Site icon IMLebanon

“حزب الله” يصالح “التيار” مع “المردة” استعداداً للانتخابات

 

أوضح لباسيل حقيقة كلام الشيخ قاسم

 

 

عملياً دخلت البلاد في دوامة الانتخابات النيابية. كل الاستحقاقات أُرجئت بما فيها اجتماعات الحكومة والمفاوضات مع صندوق النقد وأولويات الناس كلها سترحّل على الارجح الى ما بعد الانتخابات النيابية. والخطاب السياسي باتت ابعاده انتخابية ورقعة استغلاله ستتوسع حكماً لتتحول المنابر السياسية الى متاريس انتخابية بين المرشحين وتوزيع الرسائل.

 

قبل ايام خرج نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بكلام خارج عن سياق ادبيات “حزب الله” وتعاطيه. عبارته “اللي مش عاجبه التحالف يدق راسه بالحيط” شكلت محطة استُغلت في غير موقعها الطبيعي وليس في سياق المعنى المقصود. لكنها استُغلت ليبنى عليها، إما بهدف الهجوم على “حزب الله” لتسجيل اهداف تفي غرضها في التحالفات الانتخابية، او للتصويب على تحالفه مع “التيار الوطني الحر”. نجح “حزب الله” في تلقف ردات الفعل وتصويب الامور ووضعها في مسارها الصحيح.

 

تروي مصادر مطلعة على اجواء “حزب الله” الواقعة كالتالي: كان اللقاء الانتخابي الذي عقده مسؤول الماكينة الانتخابية الشيخ قاسم في النبطية موزعاً على شقين، الاول يحضره اعلاميون والثاني للماكينة الانتخابية. بعدما خرج الاعلام أثار الحضور موضوع التحالف مع “التيار الوطني الحر” ومع حركة “أمل”. كرر الشيخ نعيم موقف الامين العام لـ”حزب الله” تجاه حليفه المسيحي مؤكداً التحالف القائم بينهما وان “حزب الله” سيكرّس جهده في سبيل انجاح التحالف انتخابياً ايضاً. كان “حزب الله” اول من أكد اهمية الحوار واتصل برئيس الجمهورية لتأكيد حضور رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الى بعبدا غداً، كما أكد على صلب العلاقة مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل واستعداده لتطوير التفاهم المشترك معه.

 

أبلغ “حزب الله” رئيس “التيار الوطني الحر” ان الكلام لا يستهدفه وان مقطع الحديث عن “التيار” كان منفصلاً عن مقطع العلاقة مع حركة “أمل”، وان “الحزب” الذي يسعى حالياً لتأمين مقومات نجاح تحالفه مع “التيار” لا يمكن ان يقصده بمثل هذا الكلام. استُغلَّت العبارة من قبل محازبي “التيار” من منتقدي التحالف مع “حزب الله”، ومن فئة أخرى رأت في ما قيل فرصتها للهجوم على “التيار” مسيحياً. بلبلة سرعان ما تم استيعابها ولم تكن بالشكل الذي تم تصويره في الاعلام حسبما تؤكد مصادر مطلعة على موقف “حزب الله”.

 

أما في الشق المتعلق بالعلاقة مع حركة “أمل” فقال الشيخ قاسم ان “حزب الله” متمسك بتحالفه معها انتخابياً، ورداً على المشككين والشاكين من هذا التحالف قال عبارته “اللي مش عاجبه يدق راسه بالحيط”، قاصداً بذلك الرد على آراء توزعت بين ثلاث فئات: من يعتقد ان التفاهم يحتكر الوضع الشيعي، والمعترض الذي يريد ان يقع الاشكال بين “حزب الله” و”الحركة” ويفترض ان التحالف يؤمن غطاء لسلاح المقاومة، وثالث يعتبر ان الاوان قد آن لأخذ “حزب الله” موقفاً من الفساد والمفسدين ورفع الغطاء عنهم.

