لم يتعلم «التيار الوطني الحر» درساً واحداً من مسيرته التي انطلقت مع الجماهير الغفيرة والغفورة التي احاطت بالجنرال ميشال عون اثر رئاسته الحكومة الانتقالية مع نهاية عهد الرئىس امين الجميل حيث كان المحيطون بالقصر ينتشون كلما سمعوا خطابات الجنرال والتي يفتتحها بلازمة «يا شعب لبنان العظيم» وكانت النتيجة كارثية على حدّ قول اوساط المطرودين من التيار الوطني الحرّ، على كافة الصعد ويكفي مشهد الدبابات السورية التي اقتحمت «قصر الشعب» كما كان يحلو لعون توصيفه ناهيك بالمجازر التي حصلت في ضهر الوحش، فتمسك الجنرال يومذاك بانتخابه رئىساً للجمهورية جر الويلات على البلد من اقصاه الى ادناه.
ما حصل في الاول من امس باستفزاز الوزير جبران باسيل للمشاركين في طاولة الحوار لم يأتِ من فراغ او غيره على الميثاقية انه قرار اتخذ سابقاً وفق كلام النائب سليمان فرنجية، وعلى خلفية اما ان يفرض عون رئىساً للجمهورية واما خراب الجمهورية، الجنرال او الفوضى وفق الاوساط نفسها، ولعل اللافت ان باسيل المسكون بالعنجهية تصرف على طاولة الحوار وكأنه في اجتماع لكوادر التيار والمضحك ـ المبكي اعلانه ان حضور الوزراء المسيحين في الحكومة لا يمثل سوى 6% منهم كون التيار يمثل 94%، ولكن موقف فرنجية كان صاعقاً اذ صرخ بباسيل «من انت لتتحدث بالميثاقية لقد رسبت6 دورات انتخابية وعينت مديراً للتيار». وربما لن يتوقف الامر عند هذا الحد، لا سيما وان باسيل في مواقف كثيرة حاول استفزاز فرنجية ربما لعقد تاريخية كون «ابن باسيل كان زلمتنا» وفق كلام السيدة صونيا فرنجية الراسي في احدى المقابلات على حدّ قول الاوساط نفسه.
وتضيف الاوساط ان فرنجية تعالى عن الكثير من الاساءات التي لحقت «بتيار المردة» من حليفه البرتقالي ولا ينسى المعنيون انه لدى زيارة فرنجية لباسيل في دارته في البترون جعله ينتظر 10 دقائق في «الصالون ليستقبله اثر عودته من زيارته الباريسية مرشحاً للرئاسة من الرئيس سعد الحريري، وعندما سئل فرنجية عن الامر اجاب: «هذا من ذوقه» كما ان زيارة فرنجية للرابية منفرداً ولقاءئه مع عون حملت دلالات على ان القلوب ملآنة بين الطرفين، ولعل اللافت ان باسيل لا يوفر مناسبة الا وتعمد فيها الاساءة «للمردة» ففي الانتخابات البلدية في البترون ولدى سؤاله من احدى الاعلاميات عن وزن «المردة» في الاستحقاق البلدي اجاب: «لم نشعر بأن هناك مردة»، وربما هذا الامر دفع بفرنجية للتغريد «عند غروب الشمس ترى الاقزام خيالاتها اكبر»، فردّ باسيل بعد فوز الحرك في رئاسة الاتحاد بتغريدة: «عند شروق الشمس تعرف الاقزام وتكشف الاحجام».
وتشير الاوساط الى ان باسيل استفز الجميع على طاولة الحوار ولكن الرئيس نبيه بري لم يعطه فرصة «التمريك» عليه، بل اعلن تعليق جلسات الحوار حتى اشعار آخر واصفاً كلام باسيل بأنه «الاخطر منذ انتهاء الحرب الاهلية» ما يعيد الى الاذهان حقبة نهاية الثمانيات يوم خاض الجنرال حروبه وجر البلد الى كارثية لم يعرفها في كافة حروبه العبثية، في مرحلة هي الادق في تاريخ ومصير الجمهورية، وربما ما تتوقف عنده الاوساط ان الالغائية سلاح حاول استعماله الجنرال واورثه الى باسيل فمقولة «انا او لا احد» سبق وان دمرت المسيحيين واخرجتهم من السلطة طيلة زمن الوصاية السورية، اما كلام باسيل حول اهتزاز مقولة العيش المشترك فهي اساءة الى المسيحيين تؤكد اوساط المطرودين من التيار، كونهم لا يختصرون بتيار او بشخص ثم ماذا عن «ورقة التفاهم» مع حزب الله؟ والسؤال الاخير: هل قدّر عون الانتحار؟