لا يختلف اثنان في لبنان، أنّ هناك فرقاً كبيراً بين زعيم ابن زعيم، جدّه زعيم وهو ابن عائلة عُرِف عنها الأخلاق وقوّة الشخصية والرجولة والمواقف التاريخية والكرم وقوّة العطاء والوفاء.. وهذه بعض مواصفات الزعيم الراحل، أعني به المغفور له الرئيس سليمان فرنجية الذي لعب دوراً كبيراً في تاريخ لبنان خاصة وأنه جاء في بداية الحرب الأهلية اللبنانية.
والرئيس سليمان فرنجية خسر ابنه البكر الوزير طوني بك فرنجية وكان زعيماً من أهم زعماء زغرتا، فامتدت يد الغدر إليه واغتالته ومعه زوجته ڤيرا وابنته جيهان في منزله في إهدن في عملية غدر قامت بها «القوات اللبنانية» بأمر مباشر من زعيم القوات اللبنانية بشير الجميّل وتنفيذ سمير جعجع، وبين جبران باسيل الآتي بدعم من «العم».
لا نقول هذا الكلام لأننا نريد أن نفتح ملف الحرب اللبنانية، ولا نريد أن نحاسب أحداً لأنّ ربّ العالمين هو الذي يحاسب.. ولكن لا بد من هذه المقدمة لأننا عندما نتحدث عن مصالحة لا بد أيضاً من إعطاء صورة عن طرفي هذه المصالحة.
الوزير والزعيم سليمان بك كما قلنا نسخة طبق الأصل عن جدّه وعن والده. رجل صادق، صاحب مواقف، لا يتراجع عنها مهما كان الثمن. تاريخه يشهد بوفائه وإخلاصه لكلمته والتمسّك بجماعته في كل الظروف. الى ذلك هو فعلاً مخلص ومحب لكل أفراد جماعته ولا يبخل بإعطائهم ما يطلبون.
اما بالنسبة للوزير المهندس جبران باسيل. فوالده رجل عادي جداً، لا تاريخ للعائلة.. كل ما يُقال عنه انه تزوّج من ابنة الرئيس ميشال عون… ولكن المصيبة الكبرى انه يحظى بمحبة امرأة عمه، زوجة فخامة الرئيس حيث يُقال إنّ كلمته لا يمكن أن تصير اثنتين عندها.
باختصار، أحد الأسباب الرئيسة لفشل عهد فخامة الرئيس ميشال عون يمكن ان يتحملها الوزير جبران، لأنه جاء من فشل في الانتخابات النيابية «مرتين» الى فشل أكبر في وزارة الاتصالات، الى فشل مريب في وزارة الطاقة، إذ يكفي أنه مسؤول عن هدر 65 مليار دولار على ملف الكهرباء ولا توجد كهرباء، وهذا الهدر يشكل ثلثي الدين العام.
من ناحية ثانية، فإنّ تاريخ الوزير جبران باسيل كتاريخ عمّه لا بل يمكن أن يكون أسوأ.
صحيح ان عمّه عندما كان رئيس الحكومة العسكرية التي كلفه بها الرئيس أمين الجميّل، عمل اتفاقية مع «القوات اللبنانية» نتيجتها كانت حرب الإلغاء وحرب التحرير، وأكملها بالرغبة في تكسير رأس حافظ الأسد، ولكن عندما شاهد طائرة «السوخوي» السورية فوق قصر بعبدا، كان أوّل عسكري يهرب من أرض المعركة بالبيجاما بعدما وعد انه سيكون آخر عسكري يترك أرض المعركة.
طبعاً الولد سر أبيه، وجبران سر فخامته ولكنه للأسف سرّه بالفشل، إذ ان الاتفاق الذي عقد بين «القوات» وبين «التيار» لم ينفذ منه إلاّ بند واحد هو تأييد د. جعجع دعم وصول الرئيس ميشال عون الى الرئاسة على أن يكون عدد النواب والوزراء المسيحيين مناصفة فتناساها الوزير باسيل وتنكّر لها.
من هذه الصورة المصغّرة عن مزايا الشخصين اللذين أجْبرا على المصالحة… إذ انّ الزعيم فرنجية لا يمكن أن يرفض طلباً من السيّد، أما بالنسبة للوزير باسيل فإنّه يبيع ويشتري كل شيء من أجل الوصول الى الكرسي لأنّ عقدته في الحياة طبعاً مثل عمّه، الوصول الى الكرسي.
على كل حال، هذه وجهة نظر والأيام المقبلة ستحكم على هذه المصالحة؟؟؟