IMLebanon

فرنجية: انسحابي لا يوصل عون.. وعليه إقناع الحريري

المخابرات سرّبت لقاء باريس.. وهذه حقيقة الأحجام.. وتفاهم معراب ضدي»

فرنجية: انسحابي لا يوصل عون.. وعليه إقناع الحريري

لم يتغير شيء في رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بعد قفزته من موقع المرشح الافتراضي الى مرتبة المرشح الجدي. لا يزال الرجل على طبيعته وعفويته وشفافيته التي لم تتأثر بحسابات «البرستيج» الرئاسي.

ما في قلبه وعقله يتدفق على لسانه من دون اخضاعه الى رقابة مسبقة. متصالح مع نفسه حتى أقصى الحدود، إنما من غير ان يفقد تلك البراغماتية التي يعتبرها البعض نقطة ضعف لديه، ويراها هو نقطة قوة تسمح لصاحبها بفهم أفضل للتوازنات اللبنانية ولمقتضيات التعامل معها.

يُصنّف فرنجية في بيئته رئيسا للجمهورية.. مع وقف التنفيذ. يعيش أنصاره الفكرة الى درجة الذوبان فيها، أما هو فيتجنب المغالاة في التسليم بها او الاستسلام لها، وإن يكن يشعر بأن أسهمه مرتفعة.. برغم السهام.

يحرص فرنجية على استقبالنا ووداعنا عند مدخل منزله في بنشعي، بثياب الـ «سبور» التي انعكست ايضا على سلوكه، متخففا من قواعد البروتوكول التي يكون مضطرا الى التقيد بها في المناسبات الرسمية.

ويؤكد فرنجية انه ماض في المعركة الرئاسية في ظل المعطيات الحالية، وليس بوارد الانسحاب، «لأن التعطيل المجاني للترشيح الاقوى، هو عبث سياسي يؤذي فريقنا ككل، وأنا الآن أعلن عن استعدادي للانسحاب الفوري، متى قرر الرئيس سعد الحريري ان يدعم الجنرال، أما إذا سحبت ترشيحي وسط الاصطفاف الحالي، فلن يفضي ذلك الى انتخاب عون، بل ان 14 آذار قد تذهب حينها في اتجاه طرح أسماء أخرى من خارج 8 آذار».

ويتابع: المهم بالنسبة لي ألا نخسر الفرصة السياسية الثمينة المتمثلة في إمكانية وصول رئيس من 8 آذار الى رئاسة الجمهورية، وبالتالي فان ما أخشاه هو ان نصل الى لحظة نكون فيها قد خسرنا ترشيحي من دون ان نربح ترشيح عون الذي لا يزال يصر على رفض الخطة «ب».

ويضيف فرنجية: ربما تكون حظوظي الرئاسية متأرجحة، لكن الاكيد انه لا حظوظ لعون في ظل الظروف الحالية.

الخطة «ب»

ولكن، ألا ترى ان مجرد قبول عون علنا بمبدأ الخطة «ب» سينعكس سلبا على جدية ترشيحه، ما يعني القضاء تلقائيا على أي حظوظ فعلية للخطة «أ»؟

يكشف فرنجية عن انه كان قد طرح على عون في الكواليس، وقبل ان ينتقل البحث الى العلن، ان نتفق ضمنا على اعتماد الخطة «ب»، في حال تعذر عليه الحصول على الاكثرية المطلوبة لبلوغ رئاسة الجمهورية، لكنه رفض.

ويعتبر رئيس «المردة» ان مشكلة عون تكمن في انه يفترض خطأ انه بمستطاع «حزب الله» ان يلزمني بالانسحاب في لحظة ما، وهو في ذلك شأنه شأن بعض الحلفاء ممن كانوا عند استحقاقات معينة، أيام الوجود السوري، يرفضون الكلام معي متوهمين ان بامكان دمشق ان تفرض علي شيئا.

ويضيف: هناك من لا يفهم طبيعة العلاقة القائمة بيني وبين كل من السيد حسن نصرالله والرئيس بشار الاسد. هما لم ولن يطلبا مني أي شيء يمكن ان يتعارض مع كرامتي او قناعتي، وعلاقتنا محكومة بالثقة والاحترام المتبادلين. أنا ملتزم بنهج العروبة والمقاومة عن سابق تصور وتصميم، وليس من باب المجاملة او المسايرة، ولانني صلب وراسخ في خياراتي فليست لدي أي عقدة في التحاور مع أحد، وبالتالي لا يجوز تخويني من قبل البعض في «8 آذار» كوني جلست مع الحريري، في حين ان «حزب الله» يحاور تيار «المستقبل» في عين التينة منذ أشهر، وأنا أؤيده، لانه يتصرف بحكمة.

