دلت تطورات الساعات الاخيرة على ان فكرة انتخاب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية دونها عقبات كثيرة، اعاد التذكير بها رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله ان لا مجال امام انتخاب رئيس من دون موافقة مسيحية وقصد بذلك انتخاب رئيس توافقي، فيما كان اعتراض على فرنجية من غالبية المسيحيين ممثلين بالتيار الوطني واحزاب الكتائب والقوات اللبنانية والوطنيين الاحرار، فيما كان محصورا رفض انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون بالقوات اللبنانية وحزب الكتائب الى اخر المعزوفة الممثلة بمسيحيي قوى 14 اذار!
هل اخطأ رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري في اختيار فرنجية للرئاسة الاولى مدعوما من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، ام ان الامور سارت باتجاه رفض عون الانسحاب من المعركة ومثله جعجع فيما استمر حزب الله مؤيدا لعون، مثله مثل فرنجية الذي لا يزال يقول انه مع عون حتى اخر لحظة؟!
اما وقد تطورت الامور باتجاه رفض المسيحيين انتخاب فرنجية ومعهم حزب الله، فان الموضوع عاد الى نقطة الصفر، حيث لم يعد بوسع احد ممارسة مساعيه للسير قدما في انتخاب رئيس، من غير ان تصل الامور الى حد المناكفات السياسية التي ظهرت في وجه الزعيم الزغرتاوي اكثر مما صادفه ترشيح عون وجعجع في منافسة مباشرة، اضف الى ذلك ان جنبلاط لم يسحب مرشحه للرئاسة النائب هنري حلو. اقله ليظهر جديته في انتخاب فرنجية، فيما اكدت اوساط تيار المستقبل ان لا تراجع عن ترشيح فرنجية، فضلا عن سعي الحريري الى اقناع حلفائه المسيحيين بانتخابه من غير ان ينجح في ذلك حتى اشعار اخر (…)
وترى اوساط التيار ان الورقة الرئاسية عادت الى بكركي حيث سيجمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاقطاب الموارنة على امل الاتفاق على ترشيح احدهم من دون حاجة الى كسر عظم بحسب ما ساد الاجتماعات السابقة حيث شد كل طرف باتجاه ترشيح نفسه الى حد القول مجددا ان لا مجال امام رئيس تحد، فيما المطلوب بالحاح رئيس توافقي من غير ضرورة ان يكون من بين الاربعة المتنافسين!
يبقى الموقف في هذا الصدد لما سيصدر عن الرئيس سعد الحريري الذي سيزور بيروت في خلال اليومين المقبلين حيث لا يعقل ان يقود معركة الانتخابات الرئاسية من خارج لبنان، اضف الى ذلك ان ما سبق له ان التقاهم في باريس او في الرياض قد اخذ منهم تعهدات بانهم سيقفون معه، فيما هناك اشخاص لم يسبق له ان التقاهم في اي مكان لذا يقال عن هؤلاء انهم سيكونون بيضة القبان في معركة الانتخابات الرئاسية، من غير ان يفقد الامل بالتفاهم مع حزب الله على مرشح توافقي كي لا تتطور الامور باتجاه الاسوأ بما في ذلك عدم انتخاب رئيس (…)
لقد سبق القول ان جهات بارزة في تيار المستقبل قد تعهدت بالسعي لدى سياسيين مستقلين لاقناعهم بانتخاب النائب سليمان فرنجية، لكن الامور تغيرت بشكل واضح، لان الاخير لم يعرف كيف يسوق نفسه بالنسبة الى ما هو مطلوب منه، ان لجهة سلاح المقاومة او لجهة الحرب السورية، مع ما ظـل خارج اطار البحث بين فرنجية وعون الذي على علاقة وطيدة مع حزب الله الذي يرفض في المطلق التخلي عن تأييده الا في حال انسحب من المعركة؟!
وطالما ان فرنجية لم يدل بدلوه السياسي في مجال شرح موقفه وبرنامج عمله الرئاسي، فان الامور انقلبت عليه، حيث يستحيل على الحريري ترميم علاقته بسواه من الاقطاب الموارنة في قوى 14 اذار، الامر الذي سمح للقوات اللبنانية وحزب الكتائب بان يخرجا عن تأييد فرنجية بشكل واضح وصريح لا يقبل التأويل مع العلم ان السياسيين المسيحيين الاخرين لم يرفضوا ترشيح فرنجية وقبلوا به على علاته لجهة علاقته مع حزب الله ومع مشاركة الحزب في الحرب السورية، الامر الذي جعل كل شيء يدور في حلقة مفرغة؟!
ماذا بوسع الرئيس الحريري ان يعمل لاصلاح الخلل في مجال ترشيح فرنجية، باستثناء اعادة ضبط علاقة تيار المستقبل بحزبي الكتائب والقوات اللبنانية على اساس التذكير بابعاد التحالف القائم معهما، فضلا عن ان اداء الكتائب والقوات من الواجب اعادة ضبطه لما فيه المصلحة العامة لكن الامور لا بد خرجت من يد الحريري بعدما وقع خياره على فرنجية من قبل ان يفلت زمام الامور السياسية من بين يديه؟!