Site icon IMLebanon

فرنجية في بكركي: لمسات أخيرة على «الصلحة» مع العهد

 

عندما غادر البطريرك بشارة الراعي القصر الجمهوري في بعبدا، صباح الخميس الماضي، حسم قراره: «لا بدّ من التحرك لتحقيق المصالحة بين الرئيس ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، ولو اقتضى الأمر أن أُمسك زعيم زغرتا من يده وأرافقه إلى القصر».

بكركي لم تكن يوماً أسيرة البروتوكولات، ولعل البطريرك هو أكثر المنزعجين من الجوّ المشحون الذي يتحكم بالثنائي الماروني وينعكس سلباً على الوضع المسيحي. وبرغم أن رأس الكنيسة لا يتدخّل، وفق أوساط المقرّبين منه، بموضوع الحكومة وتوزيع الحقائب، إلا أن «الأساس بالنسبة إليه، ربطاً بتاريخ بكركي، هو التركيز على المبادئ الوطنية والمسيحية، ما يعني ضرورة القيام بمسعى لتحصين التضامن المسيحي».

وتنفي الأوساط نفسها أن يكون حصل اتصال هاتفي ببعبدا خلال لقاء البطريرك بالزعيم الماروني الشمالي، لكنها تؤكد أن «الخط الساخن مفتوح دائماً بين بكركي والقصر الجمهوري».

أما عن «التنمير» الذي ساقه البعض حيال ما قاله فرنجية من الصرح عن أن «البطريرك هو بَيْ الكل»، فإشارة إلى أنه: «في كل العهود إن البطريرك هو بيّ الكل وهذا ليس اقتناصاً أبداً لأبوة رئيس الجمهورية لجميع اللبنانيين. فإذا سألنا البطريرك مَن هو بيّ الكل سيجيب: الرئيس عون. وإذا سألنا الرئيس سيجيب: البطريرك الراعي». وتضيف بين المزاح والجِدّ: «لا تنازع على الأبوة هنا وليخيّطوا بغير هذه المسلة»، وأصلاً لا تنقصنا أزمات في الأبوة ولا في غيرها وإلا سيخرج عندها من يقول لنا إن هناك أب تايواني وأب صيني!».

الأهم في المسعى البطريركي فصله بين «عقدة الحكومة» و «حل المصالحة». فما يعني الراعي، بحسب الأوساط المقرّبة منه، «هو تحقيق المصالحة التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على عقد الحكومة»، مرجحة من هذا المنطلق أن «يفيض الخير على الجبهتين».

كل هذا الحرص البطريركي على اللحمة المسيحية لمسه عن قرب «سليمان بيك» أمس، في بكركي. «العلاقة الممتازة بين الجانبين، بحسب أوساطهما، أضفت على اللقاء المزيد من الودّ والمحبة». وحينها، تصبح مائدة الغداء التي استبقى البطريرك ضيفه عليها مجرد تفصيل حل فيها التفاؤل «طبقاً رئيسياً» والنيات الطيبة صارت هي «المقبلات الشهية».

وكالعادة، تحدث فرنجية بلا قفازات سياسية. قال الأمور كما هي. سار بين الجرح والكرامة. تحدّث عن جرح لم يبلسم بعد وعن «عزة» زغرتاوية شمالية فرضت عليه فرضاً الحديث عن «احترام الكرامات»، ولا سيما أن المعهود لدى الرئيس عون تحديداً أنه «لا يقبل أن يحطّ من كرامة أحد، فكيف اذا كان الأمر متعلقاً بمن سمّاه يوماً «ابني».

قال فرنجية إن والده توفي منذ سنين، لكنه أعلن أنه كالبطريرك تماماً ليس مرتاحاً للخلاف مع رئيس الجمهورية. وزاد ان «الكثيرين يعملون من أجل ضرب العلاقة بيننا». شرع أبوابه للانفتاح ووضع ثقته الكاملة بسيد بكركي: «أنا مستعدّ للقاء الرئيس عون بالطريقة التي يراها البطريرك مناسبة»، مستخدماً القاعدة الذهبية في أساس العلاقة مع القصر: «كما تراني يا جميل.. أراك».

وبعد اللقاء تحدث فرنجية للإعلاميين فأشار الى ان الراعي هو «بيّ الكل» وهو راعٍ للكرامات «ونحن مستعدون لأي لقاء مع الرئيس عون بالطريقة التي يراها البطريرك الراعي مناسبة». وأضاف: «لا زلنا متمسكين بما قلناه في الموضوع الحكومي في السابق، وان الامور في طريقها الى الحل وان الرئيس نبيه بري هو الحليف الاساسي في هذا الموضوع»، وتمنى «ولادة الحكومة في الايام المقبلة».

ورداً على سؤال حول اتصاله هاتفياً بعون، قال: «يوم انتخب الرئيس عون قلنا إن خطنا قد انتصر، ونحن نعتبر أنه من حق عون أن يصل الى الرئاسة، ولكن نحن نعترض على التعاطي معنا بطريقة الانتقام أو القصاص، ونحن جاهزون لأي معركة إذا ارادوها معركة، أو اي مهادنة، اما اذا ارادوا علاقة جديدة، فنحن مستعدون لها. وهذا الأمر يقرره الرئيس، حيث إنه اذا اراد محاربتنا فسنحاربه وإن أراد صداقتنا فسنصادقه».

وقال، رداً على سؤال حول «الأبوة»: والدي توفي منذ 40 عاماً واذا اراد الرئيس عون أن يوجه لي دعوة يمكنه ان يلتقط سماعة الهاتف ويتصل بي ويقول «انا رئيس الجمهورية شرّف لعندي.. ساعتها بروح لعنده». وتابع: صاحب الغبطة لديه هاجس الخلاف الماروني الماروني والمسيحي والمسيحي؛ وهو غير مرتاح للجو السائد بيننا وبين فخامة الرئيس ونحن أيضا غير مرتاحين، لانه كانت هناك ايام ود وصداقة وحلف وشاءت الظروف أن نصل الى هنا».

وختم فرنجية: في الموضوع الحكومي كان لنا شرط اساسي قد يُلبّى ونحن لا نكسر أحداً فيه. وهذا موضوع حقوق ومواقف مبدئية، أما بشأن العلاقة مع الرئيس، «فيحدّدها سيدنا البطريرك ونرى أن هذا الموضوع يمكن له أن يعالج بطريقة تحفظ فيها كرامة الجميع، وأنا أثق أن سيد بكركي بإمكانه ترتيب الأمور».