لا نبالغ إذا قلنا إنّ مرور شهر إلاّ ثلاثة أيام على إنتخاب الرئيس ميشال عون من دون التوصل الى تشكيل الحكومة الجديدة، ترك إنطباعاً سلبياً جداً لدى الناس.
نبادر الى القول إن الإنطباع السيىء لم يتكوّن ضد العهد الجديد بل ضد الأطراف التي تعرقل مسيرته، وهي بالتالي عرقلة لمسيرة وطن كان قيد «الإحتجاز» بشكل أو بآخر.
هل لنا أن نُفْصِح؟ بل هل لنا أن نكرّر، هنا، ما يقوله اللبنانيون في منازلهم ومقار أعمالهم، في المقهى وفي المطعم، في السيارة وأمام التلفاز؟ (…).
بداية إن الرئيس نبيه بري قال مباشرة بالجهاد الأكبر. هل كان يستقرىء المرحلة الحالية؟ بالطبع: كلاّ. إنما هو كان يرسمها! بينما دولة الرئيس يمسك بيده ورقة مهمة وهي أنه لو شاء تطيير النصاب لفعل، ولما كان من عهد جديد في لبنان.
وهذا الكلام يبدو دقيقاً للوهلة الأولى، إلاّ أنّه يتهاوى أمام صدقية الرئيس النبيه. فلو طيّر دولته النصاب أين كانت ستذهب به الصدقية وهو الذي لم يتغيب (شخصياً وكتلة) عن أي جلسة إنتخابية سبقت جلسة الحادي والثلاثين من تشرين الأول الماضي التي إنتخب فيها العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وبالتالي فإن كلام تطيير النصاب لا يستقيم لأنه كان سيعرّض صدقية رئيس المجلس للتساؤل على الأقل… وهذا ما لا يقبله دولته، وما لا يقبله له أنصاره ومحبوه ومريدوه الكثر المنتشرون في مختلف المناطق.
واللبنانيون الذين استطاع الوزير سليمان فرنجية أن يكسب مودة واحترام الكثيرين منهم يبدون، اليوم، عاتبين على الرجل، فهم بقدر ما يُكْبرون فيه صدقه والتزامه بحلفائه بقدر ما يقولون إنّه يخوض معركة ليست معركته، إذ ان معركة رئيس تيار المردة كانت في موقعها الطبيعي الى أن أعلن الرئيس سعد الحريري دعم ترشح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
ماذا كان مطلوباً من سليمان بك؟
يقال: جواباً على ما تقدم من سؤال إنه كان مفترضاً بالمرشح فرنجية أن يسحب ترشحه فوراً، ليس لأنه غير مستحق، وهو المستحق! وليس لأن ترشحه غير طبيعي، وهو طبيعي جداً جداً! إنما لأنّ ثلاث قوى كبرى تقاطعت إقتناعاتها عند دعم ترشح الشخصية الأقوى في طائفته… وبالتالي بات ترشح فرنجية أمام مستحيلين: المستحيل الأول كسر القوى الثلاث الكبرى: حزب اللّه بل وسماحة السيد حسن نصراللّه مباشرة فالدكتور سمير جعجع وحزب القوات اللبنانية، فالرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل. والمستحيل الثاني إقناع الجنرال بالإنسحاب من المعركة وهو صاحب الحيثية الكبرى وزعيم الحزب الكبير.
ويضيف المحبّون لفرنجية، وما أكثرهم: كان عليه ألاّ يقع في جاذبية الإعلام وبعض خبثاء الإعلاميين الذين استدرجوه الى حوارات كان الهجوم على الجنرال لحمتها وسداها مع تمرير اعتراف بالأفضلية للجنرال والإستعداد لدعمه… ثم العودة الى الهجوم عليه؟!.
ويختم المحبّون: كان على سليمان فرنجية أن يلتزم بوعده: إذا استطاع الجنرال أن تكون له حظوظ (… وكانت له) وإذا استطاع أن يحصل على دعم طيف فاعل في 14 آذار (… وقد حصل على دعم الطيفين اللذين هما العمود الفقري لفريق 14 آذار: المستقبل والقوات) فإنني أنسحب له. ولم ينسحب.
… وبعد، لو كان من كلام يُسمع لدى الوزير فرنجية لقلتُ له: دع كل الماضي (القريب) وراءك وتوجه الى قصر بعبدا، فأنت أولى بأن تكون من أعمدة هذا العهد ولو اقترعت ضدّه… الى جانبه بحقيبة أو من دون حقيبة، ولتسقط خزعبلات «السيادية» و«الأساسية»…
ورحم اللّه فخامة الرئيس سليمان فرنجية والزعيم طوني فرنجية وسائر الذين يستمعون ويميزون بين من ينصح لهم لوجه اللّه، والمنافقين الذين يحرّضون ويزايدون (وهؤلاء، أيضاً، ما أكثرهم!).