IMLebanon

فرنجية في بعبدا؟

سيناريوهات كثيرة في التداول من شأنها انهاء الازمة الحكومية في الساعات القادمة بحلول لعقدة تيار المردة او ترتيب العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس تيار المردة بتنازل رئيس المجلس عن حقيبة الاشغال لتيار المردة على ان تنال حركة أمل حقيبة الصحة، في حين ان الرسالة الابوية من قصر بعبدا فعلت فعلها في محاولة جس النبض لاي عملية انفتاحية بين بعبدا وبنشعي وبعد تأكيد فرنجية انه لا يتلقى دعوات عامة كان لا بد كما تقول اوساط سياسية لتدخل من سيد بكركي. وعليه فان زيارة فرنجية الى بعبدا المرشح حصولها في وقت قصير ستكون الدافع لتسريع  الولادة الحكومية وايجاد مخرج للازمة التي طالت بين بنشعي والرابية.

قد يكون سليمان فرنجية فتح النار على التيار الوطني الحر وبادله التيار الوطني الحر المعاملة بالمثل، فهو صعد مواقفه وفتح جبهة قبل الانتخابات الرئاسية على اثر الخلاف السياسي الذي وقع بينه وبين الرابية عندما وافق فرنجية على عرض مغر من سعد الحريري بالترشح للانتخابات الرئاسية لم يعجب زعيم الرابية حينها، وحصلت بعدها تطورات جلسة الانتخاب فحصل عون على الرئاسة ولم يشارك فرنجية في الاستشارات النيابية في قصر بعبدا شخصياً فاوفد نائبيه كرم والدويهي حيث ان الخلاف كان لا يزال في ذروته عقب الانتخابات الرئاسية وتبادل الرسائل والاتهامات بين الطرفين، لكن فرنجية اليوم حسب الاوساط ليس مشاكساً للعهد بل سيعطيه فسحة للعمل ولا يقف حجر عثرة لانطلاقته، فلا ضغينة ولا خلاف في الشخصي مع الرئيس ميشال عون وانما اختلاف في السياسة حتم الافتراق عن الحليف الاستراتيجي المشترك مع حزب الله. عدا ذلك فان فرنجية لم يعلن المقاطعة او التمنع عن المشاركة في حكومة سعد الحريري، فرئيس تيار المستقبل لم يخطئ تجاهه لكن مقتضيات المرحلة وحجم الضغوط حتمت تكويعة مماثلة للحريري، منذ البداية كان قرار زغرتا بعدم الاعتكاف، يشارك فرنجية في الحكومة التي يفاوض عنه فيها رئيس مجلس النواب لانتزاع حقيبة خدماتية اساسية قد تكون الطاقة او الاشغال.

واذا كان الامين العام لحزب الله اكد ان حزب الله ليس منزعجاً من تقارب القوات والتيار الوطني الحر، وهو وضع اصلاً في هذه الاجواء وصورة تفاهم معراب فان زعيم زغرتا بعد هدوء المعركة الرئاسية  يتابع عن بعد مسار العلاقة الجديدة و«الحميمية» بين حليفه القديم في الرابية ومعراب، وكل ما رافق المفاوضات ونقاشات تأليف الحكومة ودفاع الفريق العوني عن حصص القوات وكأنها حصصه الخاصة خصوصاً ما يتردد ان التيار الوطني الحر بداية  كان يعول على اسناد حقيبة سيادية الى معراب لم تحالفه بها الظروف والفيتوات على اسناد حقيبة الدفاع او الخارجية لها اذ لا يمكن ان يقبل حزب الله سياسة دفاعية للمؤسسة العسكرية لا تحمي ظهر المقاومة، فيما قد يضرب اي موقف ديبلوماسي او صادر عن الخارجية في حال ترؤسها من قبل القوات في صميم المقاومة.

