادر، إذ مع وضع كلّ فريق للخطوط الحمراء كونه لا يستطيع الإتيان برئيس للجمهورية بمفرده، بتنا نتحدّث اليوم عن سلّة متكاملة أي الاتفاق بطريقة واضحة على إسمي رئيسي الجمهورية والحكومة معاً.

 

من هنا، أكّدت المصادر أنّه أمام الكتل النيابية اليوم سيناريوهان: أو تذهب الى الإنتخاب بالتوافق وفي أسرع وقت ممكن، أو الى تغيير النظام كونه لم يعد صالحاً لتسيير المؤسسات الدستورية. وسيترتّب على السيناريو الثاني الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، كون المجلس الحالي عجز عن تحمّل مسؤوليته وانتخاب رئيس البلاد، رغم وجود تنوّع في الكتل التي يضمّها ولا سيما كتلة “التغييريين” والمستقلّين.