هل يؤدي التجاذب بين الرابية وبنشعي إلى فوز مرشح ثالث؟
فرنجية ضمانة رئاسية وحيدة لـ«8 آذار»!
لا يرفع زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية الراية البيضاء. لا يعتبر ان ثمة ما يدعو الى ذلك ما دام ترشيحه الرئاسي «حائزا على تأييد غالبية اللبنانيين، سياسياً وشعبياً».
انطلاقا من هذه القناعة، يمضي الزعيم الشمالي في دربه الرئاسي الذي يسير عليه منذ نحو سنة. هو أصلا من القائلين منذ سنوات طويلة بأنه ليس مستعدا لأن «يستقتل» للرئاسة وأن من ترسو عليه القرعة الدولية والاقليمية واللبنانية سيصبح رئيسا بمعزل عن رغبته أو قدرته.
لا يتعب المتحمسون لمبادرة سعد الحريري من التكرار ان ترشيح فرنجية، وان شابته صعوبات، لا يزال «الضمانة الوحيدة» لفريقه السياسي بأن تكون لهم الرئاسة، بعد ان اثبتت الايام ان وصول العماد ميشال عون إليها «من سابع المستحيلات»!
لا يقف هؤلاء كثيرا عند قول فرنجية لرئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» محمد رعد على طاولة الحوار، ما قبل الأخيرة، إن «نصيبنا من الوفاء هو الآخرة». هي دعابة أطلقها فرنجية لا تنفي انه لا يزال ثابــتا في موقعه وموقفه.
والحال ان ما يخشاه هؤلاء المتحمســون ليس خسارة فرنجية فرصة «بل خسارة قوى 8 آذار تلك الفرصة النادرة في السياسة والرئاسة، وانتقالها الى مرشح رئاسي ثالث بعد انهاك كل من عون وفرنجية، «وهو أمر يقوم به «الجنرال»، من حيث يدري أو لا يدري»!
في جعبة المتحمسين لزعيم «المردة» تساؤلات «مشروعة» حول الخطأ الذي من الممكن ان يكون فرنجية قد ارتكبه، ولا يخفون عتبهم الشديد على «الجنرال»، لأنه «نكث بوعده تحت الصليب والعذراء»، ذلك ان الاقطاب المسيحيين الأربعة في بكركي اتفقوا على إيصال المرشح الذي يقدم ضمانة لجميع اللبنانيين فيكون بذلك ميثاقياً، وعون، بمجرد اجتماعه مع فرنجية في بكركي، يكون بذلك قد اعترف بالحيثية الشعبية للأخير.
على صعيد المآخذ على زعيم «المردة»، يرد هؤلاء سريعاً: لا يستطيع «الجنرال» وقائد «القوات اللبنانية» إدعاء تمثيل غالبية المسيحيين. فقد أثبتت الانتخابات البلدية ان عون وجعجع لا يمثلان أكثر من 40 في المئة من المسيحيين، وإذا تحدثنا عن شرعيتهما النيابية، فإن أصوات الناخبين الشيعة والسنة كان لها الفضل في وصول هذا العدد من النواب لهما، والأمثلة على ذلك كثيرة في كسروان وبعبدا وجبيل وجزين وزحلة وغيرها من المناطق.
وعندما يواجه المتحمسون لفرنجــية بســر تمسك «حزب الله» بترشيح عون، وفــتح أميــنه العام السيد حسن نصرالله الطريق للحــريري للوصول الى رئاسة الحكومة، فإن هؤلاء يضعون ذلك فــي إطار «وفاء» نصرالله لعون. هم يقولون، في المقابل، ان نصــرالله لم يطلب من فرنجية الانسحاب، ويتابــعون ان هنــاك مكونات في «قوى 8 آذار» أقرب الى فرنجــية منها الى عــون، كالرئيــس نبيه بري و «القومي» و «البعث» والنائب طلال ارسلان.
أما ما قيل عن تخلي الحريري عن فرنجية ليدفع بوصول «الجنرال» الى الرئاسة، فلا يصرف في حسابات المتحمســين لزعيم «المردة». يشير هــؤلاء الى ان العلاقة بين الحريــري وفرنجية لا تشــوبها برودة اليوم كما يشاع، بل هــناك تواصل مستمر، ولا يجب أن يغيب عن البال ان الحريري في الأصــل ليس حليفا لفرنجية لكي يلام في حال تراجعه عن مبــادرته، علماً ان فرنجية يتمتع بتأييد كبير في الشارع السني، على عكس «الجنرال». وهنا يــبرز ســؤال لدى هــؤلاء: لماذا لم يجر الحريري تصويتاً على ترشيح فرنجــية في «كتلة المستقبل» كما أجــرى في موضــوع ترشيح عـون؟
من الواضح اليوم ان العلاقة بين عون وفرنجية مقطوعة، ويؤكد المتحمسون لمبادرة الحريري ان القاعدة الشعبية لعون ترفض التحالف مع جعجع الذي أعلن تأييده لعون، ليس حبا فيه، بل وصولاً الى مرشح «توافقي» مع «8 آذار»، تمهيدا لتزعم جعجع، واهماً، للشارع المسيحي في المستقبل بعد ان تكون شعبية «التيار الوطني الحر» قد بدأت بالتآكل.
ويخلص هؤلاء الى التأكيد ان زعيم «المردة» لن ينسحب بتاتاً من السباق الرئاسي، لا بل ان ثمة ثقة بأن عون لن يكون مقبولاً للرئاسة اقليميا، وخاصة على الصعيد السعودي، والمعادلة بالنسبة اليهم بالغة الوضوح: يكفي تأييد نائب واحد خارج كتلة فرنجية لكي يستمر الأخير في ترشحه!