اطلالة الامين العام الاخيرة واصراره على ان تعود العلاقة بين المردة والتيار الوطني الحر الى سابق عهدها «فهؤلاء كانوا حلفاءنا في الايام الصعبة وكانوا صادقين معنا وكنا معهم صادقين» مؤشر لما يريده حزب الله لعلاقة الحليفين فحزب الله كما تقول الاوساط لا يقبل عزل فرنجية «الصادق بتحالفاته ووعوده وخصوصاً ان الاخير لم يخطئ ولم يعرقل الانتخابات الرئاسية، حيث كان لديه فرصة حقيقية للوصول الى الرئاسة بتصويت «مسيحي وشيعي وسني»، ورغم ذلك بقي «حليفاً صادقاً ولم يشكك في نيات 8 آذار معه رغم ترشحه من قبل زعيم المستقبل، لاسباب عديدة منها الاستراتيجية والجوهرية والتي تتعلق بارتباط فرنجية التاريخي بهذا المحور السياسي المنتمي الى المقاومة وسوريا، ومنها  الاسباب التكتيكية المتعلقة بموقف فرنجية وعلاقته بحزب الله التي لا يمكن ان يشكل اي ملف او استحقاق  تهديداً او نسفاً لاصولها».

بالنسبة الى المردة ثمة خيط رفيع ولكنه قوي يجمعها  مع حارة حريك ، ويمكن فهم ما يريده حزب الله من زاوية اخرى مغايرة، فمع تمسك الحزب بمعركة ميشال عون الرئاسية الا ان حزب الله لم يطلب  يوماً من فرنجية الانسحاب منها.

ثمة من يرى ويبرر ان حزب الله وجد نفسه بعد فترة ملزماً باتخاذ موقف وتصويب  البوصلة بعد الاقاويل والتفسيرات التي كادت تهدد وحدة فريق 8 آذار، وبالتأكيد فان زعيم المردة كما تقول الاوساط لم يتفاجأ يوماً بما صدر عن حزب الله حيث سبق لحزب الله ان اطلعه على ما يريد ولنظرته للانتخابات الرئاسية ومسارها  مع شرح وافر للعلاقة الاستراتيجية وتقدير لموضوعية ومصداقية بنشعي.

وبانتظار اي خطوة  مفاجئة يمكن ان تحصل في اي وقت وقد  تحصل قريباً من زغرتا الى قصر بعبدا، يمكن القول ان فرنجية  كما تقول الاوساط لم يفتح على حسابه وليس في صدد الابتعاد  عن الخط السياسي الذي هو فيه وخصوصاً ان علاقته بعين التينة التي رشحته للرئاسة على افضل ما يرام، وبالتالي فان الرهان على الابتعاد عن حزب الله او 8 آذار على الرغم من الاختلاف في السياسة ليس في محله، فمن يراهن على ابتعاد فرنجية عن سوريا والمقاومة هو حتماً سيخسر الرهان لان زعيم المردة لم يترك حزب الله عندما كان رأسه على المقصلة، وليس في صدد التخلي عن المقاومة او الخط السياسي الذي يسير ضمنه منذ سنوات او يفعل ذلك اليوم.

فرنجية في بعبدا ماذا بعد؟ الحليفان السابقان خاضا معركة إلغاء مسيحية في الملف الرئاسي لكن هذه المعركة تبقى اهون ربما من حرب الالغاء التي حصلت بين عون والقوات اللبنانية في زمن الحرب وبالتالي فان تطبيع العلاقة هو  امر ليس صعباً او معقداً اذا توافرت النيات او كان ثمة قرار من الفريقين بانهاء شوائب مرحلة الانتخابات الرئاسية  لكن تبقى علاقة القوات والتيار الوطني الحر هي العقبة، فثنائية معراب والرابية المسيحية التي تخطط للمرحلة المقبلة قد لا تتسع للزعيم الزغرتاوي خصوصاً ان نجاح الفريق العوني في ايصال القوات لانتزاع حصة حكومية وازنة في حكومة العهد الاولى قد يستتبع استثمار التعاون السياسي في ملفات اخرى في الملفات والاستحقاقات المقبلة، والساحة المسيحية لا تتسع لكثيرين. يبقى ان العهد الجديد سيكون امام استحقاق انجاح انفتاحه ومصالحته مع الجميع وطي صفحة الماضي، وفي هذا الصدد بدون شك ثمة دور اساسي وطليعي للبطريرك الماروني في جعل الصفحة الجديدة مشرقة بين المسيحيين.