ويؤكد اطمئنانه وارتياحه الى موقف الرئيس السوري حيال ترشيحه، «من دون ان أقصد من ذلك ان الرئيس الاسد لا يهمه عون، الذي وبرغم خلافنا معه لا ننكر انه صلب في خياراته الاستراتيجية».

ويعلن رئيس «المردة» عن انه سينسق مع «حزب الله» في شأن جلسة 8 شباط الانتخابية، «فإذا قرر فريق 8 آذار، وفي طليعته الحزب، مقاطعة الجلسة سأقاطعها أيضا، برغم ان هذا القرار قد يجر علي الانتقادات كوني مرشحا».

الأحجام الحقيقية

وحين يقال لفرنجية ان الحيثية التمثيلية الواسعة لعون يجب ان تمنحه الأفضلية الرئاسية على من يملك حيثية أقل، يسارع الى إعادة تشريح أرقام الانتخابات النيابية، لافتا الانتباه الى انه «لولا الصوت الشيعي المرجح في بعبدا وجبيل وكسروان وجزين، لكان عدد أعضاء كتلة العماد عون قد تناقص الى حدود أصابع اليد الواحدة».

ويتابع فرنجية: لقد سبق ان اتفقنا في بكركي وعلى طاولة الحوار الوطني بان رئيس الجمهورية يجب ان يكون قويا في بيئته ومقبولا من البيئات الاخرى، وما جرى ان الحريري اختار ان يدعم مرشحا ينطبق عليه هذا المعيار، من ضمن الاقطاب الاربعة الاقوياء وليس خارجهم، وبالتالي فان ترشيحي يراعي الحيثيتين المسيحية والوطنية المطلوب توافرهما في المرشح الرئاسي.

«تفاهم معراب» ضدي

وأين انت من تفاهم معراب الرئاسي بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؟

يبتسم فرنجية، قائلا: هذا التفاهم، انا صاحب الفضل الاساسي فيه، ولولاي ما كان ليحصل، إذ إن وظيفته الحقيقية والوحيدة هي قطع الطريق على ترشيحي، ليس إلا. ويضيف: العماد عون اعتبر انني مثل ابنه، فيكف يتحالف مع المسؤول عن مقتل والدي، وصاحب التاريخ المعروف معنا؟

ويستطرد متابعا: البعض وجد ان اطلاق سراح ميشال سماحة جرح مشاعر كثيرين، ولكن ماذا عن مشاعر فيصل كرامي وترايسي شمعون وعائلات عدد من شهداء الجيش.. ألا يُفترض ان تراعى أيضا؟

ويعرب رئيس «المردة» عن خشيته من الكلفة التي يمكن ان يرتبها «تفاهم معراب» على الجنرال، لافتا الانتباه الى انه حتى لو لم يصل عون الى الرئاسة، فان جعجع سيعتبر انه قام بواجبه حياله عندما أيّد ترشيحه، الامر الذي قد يضطر الجنرال الى تسديد فواتير معينة لرئيس «القوات»، بمعزل عما إذا جرى انتخابه للرئاسة ام لا.

وينبه الى ان سلوك عون يجعل من سمير جعجع بمثابة الخطة «ب» الضمنية والبديلة عن عون.

لقاء باريس

وماذا عن حقيقة تفاهمك مع الحريري؟

يوضح فرنجية انه توصل خلال اللقاء الاول مع الحريري في باريس الى وضع ورقة مكتوبة، تتضمن النقاط الآتية:

ـ انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية.

ـ تسمية شخصية من «14 آذار» لرئاسة الحكومة.

ـ الالتقاء في منتصف الطريق، بالنسبة الى الملفات الخلافية.

ويقول فرنجية انه وضع هذا المعطى المستجد بتصرف قيادة «حزب الله» التي أَبْلَغْتُها بانني مستعد للاستمرار إذا ارتأت مصلحة في ذلك، وإلا فلا مانع لدي في أن أمزق الورقة وكأن شيئا لم يكن، فأتى الرد بانه لا بد من الكلام مع العماد عون، وبالفعل زرت الجنرال الذي رفض البحث في الخطة «ب»، واكتفى بان يقول لي في خلاصة النقاش: انت شاب طموح، الله يوفقك.

ويشير فرنجية الى ان اسم رئيس الحكومة لم يُحسم في الحوار الباريسي، وإن يكن شخصيا يحبذ إذا أصبح رئيسا للجمهورية، التعاون مع الحريري، لان من شأن ذلك ان يساهم في تحصين الاستقرار الداخلي وتفعيل انتاجية الحكم.

