IMLebanon

فرنجية يشجع الحريري على التهدئة مع «حزب الله»

ليس بالديموقراطية وحدها تحيا الرئاسة!

فرنجية يشجع الحريري على التهدئة مع «حزب الله»

يبشر الرئيس سعد الحريري منذ عودته الى بيروت بـ «الديموقراطية الصافية» على الطريقة الغربية، داعياً «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» الى حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من دون شروط مسبقة، وترك المنافسة بين المرشحين ميشال عون وسليمان فرنجية وهنري حلو تأخذ مداها الطبيعي، مبدياً الاستعداد لتقبل اي نتيجة وتهنئة الفائز.

في الشكل، يبدو الحريري متفوقاً من الناحية التكتيكية في لعبة الشطرنج الرئاسية، إذ إن هذا النوع من الخطاب، المعتمد على مساحيق التجميل، يسمح له بإحراج خصومه وتحميلهم مسؤولية الترويج لثقافة التعيين بدل الانتخاب، وصولاً الى وضعهم في موقع الدفاع والتبرير.

وما يساهم في تقوية حجة الحريري، تأكيده أنه لن يقاطع ولن يعطل النصاب، بمعزل عمن يمكن أن يفوز في جلسة الانتخاب، ما يمنحه قدراً من المصداقية أمام الرأي العام، في حين أن تحالف الحزب ـ التيار لا ينفي عن نفسه أصلاً تهمة تعطيل النصاب عن سابق تصور وتصميم، مشترطاً لتأمينه تحقيق توافق مسبق حول انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.

ولكن خلف القشرة الخارجية لموقف الحريري، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

ـ يدرك رئيس «المستقبل»، استناداً الى بوانتاج اللحظة، أن فرنجية سيكون الرابح في أي جلسة انتخابية تعقد في ظل المعطيات الراهنة، الأمر الذي يسمح للحريري أن يعطي خصومه دروساً في الديموقراطية وهو مطمئن في الحسابات السياسية الى ان مرشحه متقدم على عون.

ـ يتجاهل الحريري عمداً أن الديموقراطية التوافقية هي الأساس في لبنان، وأن رئيس الجمهورية، خصوصاً وسط التوازنات الحالية، لا يمكن أن يأتي إلا في سياق توافق وطني يترجمه صندوق الاقتراع، تماماً كما حصل مع ميشال سليمان في المرة السابقة وقبله مع إميل لحود، وذلك في انتظار استعادة الدولة عافيتها ولياقتها الديموقراطية.

ـ يغض الحريري الطرف عن حقيقة أن الضرورة الميثاقية تتفوق على مبدأ الديموقراطية العددية المجردة، في انتظار بناء الدولة المدنية وإلغاء الطائفية. وإذا كان تعيين موظف في الفئة الثالثة في وزارة المالية كاد يتسبب في فتنة، علماً أن اتفاق الطائف يحرر هذه الفئة الوظيفية من قاعدة التوازن الطائفي، فكيف بموقع رئاسة الجمهورية الذي بات يشكل بالنسبة الى المسيحيين ممراً إلزامياً نحو استعادة التوازن الوطني والشراكة الحقيقية؟! وليس أدل على رسوخ هذه المعادلة التأسيسية من أن الرئيس نبيه بري لم يتردد في الدفع نحو تأجيل الانتخابات النيابية لأن تيار «المستقبل»، كمكوّن سني ميثاقي، كان معارضاً لإجرائها.

ـ يعرف الحريري جيداً أن انتخاب الرئيس يحتاج بالدرجة الأولى إلى نصاب سياسي قبل الدستوري، الأمر الذي لا يمكن ان يتحقق إلا عبر التفاهم المسبق مع «حزب الله»، لا سيما إذا كان الحريري بصدد العودة الى رئاسة الحكومة بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

ومن الواضح ان النائب فرنجية هو من أكثر المدركين لهذه الحقائق، كما يتبين من خلال تجنبه التفرد باتخاذ أي قرار يتعلق بمشاركته في الجلسات الانتخابية أو عدمها وإصراره على التنسيق مع «حزب الله» في هذا الشأن، إضافة الى تأكيده المتكرر بأن انتخاب الرئيس أياً يكن، ليس ممكناً سوى بالتوافق العام الذي لا يكتمل من دون الاتفاق مع الحزب، باعتباره ناخباً أساسياً وإلزامياً في استحقاق رئاسة الجمهورية.

وعلى هذه القاعدة، لا يصعب الاستنتاج بأن فرنجية كان مرتاحاً إلى قول الحريري بأن «حزب الله» لا يعطل الانتخابات الرئاسية، بل يستمهل، والأرجح أن رئيس تيار «المردة» أثنى على هذا الموقف خلال لقائه مع الحريري في بيت الوسط، وشجعه على المضي في هذا المسار، خصوصاً أن فرنجية هو حليف استراتيجي للحزب، وبالتالي يهمه أن يصبح الحريري أكثر واقعية في المقاربة، لأن استمراره في التصعيد سيحُرج فرنجية الذي سيكون حينها عالقاً بين حدي عدم تقبله التهجم على حليفه من جهة، وعدم رغبته في الاصطدام بمن دعم ترشيحه من جهة أخرى.