 

يتعاطى “حزب الله” من منطق وجود مشروع خارجي لاستهدافه لم ينته بعد. فشلوا بالنيل منه بالحرب مع اسرائيل ثم في حربه ضد التكفيريين، وبالنيل من سمعته بالمخدرات ليتم تحميله وزر الازمة الاقتصادية لانخراطه في الحروب الاقليمية، وانزال العقوبات على حلفائه، وتوجيه اصابع الاتهام اليه في جريمة المرفأ للقول ان حليفكم فاسد. فضلاً عن ذلك هناك احصاءات علم بها “حزب الله” هدفها اظهار تراجع شعبيته على الساحة الشيعية ويقول احدها وقد اعدته جهات اميركية ان شعبية “حزب الله” كمقاومة بلغت 90 بالمئة، وكحزب سياسي تراجعت الى سبعين بالمئة اذاً فلنعمل على استقطاب نسبة الثلاثين بالمئة. المطلوب هز صورة “حزب الله” في الوسط المسيحي واظهاره على الساحة الشيعية كحامٍ للفساد. يحاول “حزب الله” التصدي لكل ذلك بتمتين تحالفاته. حساباته مختلفة وقراءاته للاوضاع مغايرة لقراءة الآخرين.

 

لا يركن “حزب الله” الى التنبؤات التي تتنبأ بخسارة حلفائه انتخابياً ويعتبر بحسب المطلعين على اجوائه، ان الانتخابات من شأنها ان تحدد حجم الجميع. يستعد لدعم حلفائه انتخابياً في جميع المناطق بما فيها على الساحتين السنية والدرزية. مستبقاً الانتخابات يدرك ان تغييرات كثيرة طرأت بعد 17 تشرين وان التدخلات الخارجية في الانتخابات ستكون واسعة وستتجلى في احد اوجهها في تصويت المغتربين في الخارج والتي ستصب حكماً في غير صالحه، لكنه لن يستبق الامور وهو دخل في مرحلة التحضير الجدي للاستحقاق الانتخابي مفتتحاً العمل بترتيب العلاقة بين حلفائه، وسحب فتيل التوتر بين باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري واعادة وصل جسور العلاقة بين “التيار” و”المردة”.

 

شرع “حزب الله” في اعداد قاعدة تحالفاته الانتخابية التي سيكون صداها ايجابياً لدى الناس. لا يضع فوزه بالاكثرية في سلم الاولويات، فالتجربة اللبنانية اكدت ان منطق الاكثرية والاقلية لا يقدم ولا يؤخر في بلد محكوم بالتوافق، والاهم فيه تلك التسوية السياسية التي ستلي مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية بغض النظر عن النتائج.

 

الازمة التي تعتري العلاقة بين حلفائه لا تشكل استثناء، فالفريق الاخير تعترض تحالفاته عقبات كثيرة والعلاقة في ما بينه والمجتمع المدني لم ترسُ على برّ بعد.

 

كل الارقام التي تكونت لديه تقول ان العمل يجري على نسبة الثلاثين بالمئة التي لا تريد الاقتراع او المشاركة في الانتخاب، ومثل هذه الفئة من المبكر البناء على رأيها النهائي بانتظار الايام القليلة الفاصلة عن موعد الانتخابات.

 

المنطق ذاته ينطبق على الجمهور السني لان الارقام الواقعية لن تتبلور فعلياً قبل شباط او آذار المقبل وريثما ينجلي موقف الرئيس سعد الحريري، ولذا فـ”حزب الله” لم يحدد موقفه بعد وله حلفاء سنّة سيدعمهم حكماً في كل المناطق، اما وضعه في بيروت حيث يحظى بكتلة اصوات وازنة قد تؤهله للفوز بأكثر من حصته الحالية، فهو يفكر في ترشيح شخصية سنية من حلفائه والفكرة لا تزال قيد التفكير.