IMLebanon

فرنجية: «8 آذار» ربح «الجائزة الكبرى» لكنه يرفضها  

حلفاء يتخوّفون من «دس السم» في «دسم» الترشيح

ليس خافياً أن ترشيح الرئيس سعد الحريري، ومَن معه وخلفه، للنائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، شكّل إرباكاً وإحراجاً لفريق «8 آذار» الذي وجد نفسه فجأة مضطراً إلى الاختيار بين فرنجية والعماد ميشال عون، في واحد من أصعب الاختبارات السياسية.

ولعل حساسية الموقف المستجدّ تعكسها إحدى شخصيات هذا الفريق بإشارتها إلى أن طرح اسم رئيس تيار «المردة» للرئاسة ينطوي على قدر كبير من الدهاء، «ذلك ان أصحاب هذا الطرح يفترضون انه إذا جرى انتخاب فرنجية يكونون قد تخلصوا من الجنرال، وإذا لم يُنتخب بسبب معارضة عون تكون العلاقة بين الرجلين قد انهارت مع ما سيتركه هذا الانهيار من تداعيات على مجمل جسم 8 آذار».

أما النائب فرنجية نفسه، فيشعر أن المخاوف التي تسود الحلفاء من أن يدس المعسكر الآخر السم السياسي في دسم ترشيحه، إنما تنطوي على مبالغات غير منطقية، بل يُنقل عن رئيس «المردة» قوله تعليقاً على الطريقة التي يتعامل بها بعض حلفائه مع ترشيحه: إن حال «8 آذار» هي كحال من ربح جائزة اللوتو الكبرى، لكنه يرفض تسلمها، ويدعو القيّمين على السحب الى إعادة الكرّة..

ويفضل المتحمّسون لفرنجية عدم الخوض في محاكمة للنيّات أو للخلفيات الكامنة وراء ترشيح فرنجية من قبل القائد الفعلي لـ «14 آذار»، محبّذين التعاطي مع الوقائع كما هي، واتخاذ الموقف منها تبعاً لما تقتضيه الضرورات الوطنية ومصلحة الخط الاستراتيجي الذي ينتمي إليه رئيس «المردة».

وعلى هذه القاعدة، يعتبر أحد قياديي «المردة» أن هناك تقاطعاً محلياً ـ إقليمياً ـ دولياً نادراً حول اسم فرنجية، لا يجوز استسهال التفريط به، منبّهاً إلى أن فقدان هذه الفرصة، من دون تعويضها ببديل واقعي، هو نوع من العبث السياسي، وبالتالي يجب الإسراع في البناء على هذه اللحظة المؤاتية لانتخاب الرئيس، قبل أن يستجدّ أي تطور إقليمي او دولي معاكس لها، خصوصاً أن المرحلة التي تمرّ فيها المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات.

ويعتبر القيادي في «المردة» انه في حال كان الحلفاء يعتقدون ان هناك فخاً مضمراً او أمراً مريباً يكمن خلف مبادرة الحريري الى ترشيح فرنجية، فإن الردّ على هذا الاحتمال لا يكون بنسف الفرصة من أساسها، وإنما بالتقاطها على قاعدة تحصين فرنجية وحمايته، عبر احتضانه ودعمه من قبل حلفائه.

ويؤكد أن فرنجية لم يقايض ترشيحه بأي تنازل على مستوى قانون الانتخاب الذي يحتاج إقراره إلى توافق وطني ولا يمكن لأحد اختزاله بقرار فردي أياً كان المنصب الذي يشغله، مشيراً إلى أن المطروح تسوية ميثاقية متوازنة قوامها فرنجية رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة، وبالتالي ليست هناك أي صفقة ضمنية بين الرجلين، من خارج هذه المعادلة.

لكن هذه المقاربة لترشيح فرنجية لا تروي غليل التساؤلات المتداولة في أوساط «التيار الوطني الحر»، ومن بينها:

ـ هل يجوز أن يُسمّي الحريري ومن خلفه السعودية رئيس الجمهورية المسيحي؟

ـ لماذا لم يُناقش مسبقاً اقتراح ترشيح فرنجية مع القيادات المارونية الوازنة عوضاً عن محاولة فرضه كأمر واقع؟

ـ إذا كان اعتراض الحريري والرياض على ترشيح عون ينبع من طبيعة خياراته السياسية الاستراتيجية المتعلقة بالمقاومة وسوريا، فما الذي يجعل فرنجية مقبولاً لديهما ما دام هو أيضاً يدعم المقاومة ويقف الى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، بل إنه يُصنَّف صاحب «أقدمية» في هذا النهج؟

ـ هل يجوز أن يتحكم المزاج الشخصي، لهذا السياسي او ذاك الملك، باختيار رئيس الجمهورية اللبنانية؟

ـ كيف يمكن تجاهل الوزن التمثيلي المسيحي الثقيل للجنرال والذي يُفتَرَض أن يشكل معياراً أساسياً في ترجيح كفة مرشح على كفة آخر؟

وبعدما أصبحت المنافسة على الرئاسة تنحصر حالياً بين الرابية وبنشعي، يعتقد صديق مشترك للجانبين أن المعادلة الناظمة لهذه المنافسة ينبغي أن ترتسم كالآتي: إذا كان الخيار هو بين عون وفرنجية، فإن الأولوية يجب أن تكون للجنرال شرط توافر حد أدنى من الحظوظ الواقعية لترشيحه، أما في حال كان الخيار بين فرنجية وأي مرشح توافقي فمن الواجب الانحياز الى زعيم «المردة».

ويشدّد «الصديق» إياه على ان عون وفرنجية هما اسمان حركيان لخط سياسي واحد، والمطلوب في نهاية المطاف أن يفوز هذا الخط برئاسة الجمهورية بمعزل عن هوية الشخص، لافتاً الانتباه إلى ضرورة إدارة الملف بحكمة، تفادياً لخسارة الإثنين معاً، ووصول مرشح وسطي الى الرئاسة على أنقاض اسمَيْهما.