و«حزب الله» في موقف لا يُحسد عليه تجاه حليفيه المتصارعين على الرئاسة
من خلال المواقف والتحركات والتي كان أبرزها البيان الشديد الوضوح أمس الذي أعلن فيه رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ترشحه لرئاسة الجمهورية، مخرجاً خلافه مع النائب ميشال عون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» إلى العلن، يظهر أن الأمور تسير باتجاه تبني ترشيح فرنجية من جانب «تيار المستقبل» وبعض حلفائه، بانتظار تبلور مواقف الأطراف المسيحية وخاصة «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، في وقت نشطت الاتصالات والمشاورات في أكثر من اتجاه، وسط توقعات بأن يشهد هذا الأسبوع تطورات متسارعة على صعيد التسوية الرئاسية، وإن كان هناك من لا يستبعد أن يعلن الرئيس الحريري تبنيه رسمياً باسم «تيار المستقبل» ترشيح فرنجية، بعد اكتمال صورة الاتصالات التي يجريها مع الحلفاء.
وأشارت مصادر نيابية بارزة في «تيار المستقبل» إلى أن حركة الاتصالات لم تهدأ منذ لقاء باريس الأخير بين الحريري وفرنجية، مؤكدة لـ«اللواء» أن الاتصال الذي جرى بين الرجلين مساء السبت أعاد التأكيد على التوافق الذي حصل في اجتماع العاصمة الفرنسية، بما يزخم مسار التسوية الرئاسة التي أعلن عنها، ريثما تتحدد مواقف الأطراف المعنية، ومعربة عن اعتقادها أن بعد بيان فرنجية الأخير اليوم (أمس)، فإن مرحلة جديدة بدأت مع إعلان رئيس «المردة» رسمياً ترشحه للانتخابات الرئاسية، على أن يصدر تبنٍّ لهذا الترشيح بشكلٍ رسمي من جانب «تيار المستقبل» والآخرين.
وشددت الأوساط على أن الجهود منصبة لتنسيق المواقف داخل قوى «14 آذار» بشأن التسوية الرئاسية، كما هي الحال داخل صفوف «8 آذار»، لكنها لفتت إلى ضرورة أن يحظى الرئيس العتيد بأكبر دعم ممكن من جانب القوى السياسية، سواء كان فرنجية أو سواه، مشيرة إلى أن «تيار المستقبل» عندما يعلن تأييده فرنجية رسمياً للرئاسة، فإنه لا يناور في طرحه وإنما يقول ذلك على قناعة ولديه الجرأة أن يقول ذلك لحلفائه والخصوم، باعتبار أن الوضع المتأزم الذي وصل إليه البلد يفترض من الجميع أن يبادروا إلى تقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية ولتجاوز المخاطر الجدية التي تتهدد لبنان على مختلف الأصعدة.
وفي المقابل، فإن الصورة داخل مكونات «8 آذار» لا تختلف عما هي عليه داخل قوى «14 آذار»، حيث يتوقع أن ترد «الرابية» على بيان فرنجية، بشكل يخشى معه أن يحدث ذلك خللاً كبيراً داخل مكونات «8 آذار» وتحديداً بين عون وفرنجية، باعتبار أن كليهما مرشحان للرئاسة ومن الصعوبة أن يتنازل أحدهما للآخر، في حين أن «حزب الله» حليف الاثنين لا يحسده أحد على موقفه، لأنه لا يريد أن يعلن موقفاً مؤيداً لأحدهما إلا في إطار موقف رسمي عام يصدر عن «8 آذار» وبعدما تتّضح مسار الأمور على الصعيد الرئاسي أكثر مما هي عليه الآن.
وفي معلومات لـ«اللواء»، فإن «حزب الله» سيقوم بتكثيف اتصالاته مع عون الذي لا يزال يعتبره مرشحه الأول للرئاسة ومع فرنجية منعاً لتفاقم الخلاف بينهما، على أن يكون له الموقف المناسب بعدما تتظهر بشكل جلي صورة التسوية الرئاسة ويقول كل فريق موقفه الرسمي لكي يُبنى على الشيء مقتضاه، خاصة وأن هناك انقساماً في صفوف «8 آذار» كما هي الحال داخل «14 آذار» من موضوع ترشيح فرنجية، وهذا الأمر يتطلب اتصالات متسارعة لتفادي أن يؤدي هذا الانقسام إلى اصطفافات سياسية جديدة لا تساعد على إنجاح التسوية المنتظرة، خاصة وأن النائب وليد جنبلاط شبّه هذه المرحلة بمرحلة الموفد الأميركي ريتشارد مورفي عندما قال كلمته المشهورة: «مخايل الضاهر أو الفوضى».