ويلفت فرنجية الانتباه الى ان الحريري لم يشترط علي التخلي عن الثلث الضامن في الحكومة، كاشفا عن ان رئيس «المستقبل» استفسر حول الضمانات بعدم الانقلاب عليه مجددا، فأكدت له ان الضمانة الوحيدة هي عدم تجاوز الخطوط الحمر السياسية.

ويوضح فرنجية انه أبلغ الحريري بضرورة الكف عن الهجوم على سلاح «حزب الله»، لانه ليس له أي جدوى، «والافضل، إذا أردنا ان نتعاون، وضع هذا الملف خارج التداول».

محاذير استفزاز السنّة

وعندما يقال لفرنجية إن البعض يعتبر انه لا مبرر للقبول بعودة الحريري الى السلطة، ما دام ان مشروع المحور الاقليمي الذي ينتمي اليه يتراجع، يشدد على ان «انتصار مشروعنا يجب ان يكون حافزا اضافيا لطمأنة الفريق الآخر، لان منطق التوازنات اللبنانية يفرض ذلك».

ويتابع: أين المصلحة في استفزاز قرابة ثلاثة ملايين ونصف مليون سني يتواجدون في لبنان، من لبنانيين ونازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين؟ ولماذا ندفع هؤلاء الى التطرف، علما ان بعضهم قد يلجأ الى العنف؟ أنا ضد استفزاز الطائفة السنية، أو غيرها من المكونات اللبنانية. في النهاية، نحن ملزمون بقواعد التعايش والشراكة والتوازن والتفاهم، سواء انتصر مشروعنا او مشروعهم، بل نحن في الاساس كفريق 8 آذار وكمكون مسيحي في هذا الفريق كنا ولا نزال نسعى الى تصحيح الخلل في هذه القواعد، فلا يجب ان نكرس هذا الخلل عندما نصبح في موقع القدرة، فقط لانه بات يتلاءم مع مصلحتنا، وأنا واثق في ان السيد حسن نصرالله، هذا هو رأيه وخياره..

مواصفات الحريري

وماذا عن انطباعاتك حول الحريري؟ هل تعتقد انه تغير قياسا الى الماضي؟

يلفت رئيس «المردة» الى انه لمس ان «الحريري واقعي، مهذب، مريح، التعاطي معه سهل، يستمع الى الآخر حتى النهاية، وغير مستفز في تعليقاته وردوده حتى لو كان يختلف معك».

ولماذا تعتقد ان الحريري والسعودية قررا دعم خيار انتخابك رئيسا للجمهورية؟

يرى فرنجية ان «الحريري والرياض أصبحا على قناعة مؤخرا بحتمية انتخاب رئيس من صفوف قوى 8 آذار، وبان هذه الطريق باتت ممرا إلزاميا للخروج من نفق الشغور. أما لماذا قررا تأييدي شخصيا، فالارجح لانهما يعتبران ان التفاهم معي ممكن».

إصلاحي على طريقتي

وما ردك على القائلين بانك لا تحمل تصورا اصلاحيا او تغييريا على مستوى الدولة، وهذا ما يدفع قوى أساسية في الطبقة السياسية التقليدية الى دعمك؟

يؤكد فرنجية انه اصلاحي، «إنما من دون تهور او افتعال بطولات وهمية، لا تقدم ولا تؤخر، بل لعلها أحيانا تؤخر الاصلاح»، مشيرا الى ان لديه كل النية والتصميم لمواجهة الفساد، «ولكنني أعتبر ان النجاح في هذه المهمة يتطلب التعاون والتوافق، بحيث يتشارك الجميع في تحمل المسؤوليات، لان استمرار تآكل جسم الدولة وتفشي الفساد فيه سيؤديان في نهاية المطاف الى انهيار السقف على رؤوس الكل، وأصلا لست أدري ما اذا كان قد بقي في الدولة ما يمكن نهبه».

ويؤكد فرنجية انه لن يلغي او يحجّم أحدا إذا وصل الى رئاسة الجمهورية، مضيفا: سأعطي كلا من خصمي وحليفي حقه وفق حجمه.

وهل تؤيد تعديل اتفاق الطائف؟

يشدد فرنجية على ان أي تعديل من هذا النوع يحتاج الى توافق وطني، منبها الى ان الامور التي تتم قسرا لا تصنع الاستقرار الحقيقي، ذلك ان من يشعر بعدم الرضى سيعود للانقضاض عليها بمجرد ان تتغير موازين القوى.